يعقد مجلس الأمن، اليوم الثلاثاء، جلسة طارئة مفتوحة حول الأوضاع المتردية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فيما عبَّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن «قلقه البالغ» مما وصفه بأنه «تصعيد حاد» في أعمال العنف وارتفاع عدد القتلى والجرحى الفلسطينيين في احتجاجات غزة.ومع توارد الأنباء عن سقوط عدد كبير من الضحايا الفلسطينيين بنيران القوات الإسرائيلية قرب الحدود مع غزة، عقدت المجموعة العربية اجتماعاً أمس الاثنين، مع رئيسة مجلس الأمن للشهر الحالي المندوبة البولندية الدائمة لدى الأمم المتحدة جوانا فرونيتسكا، شارك فيه كل من المندوب الكويتي منصور العتيبي الذي تتولى بلاده حالياً المقعد العربي في مجلس الأمن، والمندوب السعودي عبد الله بن يحيى المعلمي الذي تتولى بلاده رئاسة المجموعة العربية، وسفير جامعة الدول العربية ماجد عبد العزيز، والمندوب الفلسطيني رياض منصور، وطلبوا خلاله عقد الجلسة الطارئة المفتوحة التي تَحَدد موعدها صباح اليوم.وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر دبلوماسية، أن البعثة الكويتية قدمت مشروع بيان لإقراره في مجلس الأمن بحلول الساعة السادسة مساء الاثنين بتوقيت نيويورك، من دون أن يتضح على الفور موقف الجانب الأميركي الذي عطل سابقاً مشروع بيان مشابهاً يندد بالقمع الإسرائيلي العنيف للمظاهرات السلمية الفلسطينية، ويطالب بإجراء تحقيق مستقل وشفاف في الاعتداءات الإسرائيلية.وجاء في نص المشروع الذي اقترحته الكويت، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن «مجلس الأمن يعبّر عن قلقه البالغ من التطورات الأخيرة في الأراضي الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، لا سيما في سياق الاحتجاجات السلمية في قطاع غزة والخسائر المأسوية لأرواح المدنيين». ويبدي «غضبه وأسفه لمقتل المدنيين الفلسطينيين الذين يمارسون حقهم في الاحتجاج السلمي»، داعياً إلى «إجراء تحقيق مستقل وشفاف في هذه الإجراءات لضمان المساءلة». ويطالب بـ«احترام القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك ما يتعلق بحماية المدنيين وحظر الاستخدام غير القانوني للقوة والقتل العمد، وتعمد التسبب في معاناة كبيرة أو إصابة خطيرة للجسم أو الصحة». ويدعو الدول الأعضاء إلى «تكثيف الجهود لإنهاء إغلاق غزة بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن 1860». ويدعو إلى «توفير مساعدة إنسانية فورية للسكان المدنيين الفلسطينيين في غزة لتلبية الحاجات العاجلة والتخفيف من حدة الأزمة الإنسانية المأسوية هناك». ويحض «كلَّ الأطراف على التحلي بضبط النفس بغية تفادي مزيد من التصعيد وإقرار الهدوء»، داعياً «كل الدول إلى عدم اتخاذ أي خطوات تزيد من تفاقم الحالة، بما في ذلك أي تدابير أحادية وغير قانونية تقوض احتمالات السلام».