تعديل وزاري في السودان يشمل حقائب سيادية بينها النفط والخارجية

  • 5/16/2018
  • 00:00
  • 14
  • 0
  • 0
news-picture

الخرطوم - أعلن الرئيس السوداني عمر البشير الاثنين تعديلا وزاريا موسّعا عبر مراسيم جمهورية قضى بتعيين سبعة وزراء وثمانية ولاة، في خطوة جوبهت بانتقادات لاذعة من قبل أحزاب المعارضة التي تعتبر أن التغيير لا بد أن يشمل السياسات والخيارات لا الأسماء فحسب. ونصّ المرسوم الجمهوري على تعيين وزراء جدد على رأس الحقائب السيادية بالسودان وهي الخارجية والداخلية والعدل والمالية، إضافة إلى تسمية وزير جديد برئاسة مجلس الوزراء. كما شمل التعديل الموسّع وزارات معنية بالملف الاقتصادي كوزارة الزراعة والغابات ووزارة النفط والغاز ووزارة الشباب والرياضة. وبموجب المراسيم الجمهورية تمّ تعيين الدريري الدخيري وهو محام إسلامي وعضو في الحزب الحاكم الذي يتزعمه البشير وزيرا للخارجية خلفا لغندور الذي أقيل الشهر الماضي عقب تعليقات علنية له بشأن نقص العملة الأجنبية. وكان الدخيري السفير السابق للسودان في أوغندا، عضوا في وفد الخرطوم الذي فاوض على انفصال الجنوب عن الشمال. كما نُصّب إبراهيم حامد وزيرا للداخلية وأزهري عبدالله وزيرا للنفط والغاز، كما استبدل البشير خمسة وزراء دولة وثمانية ولاة. أما حامد أحد مساعدي البشير فكان وزيرا للداخلية بين عامي 2008 و2015. وتولى وزارة النفط أزهري عبدالقادر عبدالله خلفا لعبدالرحمن عثمان، وسط نقص حاد في الوقود شهد وقوف طوابير طويلة أمام محطات الوقود. ولم تقتصر تغييرات عمر البشير على الحقائب الوزارية بل أعلن أيضا عن تعديلات جديدة شملت أهم مفاصل الدولة، ومنها على وجه الخصوص مناصب الولاة حيث تم تعيين 9 في أهم ولايات السودان وهي النيل الأبيض وسنار والنيل الأزرق والولاية الشمالية ومفضل وكردفان وشمال دارفور وغرب دارفور ووسط دارفور. كما شملت سلسلة التعيينات الجديدة في السودان تسمية وزراء دولة جدد في الوزارات السيادية كالخارجية والعدل والمالية، بالإضافة إلى وزارات أخرى كوزارتي الإعلام والاستثمار. وتأتي تعيينات عمر البشير الجديدة بعد شهور قليلة من إعلانه تغيير رئيس أركان الجيش ورئيس المخابرات ووزير الخارجية إبراهيم غندور. وأثارت خطوة الرئيس السوداني الجديدة جدلا واسعا في الساحة السياسية بالبلاد خصوصا لتزامنها مع التراجع الاقتصادي الحاد وأزمة العملة في السودان، بالرغم من أن الولايات المتحدة الأميركية أعلنت منذ نهاية العام الماضي عن رفع عقوبات اقتصادية فرضتها على السودان منذ عقود. وأجاز حزب المؤتمر الوطني الحاكم التعديلات المعلنة عقب مناقشات وخلافات استمرت لأسابيع بسبب الأسماء المطروحة لتولي الحقائب المذكورة قبل أن يحسم البشير المسألة إثر استشارة أقرب المقربين منه. واعتبر الكثير من المتابعين للمشهد السياسي السوداني أن التعديل الوزاري الأخير لن يكون قادرا البتة على حلّ الأزمة الاقتصادية التي تحاصر البلاد لأن مجرّد تغيير الأسماء لا يعني بالضرورة تعديل السياسات والخيارات التي تضعها القيادة العليا للبلاد وليس الوزراء. وشكّك مراقبون في نوايا البشير المعلنة لإنقاذ الوضع الاقتصادي، خصوصا أن إصلاح الملف الاقتصادي يتطلب وجوبا تقليص الإنفاق الحكومي ومحاربة الفساد وليس العكس. واضطر السودان منذ عام 2011 بعد أن كان دولة مصدرة للنفط لاستيراد المنتجات النفطية منذ انفصال جنوب السودان المستأثر بثلاثة أرباع البلاد من الخام الذي يعتبر المصدر الرئيسي للعملة الأجنبية. في أحدث تعيينات بعد تغيير رئيس أركان الجيش ورئيس