لماذا فاز الصدر بالانتخابات؟ وهل خسرت إيران؟

  • 5/15/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

محرر الشؤون العربية | قبل يومين كتب الباحث ثناسيس كامبانيس مقالا في صحيفة نيويورك تايمز، تحدّث فيه عن فرص رجل الدين الشيعي البارز مقتدى الصدر لإخراج العراق من فخ الطائفية، مشيرا الى انه يقود تحوّلاً مشجّعاً قد يخرج السياسيين العراقيين من عاداتهم الطائفية. وأظهرت نتائج أولية غير رسمية لنتائج الانتخابات البرلمانية، أمس، تصدر تحالف «سائرون» بزعامة الصدر، المتحالف مع الحزب الشيوعي، أعقبه تحالف «الفتح» برئاسة هادي العامري، الذي يضم الحشد الشعبي، ثم تحالف النصر الذي يقوده رئيس الوزراء حيدر العبادي. صفعة قوية وهذه النتائج تؤشّر الى ان العراقيين وجّهوا صفعة قوية إلى الطبقة السياسية المهيمنة على السلطة منذ 15 عاما، من خلال اختيار قائمتين مناهضتين للتركيبة السياسية الحالية ووضعهما في مقدمة الانتخابات التشريعية. واحتل كل من الصدر والعامري، الصدارة في 4 من 10 محافظات، تم فرز الأصوات فيها، لكن كتلة الصدر حصلت بشكل ملحوظ على أصوات أكثر في بغداد، التي تحظى بأكبر عدد من المقاعد (71 مقعدا) وفي النجف، التي تمثّل المرجعية الشيعية. وفوز الصدر يعبّر عن نقمة العراقيين على فساد الحكومات المتعاقبة التي جعلت من العراق من بين أكثر الدول فسادا في العالم، فالصدر الذي يتحدر من عائلة شيعية بارزة معروفة منذ 40 عاما، وكان قائدا سابقا لفصيل قاتل الوجود الأميركي في العراق وضع نفسه في مقدمة مكافحة «الفاسدين»، من أجل دولة مواطنة و«الإصلاح». الحزب الشيوعي قام الصدر في صيف 2015 بتحوّل تاريخي، فاتحد مع الحزب الشيوعي العراقي وجمعيات المجتمع المدني العلمانية، التي كانت تتظاهر ضد فشل الحكومة في توفير الأمن ضد تنظيم داعش أو حتى أساسيات الحياة، بما في ذلك الوظائف والكهرباء، وطالب هذا التحالف الجديد بنهاية للفساد وظل ينظم لسنوات تظاهرات مليونية في بغداد. كما حيّد الصدر «سرايا السلام» عن الاقتتال الداخلي في العراق، ووضعها في خدمة التظاهرات السلمية المطالبة بالتغيير ومحاسبة الفاسدين، مما زاد رصيده. شعبية كبيرة ويحظى الصدر بشعبية كبيرة بين الشبان والفقراء والمعدمين، ويستمد قدرا كبيرا من سطوته من أسرته. فوالده محمد صادق الصدر قُتل عام 1999 لمعارضته صدام حسين. كما قتل صدام ابن عم والده محمد باقر الصدر عام 1980. ويرى مراقبون أن دعوة رجل الدين العراقي علي السيستاني للناخبين بنبذ المرشحين الفاسدين كانت إشارة ضمنية لدعم «سائرون». ماذا عن إيران؟ بعد ظهور نتائج الانتخابات في لبنان، التي أظهرت فوز حزب الله وحلفائه بالغالبية النيابية، خرج علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي مهللا بما وصفه بـ «انتصار حزب الله»، داعيا الى انتظار رسالة اخرى من صناديق الانتخابات العراقية. لكن ما جرى في العراق بدا بعيدا كليا عما تريده ايران، وذهب البعض الى القول إن النتائج تعدّ نكسة لايران، وبدا لافتا ان انصار الصدر خرجوا الى وسط بغداد، مساء أول من أمس، وهتفوا: «بغداد حرة حرة! إيران برا برا!». لم تكن علاقة الصدر بايران على النمط الذي تفضلّه طهران في تعاملها مع الجماعات التابعة لها في الدول العربية، اي كذراع من فيلق القدس، التابع للحرس الثوري بقيادة الجنرال قاسم سليماني. فالصدر واحد من قادة شيعة عراقيين قلائل أبقوا مسافة بينهم وبين إيران، ودعا الحكومة العراقية العام الماضي إلى تفكيك قوات الحشد الشعبي، التي تدعمها إيران، ولطالما اعلن تمسكه بعروبة العراق، كما ان انصاره عبّروا اكثر من مرة عن رفضهم التغوّل الايراني في الشأن العراقي الداخلي. دعم اقليمي وسعى الصدر إلى توسيع قاعدة دعمه الإقليمي في مؤشر جديد على الاستقلالية عن إيران، حيث زار السعودية. وجاءت زيارته تزامنا مع تقارب السلطات في بغداد من الجارة الكبيرة. كما دعا الصدر الرئيس السوري بشار الأسد إلى «اتخاذ قرار تاريخي بطولي» بالتنحّي عن السلطة، ليجنّب بلاده المزيد من سفك الدماء. يبقى ان اهم النتائج التي أفرزتها الانتخابات العراقية، التي تعطي الامل بمستقبل افضل للعراق، هو ان الفائز في الانتخابات استطاع ان يحقق انتصاره عبر تحالف غير طائفي سيساعد في التوجه نحو المزيد من التعددية والتسامح اللذين افتقدهما العراق سنوات طويلة، فالبعض كان يخشى من ان فوز حلفاء ايران كان سيكرّس ويعزّز مشاعر الطائفية في البلاد، وجاءت النتائج بردا وسلاما، لكون الطرف الذي انتصر دائما ما دعا الى الانفتاح على الآخر في العراق وبناء أفضل العلاقات مع المحيط العربي.

مشاركة :