وبموجب النص، يؤكد مجلس الأمن أن «أي قرارات أو تصرفات من شأنها أن تغيّر طابع مدينة القدس المقدسة أو مركزها الديموغرافي أو تكوينها الديموغرافي ليس لها أي أثر قانوني، وهي لاغية وباطلة ويجب إلغاؤها وفقاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة»، مع مطالبة «كل الدول بالامتثال لقرارات مجلس الأمن المتعلقة بالمدينة المقدسة في القدس، بما في ذلك قرار مجلس الأمن 478 لعام 1980 وقرار مجلس الأمن الرقم 2334 لعام 2016، وعدم الاعتراف بأي إجراءات مخالفة لتلك القرارات». ويشدد على «أهمية التوصل إلى سلام عادل ودائم وشامل في الشرق الأوسط، عبر حل الدولتين على أساس قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ومرجعيات مؤتمر مدريد، بما في ذلك مبدأ الأرض مقابل السلام، ومبادرة السلام العربية وخريطة الطريق للرباعية من أجل السلام والأمن الدوليين».وقبيل الاجتماع مع رئاسة مجلس الأمن، وصف منصور العتيبي ما يحصل في غزة بأنه «مجزرة»، موضحاً أن القوات الإسرائيلية «تستخدم قوة نارية هائلة ضد المدنيين الذين يتظاهرون بطريقة سلمية». وإذ ندد بهذه الأعمال «بأشد العبارات الممكنة»، طالب بـ«وقف هذه الأعمال فوراً وإحالة المسؤولين عنها من الجانب الإسرائيلي إلى العدالة لأن ما يحصل غير مسموح بموجب القانون الدولي». وكذلك طالب بـ«الحماية الدولية للسكان المدنيين، لأن إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، تخلّت عن مسؤوليتها في هذا الصدد». وقال إن هذه الأحداث تقع بينما «تقوم الولايات المتحدة بصورة استفزازية وأحادية وغير قانونية بفتح سفارتها» في القدس، مضيفاً أنه «من المأسوي أنهم يحتفلون بعمل غير قانوني، فيما تقوم إسرائيل بقتل وجرح الآلاف من المدنيين الفلسطينيين». وقال أيضاً: «سنستخدم كل حقوقنا المتاحة في مجلس الأمن، ونحن ننسق حالياً من أجل عقد اجتماع طارئ في المجلس خلال الـ24 ساعة المقبلة». وإذ أشاد بنتائج «قمة القدس» في المملكة العربية السعودية، أكد أن «العرب لم يبخلوا علينا. ونأمل أن يفعلوا أكثر من خلال الضغط على كل الذين يتسببون في هذه المذبحة» في غزة.وكذلك ندد العتيبي بما يحصل في غزة، مؤكداً أن الكويت ستسعى إلى إصدار رد فعل من مجلس الأمن.إلى ذلك، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة عن «قلقه العميق» حيال الوضع في غزة. وقال: «نشهد تصعيداً في النزاعات (....). أشعر بالقلق الشديد للأحداث في غزة مع سقوط عدد مرتفع من القتلى».وأفاد غوتيريش لاحقاً، في بيان تلاه الناطق باسمه فرحان حق، بأنه «يشعر بقلق بالغ من التصعيد الحاد في أعمال العنف في الأرض الفلسطينية المحتلة وارتفاع عدد الفلسطينيين الذين قُتلوا أو جُرحوا في احتجاجات غزة». وقال إنه «يجب على قوات الأمن الإسرائيلية ممارسة أقصى درجات ضبط النفس في الاستخدام الحي لإطلاق النار». ورأى في المقابل أنه «يقع على عاتق (حماس) وقادة المظاهرات مسؤولية منع كل أعمال العنف والاستفزازات». وأضاف أنه «مع تزايد التوترات وتوقع المزيد من المظاهرات في الأيام المقبلة، يتحتم أن يبدي الجميع أقصى درجات ضبط النفس لتجنب المزيد من الخسائر في الأرواح، بما في ذلك ضمان عدم تعريض جميع المدنيين، خصوصاً الأطفال، للضرر». وأفاد بأن «المستشفيات تشير إلى أنه قد جرى بالفعل استنفاد الإمدادات الطبية الأساسية والأدوية والمعدات»، مضيفاً أن «هناك حاجة ملحة إلى التمويل الإنساني وتحسين الوصول لتلبية هذه الحاجات وغيرها من الحاجات الموجودة أو الناشئة». وأكد أن العنف المتواصل «يبرز الحاجة الملحة إلى التوصل لحل سياسي»، مجدداً القول إنه «لا يوجد بديل قابل للحل عن حل الدولتين، حيث تعيش فلسطين وإسرائيل جنباً إلى جنب بسلام، ولكل منهما عاصمته في القدس».
مشاركة :