المخابرات في الأشهر القليلة الماضية، أقدم الرئيس السوداني عمر حسن البشير في تحرّك غير مفاجئ على إقرار تعديلات وزارية موسعة شملت أهم الحقائب السيادية كالخارجية والداخلية والعدل والمالية، واعتبر معارضوه ذلك خطوة جديدة لمواصلة الحزب الحاكم السطو على مفاصل الدولة، في وقت يعيش فيه السودان على وقع أزمات اقتصادية تهدّد كيانه واستقراره. وعانى البلد وفق الملاحظين من الأزمات المتكررة، بسبب ضيق أفق السياسات الاقتصادية لحُكّامه، مثل ارتفاع معدّلات التضخّم ونقص الوقود ممّا أدى بطريقة آلية إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية. وتسبّبت كل هذه التداعيات الاقتصادية في خروج مظاهرات احتجاجية ضد حكومة بكري حسن صالح في العاصمة الخرطوم ومدن أخرى. في الطرف المقابل، لا ترى المعارضة السودانية أي موجب لإجراء كل هذه التعديلات الوزارية التي لن تكون برأيها قادرة على حلحلة الوضع أو إنهاء الأزمة الاقتصادية الخانقة بالبلاد. ومباشرة عقب الإعلان عن التعديلات الجديدة، وجّه عمر الدقير رئيس حزب المؤتمر السوداني المعارض انتقادات لاذعة لسياسات عمر حسن البشير، مُبديا استغرابه من تجاوز التعديلات لوزراء القطاع الاقتصادي رغم الفشل وتمدده بتفاقم الأزمة وزيادة معاناة السودانيين التي قال إنها مرشحة للاستمرار في ظل الحكومات المتعاقبة. وذكّر الدقير بأن السودان عرف خلال فترة حكم البشير تشكيل العديد من الحكومات دون فائدة سوى تفاقم الأزمات. واعتبر أن التغيير الذي لا يطال المناهج والسياسات التي أنتجت الأزمات هو أشبه بتحريك القطع على سطح طاولة الشطرنج بحسب قوله. ولفت إلى أن أعضاء الحزب الحاكم المؤتمر الوطني ظلَّوا “يتبادلون المواقع والمنافع منذ عام 1989 في مسيرٍ دائري مأساوي لا زاد لهم فيه سوى شهوة احتكار السلطة وفقر الخيال وانعدام الرؤية”. وأوضح الدقير أن الواقع السُّوداني أصبح مُثقلاً بتراكم الأزمات لدرجة تهدِّد بانهيار الدولة. وشدد على القول بأن “أي حكومة تخرج من رحم المؤتمر الوطني وبذات النهج الذي لا يعرف النقد والمراجعة والمحاسبة، لن تكون إلّا كسابقاتها في الفشل وحصاد الهشيم”. وبخلاف حزب المؤتمر، تنتقد عدة أحزاب أخرى وشخصيات وازنة في السودان تداول أعضاء حزب البشير على مفاصل الدولة منذ أكثر من عقدين رغم تجاربهم السابقة التي باءت بالفشل وساهمت في كل الخراب والدمار اللذين حلّا بالبلد. واعتبروا أن التعديل هو محاولة لذر الرماد على العيون وأنه لا يحمل في طياته أي بشائر قد تحمل السودانيين إلى التفاؤل بمستقبل زاهر. ويُتّهم أعضاء الحزب الحاكم ومن بينهم المعيّنون الجدد على رأس حقائب وزارية بالضلوع في العديد من ملفات الفساد والرشوة في كثير من المجالات بالسودان، مما يُنذر بأن بركان غضب شعبي قد ينفجر قريبا في وجه سياسات الحزب الحاكم. وبنفس رؤى أحزاب المعارضة، انتقد الكثير من الخبراء والمفكرين السودانيين خطوات الحزب الحاكم ومنهم الطيب زين العابدين أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم، الذي اعتبر أن قيادة البلاد تُناقض نفسها، لأن المنطق يفرض تغيير السياسات والاستراتيجيات الاقتصادية، وليس مزيد إثقال كاهل الدولة بإنفاق حكومي جديد أو عبر مواصلة نهج غضّ البصر عن مكافحة الفساد. ومنذ عقود تتهم دوائر المعارضة لعمر حسن البشير الأجهزة الحكومية والشخصيات المقرّبة من الرئيس وأهم موظفي مفاصل الدولة بالضلوع في الفساد، مما أدى وفق تقديراتهم إلى تقهقر الوضع الاقتصادي بالبلاد والذي بات منذرا بغليان شعبي قد يزيد في تعكير أزمة البلاد.

مشاركة :