ليوناردو دافنشي رائد النهضة وموسوعة الإبداع

  • 5/19/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

إعداد: عثمان حسن رسام، موسيقي، نحات، معماري، مهندس، عالم نبات، عالم خرائط، جيولوجي، خطيب مفوه، منشد ماهر... كيف يمكن أن يجتمع كل هذا في شخص إنسان؟ وأي حالة إبداعية هذه التي تجمع الفن والعلم، الموهبة والاختراع، في أبهى صور الإبداع، وربما أكثرها جنوناً؟ليوناردو دي سير بيرو دافنشي، الموسوعي رائد عصر النهضة في أوروبا، لم يكن إلا حالة نادرة، وموهبة فذة، جعلته بلا شك أحد أعظم عباقرة البشرية، وقممها الخالدة.كانت فلورنسا المركز الرئيسي للفن والعلوم في إيطاليا، وحين انتقلت العائلة إلى هناك في منتصف القرن الرابع عشر، التحق ليوناردو بمدارسها، وتلقى فيها مستوى تعليمياً مرموقا.ومنذ سنوات شبابه الأولى كان ليوناردو يحظى باهتمام لافت في وسطه الاجتماعي بفعل ما توافرت عليه شخصيته - وهو الشاب الوسيم اللبق- من ثقافة وقوة إقناع، إضافة إلى مهارته في العزف. أما بداية إطلالة ليوناردو الفعلية على عالم الفن، فكانت في عام 1466 حين التحق بمشغل للفنون يملكه أندريا دل فروكيو، فنان ذلك العصر في الرسم والنحت.وبعد ذلك بأعوام قليلة، كان اسم ليوناردو دافنشي مدرجاً في دليل فلورنسا للرسامين، لكنه ظل في نظر المتابعين مساعد فروكيو، وقد كان كذلك بالفعل، ومن الأعمال التي كان له فيها دور المساعد لوحة «تعميد السيد المسيح»، حين قام برسم الملاك الصغير الجاثم على ركبتيه في اللوحة، لكن هذا الحال لم يستمر طويلاً، فسرعان ما استقل ليوناردو بفنه وذاته. العشاء الأخير لوحة زيتية جدارية في حجرة طعام دير القديسة ماريا ديليه جراتسيه بميلانو.. هذه هي لوحة العشاء الأخير، أحد أعظم إبداعات ليوناردو دافنشي.كانت «العشاء الأخير» باكورة أعمال دافنشي، وقد استهلكت منه جهداً كبيراً، إلا أن التقنية التي لجأ دافنشي إلى تجريبها في هذه اللوحة، حين استخدم الزيت على الجص الجاف أدت إلى سرعة تلف اللوحة.وعلى مر الأعوام والقرون، جرت محاولات لإنقاذ اللوحة، واستعادة وجهها الأصلي، وبين نجاح وفشل، تمكن مختصون عام 1977 من استعادة معظم تفاصيل اللوحة، مستخدمين أحدث ما توصل إليه العلم آنذاك. موناليزا وفي ميلانو أيضاً، ظهرت التحفة الأشهر للرسام العظيم، حيث بدأ دافنشي رسم تحفته الفنية، الموناليزا، التي ما زالت العلامة الأبرز في الساحة الفنية على مر القرون.وربما كانت الموناليزا كذلك العمل الفني الأكثر جدلاً، إذ استثارت الرسامين والفلاسفة في تحليلها وبيان سرها أو سحرها، وذلك الغموض الذي ظل يغلف تلك الابتسامة الآسرة، إلى جانب الروايات المختلفة حول الدافع وراء رسم اللوحة وحقيقة صاحبتها.وقد قيل إن لوحة الموناليزا كانت صورة لامرأة حامل، أو أنها ليست في الواقع امرأة على الإطلاق، وإنما هو رجل في السحب. وبناء على حسابات أخرى بنيت على أساس سيرة ذاتية في وقت مبكر، اكتشف أن «الموناليزا» هي صورة لليزا جيوكندا، وهي زوجة لتاجر.