المحيلان... رحل. فقد فقدت الكويت أمس الإعلامي القدير عبدالله المحيلان، الذي نعاه وزير الإعلام وزير الدولة لشؤون الشباب محمد الجبري، واصفاً رحيله بـ «الخسارة الكبيرة للأسرة الإعلامية الكويتية والخليجية التي طالما أسهم بإبداعاته الفنية والإعلامية في إثرائها عشرات السنين». وكان المحيلان قد غيّبه الموت صباح أمس عن عمر يناهز 74 عاماً، ليُسدل الستار على صراعه مع المرض، حيث احتشد لتشييعه عصراً، في مقبرة الصليبخات، جمْع غفير من أصدقائه ومحبيه ومتابعيه، الذين سيظلون يتذكرون أنه كان عاشقاً للكاميرا والمايكروفون، وأنه ترك خلفه أرشيفاً متخماً بالأعمال الإعلامية الكبيرة التي سستبقى زمناً طويلاً آتياً. وبرحيل المحيلان فقدت الساحة الإعلامية أحد مثقفيها الكبار، الذي يتذكره جمهوره بسلسلة طويلة الحلقات من الأعمال التي حققت نجاحات عالية وجماهيرية عريضة، ولاقت نجاحاً تلو نجاح منذ بداياته إلى أن سطع نجمه الفني، حيث كان متعدد المواهب في مجالات الرسم والسينما والتقديم... ومن ضمن ما قدمه الإعلامي الفقيد «استراحة خميس»، «مذكرات بحار»، وكذلك «الماضي الجميل»، وبرنامج «المحيلان» المنوع، وأيضا «شبكة التلفزيون»، حيث كان للراحل أثره الكبير في الفن الكويتي ومكتبة تلفزيون وإذاعة الكويت من خلال ما قدمه... وكان يتميز دائماً بصوته الشجي، وأسلوبه المختلف عمَّن حوله.وقال الجبري في بيان صحافي أصدرته الوزارة بعد ظهر أمس: «إن وزارة الإعلام فقدت برحيل المغفور له المحيلان واحدا من أعمدة جيل المبدعين في مجالات الإعلام المسموع والمرئي تاركاً بصمة مضيئة في ذاكرة الإعلام»، مردفاً «أن لدراسته المسرح في جمهورية مصر العربية دوراً في ثراء فكره ورسالته الإعلامية، وكان طوال مسيرته الإعلامية مثالاً للإبداع والالتزام بقواعد وآداب وأخلاق العمل الإعلامي، ومثالا للجد والمثابرة والتميز الذي فرض به نفسه وفكره على استقطاب مستمعيه خليجياً وعربياً».وأشاد الوزير ببرنامج الراحل «استراحة الخميس»، معتبراً إياه «بمنزلة إبداع إعلامي غير مسبوق على المستوى العربي، وكذلك البرنامج التلفزيوني (للمشاهد مع التحية) إلى جانب برامج أخرى تمثل استكمالا لإبداعات جيل الرواد والأوائل بالعمل الإعلامي الكويتي الذين عاصرهم وشاركهم رسالتهم الإعلامية الوطنية الراقية».وتقدم الوزير الجبري بخالص التعازي والمواساة إلى أسرة الفقيد والأسرة الإعلامية والفنية الكويتية والخليجية التي فقدت برحيله إعلامياً معطاء، داعياً المولى تعالى أن يسكنه فسيح جناته ويلهم أسرته ومحبيه الصبر والسلوان.المحيلان في عيون رفقاء دربهأعرب كوكبة من رفقاء درب الراحل عبدالله المحيلان عن حزنهم البالغ لفقده، معددين مناقبه الكثيرة، وتميزه إعلامياً وإنسانياً. وفي البداية قال نائب رئيس مجلس إدارة مجموعة «الراي» الإعلامية يوسف الجلاهمة: «إن الإعلامي الراحل (رحمة الله عليه) كان فناناً شاملاً بكل ما تحمله الكلمة من إبداع، فهو مبدع في الرسم والتصوير، ومبدع في الكتابة الصحافية، وهو مبدع كذلك في كتابة النصوص السينمائية والسيناريوهات، حيث أبدع في رائعته فيلم (أرتريا وطني)، إضافة إلى إعداد البرامج الحوارية والمنوعة»، مكملاً «أن له أسلوبه العجيب المحبب للمستمع حين تسمعه بصوته المبحوح الجميل وطريقة إلقائه الممتعة تعرف أن في الكويت مبدعاً اسمه عبدالله المحيلان». ومن جانبه قال الوكيل المساعد لقطاع التخطيط والتنمية المعرفية في وزارة الإعلام محمد العواش قائلاً: «فقدت الكويت أحد أبنائها الأبرار الذين أسهموا في النهضة الإعلامية وواكبوا نشأة الإعلام الكويتي، ولعل الكل يتذكر الفقيد الراحل المحيلان وبرامجه ذات الطرح الجريء التي أسهمت إسهاماً كبيراً في تسليط الضوء على العديد من أهم القضايا في الشارع الكويتي، ولعل من أهمها برنامج (استراحة الخميس) الذي كان يحظى بمتابعة ليس فقط على مستوى الكويت، بل على المشاهد الخليجي وحتى العربي».وأضاف العواش: «للفقيد بصمات عديدة في البرامج الإذاعية والتلفزيونية، ويعتبر أحد رواد الإعلام الكويتي، ونسأل الله له المغفرة ونسأل لذويه الصبر والسلوان»، مكملاً: «نحن كرئيس اتحاد إذاعات الدول العربية سوف نقوم بتكريم الراحل المحيلان في المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون في دورتها المقبلة في دولة تونس».