علي كوتشوك جوشمان- اتحاد الغرف التركية للمهندسين والمهندسين المعماريين ينتقد قناة إسطنبول بوصفها "كارثة" بيئية وحضرية يجب صرف النظر عنها. سازلبوسنا (تركيا)- عندما حاول سكان قرية سازلبوسنا التركية القريبة من مدينة إسطنبول حضور اجتماع عام عن خطة الحكومة لحفر قناة عرضها 400 متر عبر أراضيهم الزراعية منعتهم الشرطة. وستربط قناة إسطنبول التي ستقطع مسافة 45 كيلومترا بين المياه شمالي وجنوبي المدينة وستخفف من حركة المرور في مضيق البوسفور الممر العالمي الكبير للشحن. وستعيد القناة رسم خارطة إسطنبول إحدى كبرى المدن في أوروبا إذ ستحول شطرها الغربي إلى جزيرة. وشكك منتقدون بينهم اتحاد الغرف التركية للمهندسين والمهندسين المعماريين في تركيا في الحاجة إلى حفر القناة وحذروا من أن المشروع سيدمر موقعا أثريا قريبا من إسطنبول يعود تاريخه إلى 8500 عام وسيتسبب في ضرر بيئي واسع النطاق. أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أوائل مايو الجاري في مؤتمر لحزب العدالة والتنمية الحاكم في إسطنبول أن شق قناة إسطنبول الجديدة سيكون أول مشروع تنجزه تركيا خلال المرحلة الجديدة، في إشارة إلى مرحلة ما بعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية المرتقبة، وهو مشروع أطلقه منذ كان في منصب رئيس الوزراء عام 2011. لكن في الأثناء ورغم مزاعمه بأن هذا المشروع سينقل تركيا إلى مكانة كبيرة إلا أن أصواتا محلية تشكك في طموح أردوغان ومشاريعه الجنونية، وحذرت مما سينجم عنه من مخاطر بيئية كبيرة وصفتها بالكارثية. كما أبدت تخوفها مما سيسببه إنجاز هذه القناة من دمار للآثار وبالتالي الاعتداء على الحضارة والتاريخ ومن المقرر أن تصل تكلفة القناة إلى نحو 16 مليار دولار وهي من أبرز مشروعات البنية التحتية الطموحة للرئيس رجب طيب أردوغان الذي وصفه بأنه مشروعه “المجنون”. وعندما وصل القرويون الذين يصفون أنفسهم بأنهم مؤيدون لأردوغان إلى مكان الاجتماع بغرب إسطنبول في مارس الماضي أوقفهم أفراد شرطة مسلحين بالبنادق وأقنعة الغاز المسيل للدموع وأبلغوهم بأن القاعة تكدست ولا تسع المزيد. وكان الهدف من الاجتماع هو السماح للناس بالتعبير عن مخاوفهم ومعرفة المزيد عن المشروع. وعقد الاجتماع مع عمال قالوا لوكالة رويترز إنهم نقلوا في حافلات من موقع مشروع حكومي كبير آخر، وظل سكان القرية في الخارج وكانوا أكثر من مئة بقليل وبينهم نشطاء مدافعون عن البيئة لم يسمح لهم أيضا بالدخول. وقال أقطاي تيكيه وهو مسؤول محلي في سازلبوسنا “ينبغي أن يكون ملاك هذه الأراضي في الداخل”، وتابع “إذا جرت مصادرة أراض فستكون أراضينا. سنفقد منازلنا”. وشاهد مراسل من رويترز العشرات من الرجال يغادرون القاعة ويركبون حافلات بعد الاجتماع، وعند الاقتراب منهم قال ثلاثة رجال إنهم عمال في مشروع بناء مطار جديد ضخم في إسطنبول سيفتتح في أكتوبر القادم على الطرف الشمالي من القناة المزمعة. وقال أحد العمال طالبا عدم نشر اسمه “شارفت المشروعات في المطار على الانتهاء. هذه (القناة) فرصة عمل بالنسبة لنا”. وقال فاتح سانلاف، وهو متحدث باسم بلدية أرنافوتكاي إن “عددا محدودا من الناس تمكنوا من حضور الاجتماع”، ونفى نقل أي عمال في حافلات لملء القاعة. ويرى أردوغان أن القناة ستحد من الضغط على مضيق البوسفور وستحول دون وقوع الحوادث فيه، ويقول إن “المشروعات الكبرى” مثل ثالث مطارات إسطنبول تسهم بشكل كبير في الاقتصاد. لكن اتحاد الغرف التركية للمهندسين والمهندسين المعماريين انتقد القناة بوصفها “كارثة” بيئية وحضرية يجب صرف النظر عنها. ويعيش نحو 369 ألفا في المنطقة التي قد تتأثر بالقناة وفقا لمركز تحليل البيانات التركية وهو مؤسسة بحثية. قناة إسطنبول ستحد من الضغط على مضيق البوسفور.. سواء أرادوها أم لا… سنحفر القناة قناة إسطنبول ستحد من الضغط على مضيق البوسفور.. سواء أرادوها أم لا… سنحفر القناة وذكر الاتحاد أن القناة ستدمر مواقع أثرية حول بحيرة كوتشوك شكجمة تعود تاريخها إلى عام 6500 قبل الميلاد وتضم أقدم دليل على وجود الحيثيين في تراقية. وأضاف أن النظام البيئي للبحيرة والضروري للحيوانات البحرية والطيور المهاجرة سيدمر أيضا. وأشار الاتحاد أيضا إلى أن القناة ستدمر حوضين يزودان قرابة ثلث إسطنبول بالمياه العذبة، وستزيد ملوحة المياه الجوفية مما سيؤثر على أراض زراعية وصولا إلى منطقة تراقية المجاورة. وذكر الاتحاد أن مشروع القناة سيزيد أيضا مستويات الأكسجين في البحر الأسود وسيضر بالحياة البرية. وستبني تركيا ثلاث مجموعات من الجزر الصناعية قبالة الساحل في بحر مرمرة مستخدمة اليابسة التي سيجرى حفرها لشق القناة، لكن نشطاء في مجال الدفاع عن البيئة يقولون إن ذلك سيتسبب في تلوث. ولم ترد وزارة البيئة التركية على طلبات تعقيب. وكتب تيكيه المسؤول في سازلبوسنا خطابا إلى أردوغان ورئيس الوزراء والأجهزة الحكومية للمطالبة بالمزيد من المعلومات عما سيحدث لكن دون جدوى. ووعد أردوغان بطرح العطاء الخاص بمشروع القناة قريبا قائلا إن المشروع سينفذ بغض النظر عن أي شيء، وقال “سواء أرادوها أم لا… سنحفر قناة إسطنبول”. ويدير أردوغان مجموعة من مشاريع البنى التحتية في تركيا ولا سيما في مدنها الكبرى، إذ افتتح في السابق مشاريع قطارات الأنفاق، وأنفاقا طرقية تحت البوسفور، كما بنى جسرا ثالثا فوق المياه.
مشاركة :