وهناك فرضية أخرى تقول إن الموناليزا هي صورة دافنشي نفسه، لكنه قام بتقنيع نفسه بهيئة امرأة.وبالنسبة لدافنشي، كانت «الموناليزا» عملاً لا ينتهي، بسبب محاولته الدائمة في الوصول إلى الكمال، ولم يقم بتسليم اللوحة أبداً إلى طالب صنعها، بل أبقى اللوحة معه حتى نهاية حياته.فنياً، تمثل الموناليزا علامة فارقة في فن البورتريه، ولوحة تحكي عن راسمها الكثير.. ليوناردو الرسام والشاعر والفيلسوف. لوحات أخرى لدافنشي بين عامي 1474 و1476 رسم دافنشي لوحة «جينفيرا دي بينتشي»،وهي مزيج من رسم التمبرا مع الزيت على خشب شجر الحور، تحفظ اللوحة في المعرض الوطني للفنون في واشنطن، بعد أن حصل عليها مقابل 5 ملايين دولار دُفعت للعائلة المالكة في ليختنشتاين، وكان سعرًا قياسيًا في ذلك الوقت، تبرز اللوحة وجه السيدة جينفيرا دي بينتشي، خلف نبات يعرف باسم العرعر، يطلق البعض عليها «لوحة السيدة الشابة ونبات العرعر، حالياً تعرف باسمها الحالي المنسوب لجينفيرا دي بينتشي، وهي من الطبقة الأرستقراطية في القرن الخامس عشر من فلورنسا، أُعجب بها العديد من الشباب الفلورنسيين لذكائها غير العادي، وهي واحدة من قائمة دافنشي ال17، التي بذل فيها دافنشي جهدا واضحا في التفاصيل، كالإضاءة على الشعر، وهي من الرسومات النموذج لعصر النهضة، ذات جمال استثنائي، طبع دافنشي بصمات أصابعه في أماكن متفرقة على اللوحة. *** لوحة «حداد جميل»، عبارة عن بورتريه لامرأة مجهولة الهوية، نسبها متحف اللوفر إلى مدرسة ليوناردو دافنشي في ميلان. *** «صورة موسيقي» رسمها دافنشي في عام 1490، واعتقد في وقت من الأوقات أن الرجل في اللوحة هو «فرانكينو جافوريو» وكان مايسترو دي كابيلا من كاتدرائية ميلانو، واعتقد آخرون أنها لرجل مجهول، أما قطعة الورق التي يحملها فهي جزء واحد على الأقل من الدرجة الموسيقية؛ رممت اللوحة، وتم رسمها أكثر من مرة، الموسيقي بالقبعة الحمراء، يحدق نحو شيء خارج مجال رؤية المشاهد، بالمقارنة مع تفاصيل وجهه، يبدو لون شعره وكأنه مرسوم من قبل فنان آخر، اعترف مؤرخو الفن بعبقرية دافنشي من تدقيقهم في وجه الشاب في اللوحة. العالم والمخترع الدارسون لتاريخ دافنشي يكشفون عن جوانب أخرى من إبداعه، فله أبحاثه وكتاباته المهمة في علوم التصميم والرياضيات، وأعماله الفيزيائية اللافتة، بل إن الأمر يصل إلى حد الحديث عن أبحاث لدافنشي في اختراع الطائرة.في عام 1486 أعرب ليوناردو عن اعتقاده بإمكانية طيران الإنسان، شارحاً رأيه بأسلوب الفيزيائي المتخصص، وعارضاً التشابه التشريحي بين الإنسان والطائر.وفي هذا الإطار فقد وضع ليوناردو خلال حياته عدداً من النماذج، ومنها آلة الطيران، كما أن مذكراته تحتوي العديد من الاختراعات، أو تصاميمها.وقد قام ليوناردو بتصميم سيارة مصفحة وحفارة أرضية وحفارة مائية وبكرة وسفينة طائرة، كما صمم أحذية ثلجية للعوم وجهازاً للتنفس تحت الماء وسترة نجاة وغواصة تهاجم السفن من الأسفل.