أما الوكيل المساعد لقطاع الإعلام الجديد والخدمات الإعلامية في وزارة الإعلام يوسف مصطفى فقال: «برحيل المحيلان فقد الإعلام الكويتي أحد أبرز نجوم التقديم على مستوى التلفزيون والإذاعة، وأنا كإعلامي عاصرتُ الفترة الذهبية التي كان يقدم بها المحيلان، ووجدت فيه الإنسان المبدع الخلاق الشفاف، صاحب الابتسامة المعهودة، التي قربته لأهل الكويت، وكنا نتابعه ليس فقط على مستوى الكويت ولكن حتى على مستوى الخليج العربي في زمن لم يكن به إلا إذاعة الكويت بشعارها الخالد (هنا الكويت)». وأضاف مصطفى: «فقدنا مبدعاً متميزاً في عطائه للمايكروفون والكاميرا... ونتذكر برنامجه الشهير (استراحة الخميس)، وكان في ذلك الزمن التقديم في الموضوعات الحساسة خارجاً عن المألوف، فكان يتناول موضوعات تمزج بين الطرافة والتشويق، فلذلك كان محبوبا عند أهل الكويت، فيما كان يطرحه من موضوعات في إذاعة الكويت وحتى برنامجه (للمشاهد مع التحية)... كان إنساناً يعشق المايكروفون والكاميرا، سواء كانت الكاميرا التلفزيونية أو الفوتوغرافية، ونتذكر عندما كان يتنقل بكاميرته في مواقع تجد فيها أحداثاً تهم المواطن الكويتي، فكان يسلط الضوء في شكل نقد موضوعي ونقد ينم عن حرص هذا الإنسان على القيمة العالية للمسؤولية المجتمعية في دولة الكويت».وأشار مصطفى: «أنا شخصياً تعلمتُ من احترامه وحبه وعشقه للمايكروفون وتعلمت أيضا كيف يكون مخلصاً في احترامه لوقته، ومثل هذه الشخصيات بفقدها نفقد رموز الإبداع في ذلك الزمن الجميل... والمحيلان ستظل بصمته شاهدة على إبداعاته ولمساته في الكاميرا وخفة دمه في المايكروفون وإثراء مكتبة إذاعة تلفزيون الكويت، ولا شك أنه سيكون رصيداً ومرجعاً للأجيال المحبة لهذا العمل والتقديم التلفزيوني والإذاعي بوصفه عاشقاً لهما». من جانبها قالت الفنانة القديرة سعاد عبدالله: «رحم الله المحيلان... لقد شاركته في كذا برنامج في السابق، وكان دائماً فناناً مبدعاً وصاحب نقد بناء، وقد اعتزل الفن مبكراً، وبلا شك هو أخ عزيز أعتز به، والإذاعة تشهد بأعماله... وكنا ننتظر برامجه الإذاعية سنوياً، ولكن هذه هي حال الدنيا، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون». في هذا السياق قال الفنان القدير شادي الخليج: «إن الراحل رفيق درب، ويعز علينا فقده، والحقيقة أنه كان إنساناً مثقفاً ومتعلماً وفناناً في مجالات كثيرة»، متابعاً «أن المحيلان ترك بصمة في نهضة الفن الكويتي، وكانت بيننا أخوة عميقة، ولا يسعني إلا الدعاء له بالجنة، وعظم الله أجر أهله وذويه، وألهمهم الصبر والسلوان». بدوره قال الشاعر والإعلامي القدير بدر بورسلي عن المحيلان: «هو صديق وأخ وزميل عمل ودرب... وعرفته منذ بداياته إلى أن توهج وأصبح كبيراً... والمرحوم إنسان طيب ذو خلق سمح، وله دور في الفن الكويتي، وبإذن الله يكون مثواه الجنة ونعيمها، وأدعو الله أن يعظم أجر أهله وجماعته وأحبابه، وإنا لله وإنا إليه راجعون». في الإطار ذاته تحدثت الإعلامية أمل عبدالله قائلةً: «الحقيقة أن خبر وفاة المحيلان خبر مؤسف... وشخصياً لستُ متخيلة رحيل هذا الرجل، برغم أن الموت حق علينا، وهو صاحب النقد الرائع للمجتمع، وكان دائم الابتسام، حتى حين ينفعل يأخذ الموقف بشكل كوميدي، ونتوقف عنده حيث إنه عين للكاميرا، وليس فقط مخرجاً ومقدم برامج... بل هو إنسان وطني... ويهتم بالقضايا التي تدخل القلب، ولم يبتعد عن الإعلام إلا بسبب ظروفه الصحية، وقد تأثرنا به كثيراً، بقدر ما أحزننا رحيله الآن. رحم الله عبدالله المحيلان». على هذا الصعيد قال الشاعر الشيخ دعيج الخليفة الصباح: «إن الراحل المحيلان هو بمنزلة الأب والأخ الأكبر العزيز على قلبي، وكنا نحرص على سماع برنامجه الذي يذاع كل خميس أنا وأصحابي في مدرسة الشويخ المتوسطة، عن طريق (راديو صغير)، وذلك لأننا كنا نتثقف بمعلوماته ونستمتع بخفة دمه وظله، فكان ناظر مدرستنا الإعلامي جاسم الغريب (الله يذكره بالخير) يسامحنا... وكنا ننتظره كل خميس بفارغ الصبر».وواصل الخليفة: «يبقى المحيلان رمزاً كويتياً إذاعياً لا يُعوَّض، وبالنسبة إلي أعتبره الرقم 1 كصوت مميز على مستوى الخليج، فقبل أربعة أشهر حصلت على أرشيفه الكامل من قبل المؤرخ محمد البناي، لنتعلم من كلامه الذي كان يلامس الواقع ويدخل إلى صميم القلب... والمحيلان في عبارة مختصرة: ما منه اثنان».
مشاركة :