دماء عشرات الفلسطينيين على «مذبح» نقـل السفارة الأميركية إلى القدس

  • 5/15/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

اندلعت مواجهات عنيفة على حدود إسرائيل مع قطاع غزة، أدت إلى مقتل ٥٣ فلسطينياً على الأقل، وإصابة المئات برصاص الجيش الإسرائيلي، قبل ساعات من تدشين الولايات المتحدة سفارتها في القدس لتحقق الوعد المثير للجدل الذي أطلقه الرئيس دونالد ترامب، رغم الاستنكار الدولي والغضب الفلسطيني. بينما كان الإسرائيليون يحتفلون بنقل الولايات المتحدة رسمياً سفارتها إلى القدس، أمس، في الذكرى الـ 70 لقيام دولة إسرائيل التي يعتبرها الفلسطينيون ذكرى النكبة، قُتل 53 فلسطينياً برصاص الجيش الإسرائيلي، كانوا يتظاهرون على الحدود بين قطاع غزة وإسرائيل احتجاجاً على الخطوة الأميركية، في ذروة «مسيرات العودة» التي نظمت بالقطاع على مدى شهر ونصف. تظاهرات الحدود وتجمع عشرات الآلاف عند الحدود، أمس، واقترب بعضهم من السياج الحدودي، الذي تعهد قادة إسرائيل بعدم تمكين الفلسطينيين من عبوره. وتصاعد الدخان الأسود فوق الحدود، نتيجة حرق المتظاهرين لإطارات السيارات، وردت اسرائيل بالرصاص الحي، مما اسفر عن مقتل هذا العدد من الضحايا. كما أعلن الجيش الاسرائيلي انه شن غارة جوية على «خمسة أهداف إرهابية في مخيم للتدريب العسكري التابع لحركة حماس»، شمال قطاع غزة. وأعلنت وزارة الصحة في غزة، أن من بين القتلى أحمد الرنتيسي، نجل القيادي البارز في حركة «حماس»، محمود الرنتيسي، وسبعة اطفال ومسعفاً ورجلاً مقعداً، مشيرة الى إصابة نحو 2000 بجروح. تدخل دولي وإضراب ودعت منظمة التحرير الفلسطينية إلى إضراب عام في الضفة الغربية وقطاع غزة اليوم، كما طالب الناطق باسم الحكومة الفلسطينية يوسف المحمود بـ»تدخل دولي فوري وعاجل لوقف المذبحة الرهيبة التي تقترفها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق أبناء شعبنا البطل»، في قطاع غزة. اجتماع عربي طارئ وبينما يعقد مجلس الجامعة العربية اجتماعا طارئا في شأن القدس غداً، على مستوى المندوبين الدائمين حمّل الأردن «إسرائيل كقوة قائمة بالاحتلال المسؤولية عن الجريمة التي ارتكبت في قطاع غزة»، ودان «استخدام اسرائيل للقوة المفرطة ضد ابناء الشعب الفلسطيني العزل الذين خرجوا للتعبير عن حقهم في العودة الى ديارهم»، كما دان الاعتراف الاميركي بالقدس عاصمة لاسرائيل، وأكد رفضه الخطوات احادية الجانب. وجدد العاهل المغربي، الذي يرأس لجنة القدس التابعة لمنظمة المؤتمر الإسلامي، رفضه الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها إليها. وأعربت وزارة الخارجية المصرية عن إدانتها الشديدة لاستهداف المدنيين الفلسطينيين العزل من جانب القوات الإسرائيلية. من ناحيته، قال الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط، إن افتتاح السفارة الأميركية في القدس «خطوة بالغة الخطورة»، معتبراً أن الإدارة الاميركية لا تدرك ابعادها. واستنكرت المجموعة الدولية، وفي مقدمها بريطانيا، أقرب حليف للولايات المتحدة، نقل السفارة الاميركية الى القدس، الذي سبق ان رفضته 128 دولة من اصل الدول الـ 193 الاعضاء في الامم المتحدة. وفي موسكو، أعرب الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن موسكو تخشى من أن القرار الاميركي سيثير المزيد من التوترات في المنطقة. ودانت وزيرة الخارجية في الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني «قتل عشرات الفلسطينيين، من بينهم أطفال»، ودعت «الجميع الى التصرف بأقصى درجات ضبط النفس، لتجنب مزيد من الخسائر في الأرواح». وفي باريس، قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان إن «فرنسا تدعو مجددا السلطات الإسرائيلية إلى التحلي بالفطنة وضبط النفس عند استخدام القوة التي يجب أن تكون متناسبة تماما». واعترض لو دريان على القرار الأميركي بنقل السفارة إلى القدس قائلا إنه «انتهاك للقانون الدولي، خصوصا قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة». وجدد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، في مؤتمر صحافي في مركز «تشاتام هاوس» للابحاث في لندن، رفض القرار الذي قال انه افقد الولايات المتحدة دور الوسيط في عملية السلام. وقال اردوغان: «نشعر وكأننا في الأيام المظلمة التي سبقت الحرب العالمية الثانية (1939-1945)». وصرّح الناطق باسم الحكومة التركية بكير بوزداغ، ان «الادارة الاميركية مسؤولة مثلها مثل الحكومة الاسرائيلية عن هذه المجزرة» في غزة. وأعرب الأمين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس عن «قلقه العميق». افتتاح السفارة وتزامنت أعمال العنف، مع افتتاح الولايات المتحدة رسميا سفارتها في القدس. وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب في رسالة مصورة تم بثها في مراسم الافتتاح في القدس إن «إسرائيل دولة ذات سيادة، ومن حقها اختيار عاصمتها». وأضاف: «اليوم نفتتح رسميا سفارة الولايات المتحدة في القدس. تهانينا! لقد مر وقت طويل». ووصف المدينة المتنازع عليها بأنها «العاصمة الحقيقية لإسرائيل، والعاصمة التي أقامها الشعب اليهودي منذ قديم الأزمنة. وهذا أمر مهم»، مضيفاً: «اليوم نحن نمضي في هذا الاعتراف ونفتتح سفارتنا على أرض القدس التاريخية والمقدسة، ونحن نفتحها متأخرين بسنوات وسنوات عن الموعد المحدد». ورغم ذلك، أكد ترامب أن الولايات المتحدة «ملتزمة بالكامل بتسهيل التوصل إلى اتفاق سلام دائم» في المنطقة، وقال إن «السلام هو هدفنا الأكبر». وتابع: «نمد يد الصداقة لإسرائيل والفلسطينيين ولكل جيرانهم». وفي وقت سابق، أشاد ترامب بنقل السفارة، معتبراً أن ذلك يشكل «يوما عظيما لاسرائيل». كوشنر وقال جاريد كوشنر، صهر الرئيس ومستشاره، وهو يهودي اضطلع بدور هام في ملف عملية السلام، خلال مراسم افتتاح السفارة، إن من الممكن أن يحقق طرفا الصراع الإٍسرائيلي - الفلسطيني مكاسب أكبر من أي تنازلات يقدمانها في أي اتفاق للسلام. وتحدث كوشنر: «نعتقد أنه من الممكن أن يحقق الجانبان مكاسب أكبر مما يقدمانه، حتى يتسنى لكل الناس العيش في سلام وبمأمن من الخطر، متحررين من الخوف وقادرين على تحقيق أحلامهم». وأضاف: «ينبغي أن تظل القدس مدينة تلم شمل الناس من كل الأديان». ودافع كوشنر عن قرار نقل السفارة، وقال: «في الوقت الذي تراجع الرؤساء قبل هذا الرئيس عن تعهدهم بنقل السفارة الأميركية، بمجرد توليهم منصبهم، فقد أوفى هو بوعده. لأنه عندما