«الأمل» فاتورة مدفوعة مقدما في حوادث شوارع الخرطوم

  • 11/30/2014
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

«أولاد شارع الحوادث» في السودان هم حديث المجتمع السوداني في الآونة الأخيرة حيث كون عدد من الشبان والفتيات السودانيين ممن نذروا أنفسهم للعمل التطوعي مبادرة سموها أولاد شارع الحوادث للمساهمة في علاج المرضى من الأطفال الذين يعجز ذووهم عن دفع فواتير علاجهم أو شراء الدواء لهم في بادرة جميلة وفريدة. المبادرة بدأت بـ10 شباب والحديث للشاب يوسف هندوسا أحد مؤسسي «أولاد شارع الحوادث» إنهم «لاحظوا عدم قدرة كثير من السودانيين على شراء الدواء لأطفالهم وخصوصا مرضى مستشفى جعفر ابن عوف الموجود في شارع الحوادث فبدأ كل فرد منا بطلب تبرعات على صفحته الشخصية في (فيسبوك) بعد كتابة الوضع الطبي لطفل ونوع الدواء الذي يحتاج إليه وعدد الجرعات والمفاجئة كانت الاستجابة سريعة من الناس وفي عام 2012 قمنا بعمل صفحة تحمل اسم أولاد شارع الحوادث وأصبح هذا الموقع البداية الحقيقية للمنظمة لاستقطاب الدعم وبعدها بدأ يزداد عدد المتطوعين وأبدوا الرغبة في مشاركة فعلية بأنفسهم حتى وصلنا الآن إلى المئات من الشباب والشابات وأكثر من 15 ولاية غير ولاية الخرطوم». يكمل هندوسا قائلا: إن «اللافت للنظر أن معظم المؤسسين للمبادرة لم يكونوا أطباء، لكن بعد ذلك انضم عدد منهم بالإضافة إلى شباب من مختلف التخصصات وعدد مقدر من الأمهات». بفعل ارتفاع عدد المتطوعين وزيادة التبرعات كان لا بد من تنظيم العمل بشكل جيد هذا ما يوضحه كمال معز المسؤول الإعلامي لمبادرة «أولاد شارع الحوادث» قائلا: «قمنا بعمل هيكل إداري يشمل مكتبا إعلاميا ومكتبا ماليا وآخر لشؤون العضوية، وتم تقسيم العمل على فترتين في الفترة الصباحية من الساعة العاشرة حتى الخامسة عصرا، ثم يمتد حتى العاشرة ليلا ويكون هناك شخص مناوب حتى الفجر بعد هذا الترتيب والتنظيم لاحظنا أن المصروفات الإدارية منعدمة تماما». يؤكد كمال معز أن هذا التنظيم الإداري مكنهم من عمل برنامج كبير في الساحة الخضراء تحت مسمى «إحنا لسه بخير» في مايو (أيار) 2013، وكان لها أثر طيب في نفوس كل الناس. ويشير كمال معز إلى أن مقال الكاتب السوداني الساخر الفاتح جبرا، في إحدى الصحف السودانية، أسهم كثيرا في دعم المبادرة وجعلها تحت دائرة الضوء الإعلامي وأحدث نقطة تغيير وجلب الكثير من المتطوعين، ولفت نظر حتى الجهات الرسمية وكثير من القنوات الفضائية العربية. وعن آلية عمل المبادرة تقول سلافة سيف الدين (من مؤسسي المبادرة) نحن نؤمن إنه «أينما وجد طفل محتاج يجب أن نوجد أولا لذلك يتعاون معنا بعض الأطباء في المستشفيات ويخطروننا بوجود حالة لطفل مريض لا يتمكن ذووه من علاجه وفي وضع طوارئ فنقوم بمعرفة المطلوب سواء من فحوصات طبية أو تبرع بدم أو جرعة من أدوية معينة ونقوم بنشر الحالة على صفحة (أولاد