سيمون دي بوفوار وسارتر

  • 5/18/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

د. حسن مدن قيل الكثير عن العلاقة الملتبسة بين الكاتبة والنسوية المعروفة سيمون دي بوفوار وصديقها الفيلسوف جان بول سارتر، فهي علاقة مركّبة من عدة أوجه، ففيها ما يعد، وإلى حد كبير، رفقة فكرية، حيث كانت دي بوفوار مأخوذة بأفكار سارتر وأدبه، ولكنّ فيها أيضاً وجهاً عاطفياً. وبعض من كتبوا عن هذه العلاقة قالوا إن دي بوفوار، رغم مكانتها ككاتبة وناشطة نسوية، عانت استعلاء سارتر وغروره، ورغم مواقفه التقدمية المعلنة في كتبه، إلا أنه كان شديد النزعة الذكورية في علاقته بها.ولعل دفء العاطفة الذي كان ينقصها في علاقتها مع سارتر يفسّر علاقة الحب العاصفة التي جمعتها مع نيلسون إليجرين عندما قصدت الولايات المتحدة الأمريكية لإلقاء محاضرات في جامعاتها، حيث مكثت هناك نحو خمسة أشهر، التقت، خلالها، هذا الكاتب الأعزب، البوهيمي إلى حدٍ ما، والذي كان لا يكنّ التقدير لسارتر ومواقفه.وقد صدرت قبل سنوات رسائلها في كتاب حمل عنوان: «حب عابر للمحيطات - رسائل إلى نيلسون إليجرين 1947 - 1964». حيث ظلت الرسائل وسيلة التواصل بينهما بعد عودتها لفرنسا، إذ أصبحت لقاءاتهما نادرة، لا تتعدى لقاء أو اثنين في العام.بعد وفاة سارتر أصدرت سيمون دي بوفوار كتاباً عنونته ب «وداعاً سارتر»، أثار دهشة القراء والمتابعين، فهو لم يكن كتاباً تكريمياً لصديقها ورفيقها في الفكر والحياة، إنما كان أقرب إلى نوع من تصفية الحساب مع الرجل الذي قضت الجزء الأكبر من حياتها معه، أو ربما صحّ القول: في ظله.كأن سيمون دي بوفوار أرادت، في هذا الكتاب، إعادة الاعتبار لنفسها كامرأة وكاتبة، حيث عمدت إلى نشر تفاصيل كثيرة وعيوب شخصية جداً، ولعلّ خلف ذلك رغبة دفينة في تبديد الانطباع الشائع عن تبعيتها له، أو تقديسها لشخصه، فحرصت على إبراز عيوبه، للقول إن رفقتها الطويلة له لا تعني أنها تجهل تلك العيوب.لذلك أظهرت شيئاً من العدوانية، وحتى العنف، إزاء كل من استنكر ما نشرته عن سارتر في الكتاب، وحينها قالت لصحفية عربية حاورتها حول الكتاب: «لا أدري لماذا كل هذا الهذيان الذي ظهر حول الكتاب في كل مكان. لقد شعرت كما لو أن هناك من يريد أن يدفنني وأنا حية. لقد مات سارتر، وهم يريدون إحياء تقليد هندي قديم بأن أموت إلى جانبه. هؤلاء لا يتحمّلون صراحتي. يريدون فقط أن أكتب مرثية للفيلسوف الكبير، لكنني أرفض أن أفعل».قالت أيضاً: «يؤخذ عليّ أنني سلطت الضوء على نقاط ضعفه. أهم الفصول في حياة فيلسوف هي تلك التي يظهر فيها ضعفه. لذا كشفتُ عن سارتر الجانب الذي كان يريد أن يعرفه الناس، فالفلسفة ليست تعبيراً إمبراطورياً عن أفكار تجول في وجدان الشخص، إنها الدخول في عمق الناس». madanbahrain@gmail.com

مشاركة :