يقطع الرئيس ترامب وعدا فإنه يلتزم به». وتابع أن «افتتاح السفارة في القدس يظهر للعالم أن أميركا يمكن الوثوق بها». نتنياهو من ناحيته، أشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ»شجاعة» ترامب لوفائه بوعده المتعلق بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس. وقال بكلمته، في مراسم الافتتاح: «إنه يوم عظيم للقدس، تذكروا هذه اللحظة، يوم سيحفر في ذاكرتنا الوطنية لأجيال». وأضاف موجها خطابه لترامب: «الرئيس ترامب، باعترافك بالتاريخ صنعت أنت التاريخ... اليوم، سفارة أقوى دولة على الأرض، حليفتنا العظمى، الولايات المتحدة، اليوم سفارتها فُتحت هنا». وقال: «أشكرك لامتلاكك الشجاعة للوفاء بتعهداتك»، مضيفاً: «ليس لدينا أصدقاء أفضل منكم. أنتم تدعموننا وتدعمون القدس، وإن إسرائيل تتطلع إلى سلام مع جيرانها». واختتم كلمته قائلا إن القدس ستبقى «العاصمة الأبدية الموحدة لإسرائيل». وأزاحت إيفانكا، ابنة ترامب، يرافقها وزير الخزانة الأميركي ستيف منوشين، الستار عن شعار السفارة كإشارة رسمية لافتتاح المقر. وقالت إيفانكا: «نرحب بكم رسميا، وللمرة الأولى، في السفارة الأميركية هنا في القدس عاصمة إسرائيل». بومبيو وفي واشنطن، أكد وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو مجددا التزام الولايات المتحدة «بسلام عادل وشامل بين اسرائيل والفلسطينيين». ولم يشر البيان المقتضب لوزير الخارجية إلى عشرات القتلى الفلسطينيين برصاص الجيش الاسرائيلي. وقال بومبيو: «اليوم أنا فخور بالاحتفال بفتح سفارة الولايات المتحدة في اسرائيل بالقدس»، مضيفا: «أنا مسرور لأنني زرت اسرائيل خلال رحلتي الاولى الى الخارج، بصفتي وزيرا للخارجية» في نهاية إبريل، و«اتطلع للعودة اليها قريبا لزيارة سفارتنا الجديدة، وكذلك السفير ديفيد فريدمان». وتابع بومبيو: «نبقى مصممين على تشجيع سلام دائم وشامل بين إسرائيل والفلسطينيين»، دون مزيد من التوضيحات. عشراوي واعتبرت عضوة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حنان عشراوي، أن افتتاح السفارة الأميركية لدى إسرائيل في مدينة القدس بمنزلة «نكبة فلسطينية جديدة تحل بالشعب الفلسطيني، وبالعدالة الأممية، والشرعية الدولية». واعتبرت عشراوي أن «هذا الإجراء الأحادي يدلل على سيطرة منطق القوة والعنجهية، وسحق كل ما هو قانوني وإنساني». وأضافت أن «إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال وبدعم ومشاركة من الولايات المتحدة الأميركية، تمعن في مواصلة ظلمها التاريخي للشعب الفلسطيني، عبر ترسيخ مخططاتها المدروسة والمرتكزة على تهويد الحيز والمكان الفلسطيني وسرقة الأرض، والتاريخ والرواية، والثقافة الفلسطينية». وأكدت أن ما يجرى في القدس «انتهاك قانوني وأخلاقي وسياسي، وسرقة متعمدة ومقصودة للحقوق الفلسطينية المشروعة والمكفولة بالقانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية، التي كفلت تجسيد قيام دولة فلسطين على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية». ودعت المسؤولة الفلسطينية إلى «عمل جمعي متعدد الأطرف الدولية لتطبيق حل دائم لمسألة اللاجئين الفلسطينيين، وفقا للقانون الدولي، عبر تفعيل القرار 194».

مشاركة :