إسلام أباد - أثار رئيس الوزراء الباكستاني السابق نواز شريف، الاثنين، انتقادات في بلاده بعد أن رجّح وقوف مسلحين من باكستان خلف اعتداءات بومباي الدامية في العام 2008، ما دفع مجلس الأمن القومي الباكستاني إلى انتقاد تصريحاته. واقترب شريف مما يعتبر خطا أحمر في بلاده بانتقاده الجيش الواسع النفوذ، وذلك في مقابلة مع صحيفة “داون” نشرت نهاية الأسبوع الماضي. وقال شريف في حوار للصحيفة الناطقة بالإنكليزية إن “منظمات المسلحين نشطة، هل يمكن اعتبارهم أطرافا غير حكوميين، هل ينبغي أن نسمح لهم بعبور الحدود وقتل 150 شخصا في بومباي؟ اشرحوا ذلك لي، لماذا لا نستطيع إكمال المحاكمة؟”، في إشارة إلى المحاكمة المتعثرة بحق عدد من المشتبه بهم في الاعتداءات غير المسبوقة. وأسفرت اعتداءات بومباي عن سقوط 166 قتيلا ووضعت الهند وباكستان الغريمين النوويين على حافة الحرب، حيث تواجه جماعة “عسكر طيبة” الباكستانية اتهامات بالتخطيط لاعتداءات بومباي. وبثت التلفزيونات آنذاك مشاهد حية لفرق كوماندوس هندية تطارد مسلحين مدججين بالسلاح، شنّوا طوال ثلاثة أيام، اعتداءات بقنابل وقتلوا مدنيين في أرجاء المدينة الساحلية التي وصلوا إليها بحرا. وقالت الهند مرارا إن لديها أدلة على تورط “هيئات رسمية” في باكستان في الاعتداءات، لكن إسلام أباد نفت هذه الاتهامات. وندد سياسيون باكستانيون بالتصريحات “غير الوطنية” لشريف، في حين أبرز الإعلام الهندي التصريحات التي اعتبرها “اعترافا” بالدور الباكستاني الرسمي في الاعتداءات. وإثر نشر المقابلة، قرر مجلس الأمن الوطني الباكستاني، المؤلف من كبار قادة الجيش، الاجتماع لمناقشة تصريحات شريف. وقال المجلس في بيان على إن “المشاركين يرفضون بالإجماع هذه المزاعم ويدينون التصريحات المغلوطة”. وبعد ساعات من اجتماع مجلس الأمن الوطني، عاد شريف ليكرر موقفه، مشيرا إلى أن باكستان تعرضت لعزلة بسبب سمعتها. وقال أمام آلاف من أنصاره في ولاية بونير في شمال غرب البلاد “يتم وصفي بالخائن لأنني أهتم بأمر باكستان، قلت إن باكستان معزولة دوليا وأقول ذلك لأنني شعرت به”. وكانت المحكمة العليا في باكستان قد أصدرت قرارا بمنع رئيس الوزراء السابق نواز شريف من المشاركة في العمل السياسي مدى الحياة، فيما تستعد البلاد لانتخابات تشريعية في وقت لاحق هذا العام. ويرى مراقبون أن قرار المحكمة سيحدد الاتجاه السياسي للدولة ذات الأغلبية المسلمة، التي يبلغ عدد سكانها 224 مليون نسمة، فيما اعتبر المحلل فيدا خان أن “نهاية مسيرة شريف ستعطي الجيش المزيد من القوة للسيطرة على البلاد من خلال مناورات من وراء الكواليس”. وشكلت تصريحات شريف مزيدا من الضغوط على الجيش، الذي يواجه حركة تمرد في منطقة القبائل على الحدود مع أفغانستان، ويتهم زعماء القبائل قيادة الجيش بدعم حركة طالبان في أفغانستان.
مشاركة :