درس دافنشي دورة الدم وردة فعل العين، وتعلم تأثير القمر على المد والجزر، وحاول معرفة طبيعة المستحثات، ويعد من أوائل علماء الحركة والماء. أعماله الفنية هناك العديد من اللوحات والأعمال الفنية المنسوبة لدافنشي، غير أن نسبة الكثير من هذه الآثار الفنية له غير مؤكدة، فيما يتفق المختصون على أصالة نسبة نحو 15 لوحة له. ولعل ما يزيد الجدل بهذا الشأن، تلك اللوحات التي نفذها ليوناردو بالتعاون مع رسامين آخرين، كتلك التي أنتجها حين كان يعمل في مرسم الفنان فروكيو. حقائق ذات صلة برع دافنشي في العزف على القيثارة، وصادف أن حضر جلسة قضائية في محكمة ميلانو، وعندها قام بالتعريف عن نفسه قائلا: «أنا موسيقي ولست فناناً أو مخترعاً».على عكس كثير من الرسامين العالميين، لم يترك دافنشي أية لوحة تدل عليه.خضع وجه الموناليزا لتحليل أجرته جامعة كاليفورنيا، وكانت النتائج كالتالي: 83% سعيد، 9% يشعر بالاشمئزاز، 6% خائف، 2% غاضب، وتم ذلك باستخدام تقنيات التعرف على الوجوه.عام 1995، قام بيل جيتس بشراء مخطوطة ليستر ب30 مليون دولار، تحتوي تلك المخطوطة دراسات دافنشي على الهيدروليكية وحركة المياه.شرح دافنشي قبل غيره «لماذا السماء زرقاء»، وكيف أن الهواء ينثر الضوء.قام باكتشاف لماذا يكون القمر خافتا، وشرح كيف يقوم بعكس الضوء.شرّح ليوناردو الجثث وقام باستبدال العضلات بسلاسل وأوتار ليرى كيف تعمل. عن السيرة ولد ليوناردو دافنشيفي 15 أبريل/‏نيسان عام 1452، في مزرعة قرب مدينة بين أنجيانو وفالتوجنانو، في إيطاليا.كان ليوناردو الابن الأكبر لكاتب العدل سر بييرو دافنشي، وهو من عائلة ثرية. ويعد ابناً غير شرعي، فأمه الفلاحة كاثرين، طُلقت من زوجها بعد ولادة طفلها بمدة قصيرة.وتذكر الوثائق أن تعميد الطفل ليوناردو تم وسط حضور الكثير من أفراد العائلة، ولكن لم يحضر كل من الأب والأم، نظراً لأنهما كانا غير متزوجين.فيما بعد، عاش ليوناردو مع إخوته وأخواته، من غير أمه، وكانوا جميعهم أكثر شبابًا منه، حيث وُلد الأخير عندما كان ليوناردو يبلغ 46 عاما، وكانت علاقته معهم غير وطيدة، وقد سببوا له الكثير من المشاكل بعد وفاة والده بسبب الخلاف حول الميراث. ومن الغرائب التي تذكر عن طفولة ليوناردو دافنشي، أنه تعلم الكتابة من اليسار وبالعكس (بالمقلوب) بصورة مناظرة للغاية للكتابة العادية. شيفرة دافنشي منذ إصدارها عام 2003، أثارت هذه الرواية الكثير من الجدل وواجهت الحظر في الكثير من الدول، رغم كونها رواية تشويق وغموض بوليسية خيالية لمؤلفها الأمريكي دان براون، وتدور أغلب أحداثها حول اختراعات وأعمال دافنشي الفنية.حققت الرواية مبيعات هائلة وصنفت على رأس قائمة الروايات الأكثر مبيعاً. كما تمت ترجمتها إلى أكثر من خمسين لغة.وتدور أحداثها في كل من فرنسا وبريطانيا، وتتحدث عن عالم أمريكي يكتشف ألغازاً تدل على وجود منظمة سرية مقدسة امتد عمرها إلى مئات السنين وكان من أحد أعضائها البارزين العالم مكتشف الجاذبية إسحق نيوتن والعالم الرسام ليوناردو دافنشي.وقد حولت الرواية إلى فيلم عرض عام 2006، وقام ببطولته النجم توم هانكس.

مشاركة :