قال النائب هشام والى، عضو مجلس النواب، إنه سلم إلى وزير التموين استراتيجية كاملة للتحول من الدعم العيني الى النقدي، وحدد فيها عدة أسباب للتحول الى الدعم النقدي.وأوضح "والى" فى بيان له اليوم، أن أهم أسباب التحول من الدعم العينى إلى النقدى تتمثل في أن الدعم سيصل لمستحقيه فقط، مشيرا إلى أن هذه الميزة هي الأكثر وضوحا وإقناعا (وشعبية)، إذ أن أكثر المتحمسين لآلية الدعم الحالية لا ينكر أن جزءا كبيرا منه يصل الى غير المستحقين وأن هناك قدرا من العشوائية في التوزيع، وفي المقابل فإن توزيع الدعم بشكل نقدي يضمن وصوله مباشرة الى المستحق له دون غيره.وأضاف أن تطبيق هذا النظام سيوفر تكلفة أقل لتوزيع الدعم، إذ أن لدينا اليوم وزارة للتموين يعمل بها آلاف الموظفين وينفق عليها ملايين الجنيهات سنويا تكاد تنحصر مهمتها في التنظيم والرقابة على آلية توزيع الدعم العيني، هذا فضلا عن التكلفة غير المباشرة التي يتحملها الجهاز الشرطي والقضائي لمعاونة الوزارة في أداء عملها.وأشار إلى أنه يمكن توفير هذه المصاريف إذا قدمنا الدعم بشكل نقدي للمواطنين، حيث أن كل ما نحتاجه هو أن يقدّم المواطن إقراره الضريبي السنوي (وهو سيفعل ذلك على أي حال) لكي نحدد المستحقين ومقدار ما يستحقونه، ثم نرسل لهم الأموال عبر البريد أو بتحويلات بنكية مباشرة".وقال إنه من بين الأسباب أيضا تقليل الهدر والفساد، حيث إنه رغم الجهد المبذول لمنع تسرّب السلع المدعومة الى خارج المنظومة فإن ذلك يحدث بنسبة لا يستهان بها، وهناك مبدأ اقتصادي معروف: ما أن تكون للسلعة الواحدة أكثر من سعر في السوق ستنشأ على الفور سوق سوداء لها، حيث سيستغل البعض فرق السعر لتحقيق مكسب سهل وسريع، ومهما وضعت من قيود واتخذت من إجراءات رقابية فإن هؤلاء سيجدون طرقا لتجاوزها (مثلا: رشوة مفتشي التموين)، وسينتهي فارق السعر (الدعم) في جيوب منظومة الفساد بدل أن يصل الى المواطن، مؤكدا أن السبيل الوحيد لإغلاق حنفية الفساد والهدر هو إنهاء وجود تلك الفرصة لتحقيق مكسب غير مشروع من الأساس عن طريق توزيع الدعم نقديا.وأضاف أن من بين الاسباب تقليل الاستهلاك، حيث تقوم فكرة الدعم العيني على مبدأ بسيط، كلما استهلكت أكثر كلما حصلت على دعم أكبر من الدولة، لو أن الدولة تدعم رغيف الخبز بـ 20 قرشا فإن من يشتري خمسة أرغفة سيحصل على دعم بجنيه واحد ومن سيشتري 20 رغيفا سيحصل على دعم بأربعة جنيهات، حتى لو لم يكن الحصول على حصة أكبر من الدعم هدفا في حدّ ذاته فإن تقديم السلع للمستهلكين بسعر رخيص سيشجعهم على مزيد من الاستهلاك وسيقضى على الحافز للاقتصاد والترشيد، الكهرباء مثالا ساطعا، مشددا على أنه في ظل نظام الدعم النقدي فإن المستهلك يدفع التكلفة الحقيقية للسلعة وبالتالي سيكون نمط استهلاكه أكثر رشادة ومسؤولية.وتابع النائب قائلا:"إن الدعم النقدي سيمنح حرية الاختيار للمستهلك، حيث تقوم الدولة بدعم سلع محددة وترى أنها بذلك تحقق أكبر منفعة للمستفيد من الدعم، وعلى سبيل المثال سلّة السلع التموينية التي تشمل كميات محددة من السكّر والشاي والأرز والزيت، لم يتوقف أحد ليسأل نفسه، لماذا هذه السلع بالتحديد وبهذه الكميات تحديدا؟ لماذا الأرز وليس المكرونة مثلا؟ لماذا الشاي وليس الحلبة مثلا؟ هل السكر أكثر فائدة من الملح؟ هل لو منحنا المواطن قيمة الدعم نقدا سيشتري الجميع السلع ذاتها؟ الإجابة بالطبع هي لا، والتي تعني أن الدعم العيني لا يحقق للمواطن أكبر استفادة ممكنة ولا يلبي أولوياته الحقيقية، والأمر ذاته ينطبق على أشكال الدعم الأخرى، لو قدمنا الكهرباء للمواطن بتكلفتها الحقيقية ومنحناه قيمة الدعم نقدا فما أدرانا أنه لن يستهلك مقدارا أقل ليستغل الدعم في شراء كراسة لابنه أو دواء لزوجته، بالبلدي كده: أعطوا المواطن حقه "ناشف" واتركوه ينفقه كما يشاء ولا تنصبوا أنفسكم أوصياء عليه".وأوضح أن هناك سببا آخر يتمثل في أن الدعم النقدي سيوفر تخصيص أفضل للموارد على المستوى الوطني، حيث تقوم الدولة بدعم القمح مرتين: مرة عبر شرائه من الفلاحين بأسعار أعلى من السعر العالمي ومرة ثانية بتقديمه للمستهلك بسعر يعادل جزءا بسيطا من تكلفته، لافتا إلى أن القمح - مقارنة بمحاصيل أخرى كالبطاطس - محصول مكلّف ماليا ومائيا ومن الصعب تحقيق الاكتفاء الذاتي منه وبالتالي ستظل هناك حاجة لاستيراده.وأضاف: "ما الذي سيحدث لو توقفت الدولة عن دعم القمح بشكل عيني؟ ببساطة سينخفض الطلب عليه ويزداد على سلع بديلة كالبطاطس والشعير وبالتالي سترتفع أسعارها وتزداد المساحات المزروعة منها، وفي الوقت ذاته ستنخفض الحاجة لاستيراد القمح وينخفض سعره، أي أن السوق سيعمل بكفاءة وسيتم تخصيص الموارد المحدودة بشكل أفضل لتحقيق احتياجات المجتمع بأقل تكلفة بدلا من التشوهات الاقتصادية الناشئة عن فرض سعر مصطنع لسلعة بعيد جدا عن تكلفة إنتاجها الحقيقية".وأشار النائب إلى أن هناك سببا آخر يدفعنا للدعم النقدي يتمثل في إمكانية استغلال الدعم كحافز، قائلا: "إذا أردت تقديم دعم نقدي للأسر الفقيرة التي لديها أطفال فما رأيك أن تربط الحصول على هذا الدعم باستمرار الطفل في المدرسة، ألن يقلل ذلك من نسب التسرب المبكر من الدراسة؟ وما رأيك أيضا أن تجعل الدعم الإضافي الذي يحصل عليه الطفل الأول في الأسرة أكثر من الثاني، والثاني أكثر من الثالث، وهكذا، ألا يمكن أن يكون ذلك عاملا مساعدا على تنظيم الإنجاب؟ وماذا عن منح دعم إضافي (أو إعفاء ضريبي) لمن يعمل من الزوجات والأبناء، ألن يقلل ذلك من نسب الإعالة في الأسر المصرية ويحسن أحوالها؟ هذه مجرد أمثلة قليلة لما يمكن أن تحققه إن ربطت حصول المواطنين على دعم نقدي بسلوكيات إيجابية. طبعا كل تلك الأمثلة لا يمكن تحقيقها في ظل منظومة الدعم العيني العشوائي التي نطبقها حاليا".وأضاف أن آخر الأسباب يتعلق بإحساس المواطنين بقيمة الدعم، حيث أنه من الصعب إقناع المواطن العادي بأن الدولة تنفق أكثر من 4000 جنيه سنويا في المتوسط على صورة دعم عيني لكل مواطن صغيرا أو كبيرا، رجلا أو امرأة أو طفلا، غنيا أو فقيرا، في النهاية هو لا يرى هذا المبلغ في حسابه البنكي ويعتقد أن معظمه يسرق أو يهدر بلا جدوى، هناك استهانة تامة بقيمة ما يحصل عليه المواطن من الدولة على صورة دعم وإحساس عام بأنه حق مكتسب لا يكلف شيئا، وعلى الجانب الآخر هناك انفصام كامل بين تقدير المواطن لقيمة السلعة التي يحصل عليها وبين تكلفتها الحقيقية في السوق العالمي، إن أردنا أن نخرج المواطنين من مرحلة (عيال الحكومة) الى أن يكونوا أشخاصا كامل.
مشاركة :