من يتحمل مسؤولية مقتل أكثر 60 فلسطينيا على الحدود بين إسرائيل وقطاع غزة؟ تعليقات الصحف الألمانية وأجوبتها على هذا التساؤل جاءت متباينة. صحيفة "فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ" كتبت تقول: "باعتبار حرب المعلومات وصور التلفزيون قد تكون حماس حققت نجاحا في إزعاج الاحتفال الرسمي بالسفارة في القدس. أما من الناحية السياسية فلا يتواصل هذا "النجاح" المشكوك فيه. وبغض النظر عن بلدان مثل بلجيكا أو تركيا التي غالبا ما قدمت الدعم لحماس، فإن إسرائيل لم تواجه الشجب من الرأي العام العالمي. وحماس في المقابل تبقى أمام أزمة وجودية. وقد وجدت إسرائيل ضد أسلحتها المعروفة، الأنفاق أو الصواريخ وسائل فعالة. ودول الخليج قلصت بقوة مساعداتها. وحتى الرئيس الفلسطيني محمود عباس يقطع الرواتب إضافة إلى التموين بالكهرباء والماء عن قطاع غزة كلما تمكن من ذلك وإسرائيل تسمح بذلك. وعباس لا يُظهر دعما حقيقيا للاحتجاجات. وفي يوم النكبة خضع لعملية روتينية في الأذن. وبالرغم من ذلك يظهر العرض الإسرائيلي بتقديم إمدادات أكثر عبر المعبر في كرم سليم أن القمع الدموي للاحتجاجات قد يكون "مجديا" بالنسبة إلى حماس: وعلى هذا النحو بإمكان حماس على الأقل تحسين ظروف العيش في غزة مؤقتا دون فعل الكثير من أجل ذلك. وهل سيؤدي العدد الكبير من القتلى إلى أن تلتزم تركيا مجددا أو دول عربية في نزاعات قطاع غزة، يبقى أمراً محاطا بعلامات الاستفهام". صحيفة "دي فيلت" تدافع عن إسرائيل أمام الانتقادات، وكتبت تقول: "واضح أن هذا الكم من القتلى والجرحى، بينهم أطفال يخضع لحسابات رخيصة من قبل حماس المتطرفة الحاكمة في غزة والمتسلحة والمجموعات الفلسطينية الموظفة من قبلها بوسائل قمع عنيفة. وواضح للمتطرفين أن إسرائيل لن تسمح تحت أية ظروف بوقوع اختراق عنيف لنشطاء راديكاليين فوق أرضها. وأنه ليس بإمكانها أن تقبل أن يتم فرض "حق العودة" المزعوم لملايين الفلسطينيين بهجوم مفاجئ فوق الأرض الإسرائيلية. وهذه بالتحديد هي النية المعلنة للحملة التي تبدو حماس مستعدة للتضحية فيها بلا حدود بحياة البشر عندما تسمح دوما بتدفق جماهير جديدة على الحدود لتواجه بعدها النيران، وتريد حماس الترويج للصورة المرغوب فيها عن سلطة الاحتلال اليهودية الشيطانية التي تطلق النار بلا مبالاة على متظاهرين عزل. ويبدو أن المناورة تحقق النجاح. وهكذا فإنّ دولاً عربية وأخرى إسلامية ـ في مقدمتها إلى جانب إيران تركيا اردوغان ـ تندد بإسرائيل المكروهة لديها. وحتى زعماء حكومات ودول غربية مثل رئيس فرنسا إيمانويل ماكرون يشجبون التصرف القاسي لقوات الأمن الإسرائيلية. ولولا حق الفيتو للولايات المتحدة الأمريكية لأصدر مجلس الأمن الدولي منذ زمن طويل قرارا متحيزا يحمّل إسرائيل مسؤولية ما يجري". أما صحيفة "تاغستسايتونغ" من برلين فكتبت تقول: " من يصف إراقة الدماء بالمجزرة، يصيب الحقائق ولكن بشروط. واجب إسرائيل الأخلاقي يتطلب على الرغم من ذلك تلبية الطلب الفلسطيني بإجراء تحقيق. فالكشف عن حالات الموت المتعددة وقضية ما تم التقصير فيه في الاستعداد للاحتجاجات المعلنة منذ مدة يمكن أن تنفع لتخفيف فاجعة إضافية. والمتظاهرون الفلسطينيون يتيحون لقيادتهم عديمة الضمير أن تجعلهم اهدافا لنيران المدافع والاسلحة. وحماس الإسلامية ليست فقط مستعدة للمتاجرة بالضحايا ـ بل هي تستفزهم لإضفاء حلة جديدة على صورة العدو القديمة، لتغطي بذلك على فشل القيادة في ادارة الشعب: والمسؤول عن ذلك هم دوما الصهاينة والاحتلال والحصار، كما هي التعويذة الفلسطينية التي تجد أذنا صاغية لدى الناس اليائسين. وقرار رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب نقل السفارة إلى القدس قد لا يكون مساعدا في هذا التوقيت وبهذا الوضع، لكن بالنسبة إلى الناس في قطاع غزة فإنّ من غير المهم أين يوقع الدبلوماسيون الأمريكيون استمارات تأشيرات السفر". في المقابل عبرت صحيفة "راين نيكار تسايتونغ" الصادرة في هايدلبيرغ عن وجهة نظر أخرى، وكتبت تقول: "المقاييس التي قُتل على أساسها الاثنين في قطاع غزة 60 فلسطينيا تبقى مبهمة. يبدو أن ثلاثة حاولوا وضع قنبلة يدوية على السياج الفاصل. لكن ألم يكن من الأفضل الرد بأسلحة غير قاتلة؟ وفي الجدل السياسي يظهر دونالد ترامب بسرعة كمسؤول. ولكن رغم كل الانتقاد اللامبالية لسياسته الخارجية : فالجنود أطلقوا النار بأمر من الحكومة الإسرائيلية. هناك تقع مسؤولية الاثنين الدموي. وبالطبع حماس دفعت بحساباتها الرجال الشباب أمام بنادق القناصة. لكن هذا لا يجوز أن يكون سبباً في المدى البعيد للضغط على الزناد". ر.ز/ م.أ.م
مشاركة :