الشارقة: «الخليج» قليلة هي الإصدارات والأبحاث المعنية بالعلاقات بين الدول العربية في كافة المجالات، رغم ما يجمع هذه الدول من هوية وثقافة واحدة ومصير مشترك، ومازال حلم الوحدة العربية يداعب الأمنيات من المحيط إلى الخليج، وذلك أمر يتطلب، لخلق التقارب المطلوب، الكثير من الأبحاث عن العلاقات المشتركة بين بلداننا التي تمثل حالة فريدة في العالم أجمع.يمثل كتاب «العلاقات المصرية الإماراتية.. الوضع الراهن وآفاق المستقبل» الصادر حديثاً عن «دار الخليج» للصحافة والطباعة والنشر، لمجموعة من المؤلفين هم: د. حسنين توفيق إبراهيم علي، د. حمدي عبدالرحمن حسن، د. سوزانا المساح، د. شيرين مصطفى بشير، و د. مريم سلطان لوتاه، واحداً من البحوث الأكاديمية القيمة التي تتناول العلاقات بين الإمارات ومصر، حيث يتميز هذا الكتاب بثراء كبير على مستوى المعلومات، ودقة في البحث، فضلاً عن شموله لكافة المجالات والميادين، حيث لم يترك شاردة وواردة في تاريخ العلاقات المصرية الإماراتية إلا وتناولها، ليشكل هذا المجهود الفريد، مادة معرفية متاحة للباحثين والأكاديميين والمختصين وللقراء عموماً، في كل العالم العربي.يبحث الكتاب في العلاقات التي تجمع البلدين والتي شهدت تطورا كبيرا في كافة المجالات، السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية، كما تناول تاريخ تطور العلاقات منذ سبعينيات القرن الماضي بتوثيق ودعم إحصائي ومعلوماتي، ولا يكتفي بالمادة التاريخية والتحليل والرصد، بل يستشرف، في لغة بسيطة وسهلة، آفاق العلاقات بين البلدين في المستقبل، على ضوء الواقع السياسي الراهن الذي يلقي بظلاله على كل المنطقة، وكذلك التحولات البيئية والإقليمية والدولية المحيطة بالدولتين.يشير الكتاب إلى أن العلاقات المصرية الإماراتية اتسمت بالاستقرار والمؤسسية، وذلك باستنادها على سلسلة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، وهي العملية التي نظمت العلاقات في كل المجالات.يضعنا الكتاب أمام ثراء كبير في العلاقات بين الدولتين من حيث التعاون والتعامل، والتي لها خصوصيتها وفرادتها في الواقع العربي، لكونها شهدت تطوراً مستمراً، ولم تؤثر فيها الصراعات العربية التي تنشأ بين الفينة والأخرى، وفي المنعطف المصري في أعقاب 25 يناير 2011، نجد أن العلاقات بين الدولتين لم تتأثر بالتداعيات السياسية والأمنية، بل على العكس من ذلك شهدت تطوراً كبيراً منذ النصف الثاني من عام 2013، خاصة مع التزام الإمارات الثابت بتقديم الدعم والمساندة لمصر حتى تتجاوز تحدياتها الداخلية، خاصة فيما يتعلق بالوضع الاقتصادي، وبالمقابل فإن مسألة أمن الخليج أصبحت من أولويات السياسة الخارجية المصرية، ما يبين أن الجذور والامتدادات التاريخية للعلاقات بين البلدين ومستجداتها الراهنة تؤسس لشراكة استراتيجية راسخة.سعى مؤلفو الكتاب للإجابة عن أربعة أسئلة رئيسية: ما هي العوامل الحاكمة أو المؤثرة في تطور العلاقات المصرية الإماراتية منذ مطلع سبعينيات القرن العشرين؟، وما هو حجم وطبيعة هذه العلاقات في الوقت الراهن ؟، وما هي الآفاق المستقبلية للعلاقات بين البلدين من زاوية المجالات والفرص المتاحة لتطويرها، والشروط والعوامل المساعدة على تحقيق السيناريو المرغوب فيه من قبل الجانبين والمتمثل في تعزيز العلاقات بينهما والدفع بها إلى آفاق جديدة؟، وما هي التأثيرات أو الانعكاسات القائمة والمحتملة للعلاقات المصرية الإماراتية على النظام الإقليمي في منطقة الخليج، وعلى النظام العربي بصفة عامة، وبخاصة في ظل المستجدات الراهنة، وما تمثله من تحديات للأمن والاستقرار؟. يتوزع الكتاب في خمسة فصول، يحمل الأول عنوان «العلاقات السياسية» للدكتورة مريم سلطان لوتاه، حيث يحلل الملامح والمسارات الرئيسية في تطور العلاقات السياسية بين الدولتين، فيما يتناول الفصل الثاني «العلاقات الاقتصادية»، الذي كتبته الدكتورة سوزانا المساح، الإطار القانوني والمؤسسي للعلاقات الاقتصادية بين الدولتين، أما الفصل الثالث «العلاقات الأمنية والعسكرية»، الذي كتبه الدكتور حمدي عبدالرحمن حسن، فيتناول مستجدات البيئة الأمنية في منطقة الخليج، والمنطقة العربية بصورة عامة، ويتناول الفصل الرابع، الذي كتبه الدكتور حسنين توفيق إبراهيم علي، العلاقات التعليمية والثقافية بين البلدين.
مشاركة :