قالت الكاتبة البريطانية من أصل عراقي، مينا العربي، إن رجل الدين الشيعي "مقتدى الصدر"، الذي تنافس في الانتخابات العراقية بقائمة شاملة، غير طائفية ضمّت شيوعيين ومستقلين وليبراليين وغيرهم، ظهر كفائز بالانتخابات بشكل مفاجئ. وأضافت الكاتبة -التي ترأس تحرير صحيفة "ذا ناشيونال" الإماراتية- في مقال مطول بصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية ترجمة "عاجل" متقطفات منه، قائمة "الصدر" التي تعرف باسم "سائرون"، حصلت على أكبر عدد من الأصوات، رغم عزوف 56% من الناخبين عن الأدلاء بأصواتهم في صناديق الاقتراع. وذكرت الكاتبة أنه خلال الحملة الانتخابية، وعد الصدر بمحاربة الفساد والبعد عن الطائفية، وتشكيل حكومة تكنوقراط. موضحة أنه على الرغم من قائمة رئيس الوزراء حيدر العبادي -الذي لم تنجح في تأمين صدارة نتائج الانتخابات، لعدم تصويت بغداد له، في حين دعمته الموصل التي خلصها من قبضة داعش- نجح في تعزيز سمعته، حيث إن الانتخابات كانت عادلة ولم يتهمه أحد بالاحتيال أو الترويع أو إساءة استخدام السلطة. وأوضحت الكاتبة أن عزوف نسبة كبيرة من الناخبين عن المشاركة كانت بمثابة رسالة قوية للنظام، تعني رفضه بعدما فشل في تحقيق السلام والأمن، ناهيك عن الرخاء. وقالت إنه من المرجح أن يختار "الصدر"، الذي لا يمتلك نسبة كافية لتشكيل الحكومة بمفرده، "العبادي" ليكون كشريك له في الائتلاف الحكومي الجديد. مشيرة إلى أن الأخير الذي كان قائمته بين الخمسة الفائزين الأوائل في الانتخابات، قبلت النتائج -في لفته نادرة- وهنّأت الصدر على نجاحه. وبيّنت الكاتبة أن التحالف بين الصدر والعبادي، سيدفع العراق في اتجاه دولة شاملة أكثر استقرارًا وأقل فساد، وهذا الأمر من شأنه أن يقلل قبضة إيران على البلاد ويخلق علاقات أكثر توازنًا بين بغداد وجيرانها. ولفتت إلى أن هادي العامري هو المرشح المفضل لإيران لقيادة الحكومة العراقية الجديدة، ويرأس منظمة بدر المسلحة وأحد قادة الحشد الشيعي، المدعوم من إيران، والذي حارب إلى جانب الجيش العراقي ضد تنظيم الدولة، يسعي لتحويل مكاسب الحرب إلى مكاسب انتخابية. وذكرت أن الصدر تحدث بشكل علني عن الحاجة لنزع سلاح الحشد، كما دعا لدمج عناصر الحشد في الجيش العراقي، ورفض مرارًا فكرة وجود جيشين في العراق، وكان ناقدًا صريحًا لدور إيران في العراق وفى عدد من المقابلات، مع وسائل إعلام محلية عراقية صرح أن العراق يجب أن يظل بعيدًا عن طموحات الجيران. وتابعت الكاتبة أنه في حين أن الصدر لديه ماضٍ متقلب، بما في ذلك عنف جيش المهدي التابع له، لكن يبدو أن تحالفه الجديد ومواقفه السياسية هي الخيار الافضل للعراق. ويمكن للتحالف بين الصدر والعبادي أن يحرك العراق إلى دولة أكثر استقرارًا وأقل فسادًا، وكلاهما ابتعد عن الفساد الذي أصاب كثيرين ممن هم في السلطة بالعراق. وأضافت أن العبادي يمتلك خبرة بالحكومة، ومعروف عالميًّا، وأقد أثبت أنه سياسي متمكن، كما أن الصدر لديه قبول شعبي واسع، ويمكن أن يوفر شرعية للجهود المبذولة لمكافحة الفساد. ولتفتت إلى أن كلاهما لديه دعم من قاعدة إسلامية شيعية، وكلاهما تعهد بتوفير حكومة تكنوقراط في المناصب الوزارية، وهي خطوة ضرورية لتشكيل وزارات تعمل من أجل تقديم مزيد من الخدمات للشعب وليس للأحزاب السياسية، وسيتعين عليهما أن يكون تحالفهما شاملًا من حيث الجنس والعرق لتوسيع نطاق قبولهما. وعلى الرغم من أن الصدر والعبادي إسلاميين عراقيين في المقام الأول، لكنهما لا يركزان على هويتهما الشيعية، كما ظلا إلى حدّ كبير بعيديين عن سيطرة طهران، ويجب على الدول العربية والولايات المتحدة اغتنام الفرصة ودعمهما، ومن الممكن أن يسهم العبادي في بناء علاقة جديدة بين الصدر الذي قاتل القوات الأمريكية بعد غزة العراق وأصدرت مذكرة توقيف ضده عام 2003. وأشارت إلى ثامر السبهان، وزير الدولة للشؤون الخليجية سارع بالترحيب بالصدر، وفى العام الماضي زار الصدر السعودية والإمارات والتقي يولي العهد، وولي عهد أبوظبي، كما أن السعودية والإمارات تعهدتا بدفع مليارات من المساعدات لإعادة إعمار العراق، ويمكن للحكومة الجديدة العمل من أجل جذب استثمارات من الدولتين الخليجيتين، لتعزيز القطاع الحاص وهو أمر حيوي للتنويع الاقتصادي في العراق. وأكدت الكاتبة أنه يمكن للعبادي أن يساعد في الحفاظ على توازن الإقليمي، كما أن أداء الصدر القوي في الانتخابات من المكن أن يضمن عدم قدرة إيران على تشكيل حكومة عراقية جديدة تكون بالكامل من لهادي المدعوم بالكامل من الحشد الشيعي وطهران.
مشاركة :