هل أصبحت النوفيلا شكلا سرديا مستقلا؟ ربما.. لكن المُطالع للكتابات الكثيرة التى أنجزها الأدباء قديما وحديثا يجد ذخيرة هائلة ولامعة تكفى لتشكيل أرضيته واستقلاليته، وقد اختلفت التعريفات حولها إلا أنها تظل فنا سرديا خياليا له بناؤه الخاص أكبر من القصة القصيرة، وأصغر من الرواية، وكثيرا ما يتم الخلط بينها وبين الرواية القصيرة. ثمة مقولات تحاول تقنين تلك السردية الخاصة بإطلاق بعض التوصيفات والسمات المختلفة لإدخاله علبة التصنيفات الفنية التى يحرص عليها دائما أصحاب المناهج النقدية، وتدور تلك المقولات حول تفسير الظاهرة واستقراء أشكالها، ومعرفة غرضها ووظيفتها الأدبية، لكنها تبقى قراءات قليلة غير جديرة بتقعيد الفن عبر شكلها النوعى والجمالي. وتجد النوفيلا تعنتا كبيرا فى منحها الجوائز، فهى تسبب إشكاليات كبيرة أمام اللجان المحكمة التى تستبعدها؛ لكونها لا تقع تحت تصنيف الرواية أو القصة القصيرة، والمُتابع للجوائز يجدها من نوعية الروايات الكبيرة والضخمة مبتعدة عن تلك النوفيلات المشارِكة، بالإضافة لابتعاد الكتابات النقدية عنها، بل واعتبارها البعض تراجعا أدبيا، فهى كتابة لم تثمر قصة قصيرة أو رواية، وكاتبها تنقصه القدرة على التكثيف لخلق قصة، أو القدرة على خلق شخصيات درامية متصارعة ومنتجة لحدث يشمل عملا كبيرا واحدا. ويحفل تاريخ الرواية العالمية بأعمال تعتبر مثالا بارزا على النوفيلا مثل «عن الرجال والفئران» لجون شتاينبيك، و«المسخ» لفرانز كافكا، و«مزرعة الحيوان» لجورج أرويل، و«االعجوز والبحر» لإيرنست هيمنجواي، و"إدوارد والرب" لميلان كونديرا، و"المعطف" لجوجول.
مشاركة :