شارع الحوادث) ونترك رقم هاتف الشخص المناوب». وتضيف سيف الدين «دهشنا بسرعة الاستجابة حتى إنه في إحدى المرات وصلتنا زجاجة دم لمتبرع سوداني محمولة جوا لطفل محتاج لفصيلة نادرة ذهب المتبرع إلى المستشفى في بلد اغترابه ووضع الدم في براد صغير واتصل بالمناوب وأخبره أن يذهب إلى مطار الخرطوم لاستلام تبرعه. الكثير من الحكايات علمتنا أننا ما زلنا بخير نستغل طاقاتنا من أجل الإبداع والتفنن في التحايل على قسوة الزمن وزرع البسمة في وجوه أهلنا الطيبين. من بين الحكايات أيضا يأتي الكثيرون بسيارات مظللة حتى لا نعرفهم ويتبرعون بمبالغ مالية كبيرة». تحدد سلافة سيف الدين نوعية الخدمات التي تقدمها المبادرة قائلة: «لا نقوم بعمل عمليات جراحية كبرى لأنها أسعارها مرتفعة جدا، لذلك نقوم بتوفير الأدوية وبعمل جميع الفحوصات الطبية مهما كلفت وعمل نداءات للتبرع بالدم ومحاولة تقديم هذه الخدمات لأكبر عدد من الأطفال المحتاجين. ونعتمد على رزق اليوم باليوم ونعمل على أن نكون حلقة وصل بين المحتاجين والداعمين». توجد طرق كثيرة لدعم المبادرة والحديث لسلافة سيف «بعض الجهات مثل المسرحيين السودانيين قاموا بدعم المبادرة بعائد يوم من مسرحية (رجال آخر زمن) والبالغ 20 مليون جنيه سوداني، وقمنا أيضا بتلبية دعوات لمشاركة في معارض اجتماعية خاصة معرض المسؤولية الاجتماعية وعمل بازارات تعود لصالح المبادرة». تقول سلافة سيف إن «من أهم إنجازات المبادرة غرفة العناية المكثفة بمستشفى محمد الأمين حامد في أم درمان سعتها 7 أسرة وهي أول غرفة عناية بمواصفات عالمية في مستشفى حكومي بتكلفة ملياري جنيه سوداني وشراء جهاز صاعق كهربائي بتكلفة 48 مليون جنيه سوداني وعربة إسعاف بتكلفة 80 مليون مع مجموعة صديقة بالإضافة إلى جهازي تنفس صناعي وهما منقذان للحياة بتكلفة 280 مليون جنيه سوداني. التنظيم لكل هذه الإنجازات والعمل اليومي لرعاية مئات الأطفال المرضي يتم تحت شجرة وبجانب سيدة كريمة تبيع الشاي في شارع الحوادث يحضر إليهم الداعمون يحملون مظاريف تختلف ألوانها وما تحتويه حينما يسألون من أين عرفوا عن المبادرة تأتي الإجابات مختلفة من صديق من قناة فضائية عربية من وسائل التواصل الاجتماعي». تلك هي طريقة شباب مبادرة «أولاد شارع الحوادث» في مواجهة الفقر والعجز للشرائح الضعيفة في المجتمع عملا وبناء وعلاج آثار ما يتركه العوز. هؤلاء الشباب يمثلون الوجه المليء بالخير والأمل وجيل مفعم بالطموح. الإحصائيات تشير إلى أن أكثر من 50 في المائة من السودانيين هم شباب. ويذكر أن شارع الحوادث في الخرطوم من أشهر شوارع العاصمة السودانية حيث يوجد به أكبر تجمع لمستشفيات منذ الاحتلال الإنجليزي للسودان تتراص على جانبيه مستشفيات خاصة وحكومية على امتداد الشارع يقدر بكيلومتر وعرضه 15 مترا. يشهد هذا الشارع تدفق الآلاف من المرضى يوميا والكثير من صور الإنسانية.

مشاركة :