قالت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق إن رجل الدين الشيعي البارز مقتدى الصدر، المناهض منذ فترة طويلة للولايات المتحدة، متقدم في الانتخابات البرلمانية بعد فرز أكثر من نصف الأصوات اليوم (الاثنين) في عودة مفاجئة للصدر الذي همشه منافسون تدعمهم إيران، فيما دعا العبادي كل الكتل السياسية اليوم إلى احترام نتائج الانتخابات البرلمانية، مشيراً إلى أنه مستعد للعمل مع الكتل الفائزة لتشكيل حكومة خالية من الفساد. وقال العبادي في خطاب تلفزيوني على الهواء إنه مستعد للعمل والتعاون في تشكيل أقوى حكومة للعراق خالية من الفساد. وفي الانتخابات الأولى منذ هزيمة تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) في العراق، جاءت في المركز الثاني كتلة هادي العامري وهو قائد فصيل شيعي رئيس مدعوم من إيران. وجاء رئيس الوزراء حيدر العبادي في المركز الثالث على رغم أنه خاض الانتخابات باعتباره المرشح الأوفر حظاً. واستندت النتائج الأولية إلى فرز أكثر من 95 في المئة من الأصوات في عشر من محافظات العراق وعددها 18. وبعكس العبادي، الذي نجح في التحالف مع كل من الولايات المتحدة وإيران وهو أمر نادر، فإن الصدر خصم للبلدين اللذين يحظيان بنفوذ كبير في العراق منذ الغزو الأميركي الذي أطاح صدام حسين وأوصل الغالبية الشيعية إلى الحكم. وقاد الصدر انتفاضتين ضد القوات الأميركية في العراق وهو من الزعماء الشيعة القلائل الذين نأوا بأنفسهم عن إيران. ويقدم الصدر نفسه على أنه وطني عراقي ويحظي بشعبية كبيرة بين الشباب والفقراء والمعدمين، لكنه تعرض للتهميش من قبل شخصيات نافذة مدعومة من إيران. وليس بوسعه تولي منصب رئيس الوزراء لأنه لم يخض الانتخابات على رغم أن فوزه الواضح يضعه في موقع يسمح له باختيار شخص لهذا المنصب. ولكن حتى حينها قد لا تتمكن كتلته بالضرورة من تشكيل الحكومة المقبلة إذ يتعين على الفائز بأكبر عدد من المقاعد، أيا كان، التفاوض لتشكيل حكومة ائتلافية كي يحظي بغالبية برلمانية. ويجب تشكيل الحكومة خلال 90 يوماً من إعلان النتائج الرسمية. وكانت الانتخابات التي جرت يوم السبت الأولى منذ هزيمة «داعش» واستعادة معقلها الرئيس في الموصل العام الماضي. وكان التنظيم اجتاح ثلث أراضي العراق في 2014. وذكرت المفوضية أن نسبة الإقبال على التصويت بلغت 44.52 في المئة مع فرز 92 في المئة من الأصوات، أي أنها أقل بكثير مما كانت عليه في الانتخابات السابقة. ومن المتوقع إعلان النتائج الرسمية النهائية لاحقاً اليوم الاثنين. وأظهرت وثيقة قدمها مرشح في بغداد إلى «رويترز»، تداولها أيضاً صحافيون ومحللون، نتائج الاقتراع في جميع المحافظات، والتي أظهرت فوز كتلة الصدر بالتصويت الشعبي على مستوى البلاد بحصولها على أكثر من 1.3 مليون صوت و54 من مقاعد البرلمان وعددها 329 مقعداً. وكانت نتائج جزئية أظهرت ليلة (الأحد – الاثنين) تقدم قائمتي الصدر وفصائل «الحشد الشعبي»، بفارق كبير عن رئيس الوزراء حيدر العبادي. ولا تشمل النتائج تصويت القوات الأمنية والمغتربين والنازحين، الذين يمكنهم تغيير المعطيات بعد فرز أصواتهم. وحل تحالف «سائرون» الذي يجمع الصدر والحزب الشيوعي على أساس مكافحة الفساد، في المرتبة الأولى في ست محافظات من أصل 18، وثانيا في أربع أخرى اثر الانتخابات التي جرت السبت الماضي. وتجمع أنصارهم الذين يتظاهرون أسبوعيا ضد الفساد منذ العام 2015، حاملين صور الصدر ومطلقين الألعاب النارية في وسط بغداد للاحتفال بـ «النصر على الفاسدين والمرحلة الجديدة للشعب العراقي»، وفق ما قال زيد الزاملي (33 عاما). وأكدت المرشحة عن «سائرون» جبرة الطائي أن «انتصار سائرون ليس صدفة، بل جاء لرفض الفساد والفاسدين». أما تحالف «الفتح»، الذي يضم فصائل «الحشد الشعبي» التي لعبت دورا حاسما في دعم القوات الأمنية لدحر تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، فحل أولا في أربع محافظات، وثانيا في ثمان أخرى. وبالنسبة إلى العبادي، المدعوم من التحالف الدولي، حل خلف «الفتح» و«سائرون» في جميع المحافظات، ما عدا نينوى، وكبرى مدنها الموصل التي أعلن العبادي «تحريرها» في تموز (يوليو) الماضي. في وقت سابق، أشار الكثير من المسؤولين السياسيين إلى أن العبادي سيحتل المرتبة الأولى بحوالى 60 مقعدا في البرلمان. ومع ذلك، يمكن لتلك الأرقام أن تتغير، إذ أن تعداد الأصوات لا يشمل أصوات حوالى700 ألف عنصر من القوات الأمنية العراقية، إضافة إلى أصوات حوالى مليون مغترب عراقي. وأعلنت المفوضية العليا للانتخابات أن نسبة المشاركة في الاقتراع بلغت 44.52 في المئة، وهي الأدنى منذ بدء الانتخابات متعددة الأحزاب في العام 2005.
مشاركة :