أولويات حزب القوات بعد الانتخابات: سلاح حزب الله والفساد

  • 5/19/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

بيروت - أُفرزت نتائج الانتخابات البرلمانية واقعا مختلفا عن ذلك الذي عرفته البلاد على مدى تسع سنوات. ويشكل صعود حزب القوات اللبنانية أحد أبرز هذه التغيرات التي ستلقي بظلالها على العديد من الملفات والقضايا، حيث يؤكد سمير جعجع، زعيم القوات اللبنانية، أنه سيستغل موقفه القوي للضغط من أجل وضع سلاح جماعة حزب الله تحت سيطرة الحكومة والقضاء على الفساد في الدولة المثقلة بالديون. وضاعف حزب القوات اللبنانية عدد نوابه تقريبا، حيث حاز على 15 مقعدا مقابل 8 مقاعد في انتخابات 2009، بما يرفع من طموحاته أيضا داخل تشكيلة الحكومة المقبلة. ووعد سمير جعجع بتحويل هذه المكاسب إلى نفوذ أكبر في حكومة ائتلافية جديدة من المتوقع أن يرأسها رئيس الوزراء سعد الحريري. وتحدث عن مخططات الحزب على ضوء هذه النتائج في مقابلة مع وكالة رويترز، أكد من خلالها على وجوب تمثيل حزبه في الحكومة الجديدة، وعلى أن الحجم الجديد للقوات سيكون له تأثيره في تشكيل الحكومة كما في قراراتها في المستقبل، وتأثير ذلك على مستقبل لبنان. ويعتبر سمير جعجع أن من حق حزبه بعد ما حققه في الانتخابات الحصول على واحدة من الحقائب السيادية المعروفة في البلاد وهي الداخلية والخارجية والمالية والدفاع. وقال “تبعا لحجمنا الجديد ولتمثيلنا الشعبي. الآن في الحكومة الحالية عندنا أربعة وزراء وحكما من بعد الانتخابات النيابية يجب أن يزيد العدد طبعا”. وأضاف أن “هذه النتيجة ستنعكس على الوضع السياسي في لبنان لجهة تأثير القوات اللبنانية في السياسة اللبنانية، حيث ستصبح مساهمة القوات أكبر في المجلس النيابي وفي الحكومة، وبالتالي هذا النجاح في الانتخابات يؤثر باتجاه مزيد من السيادة للدولة اللبنانية من جهة ومزيد من دولة فعلية خالية من الفساد من جهة أخرى”. أكد سمير جعجع، زعيم حزب القوات اللبنانية، في تصريحات تبعث على التفاؤل على أن حزبه سيستغل مكاسبه الكبيرة في الانتخابات البرلمانية، والتي أعطته حضورا قويا في المشهد السياسي، للضغط من أجل وضع سلاح جماعة حزب الله تحت سيطرة الحكومة والقضاء على الفساد في الدولة المثقلة بالديون. ويتطلع الكثير من اللبنانيين إلى تحقيق ذلك رغم أن فرصه ضعيفة والمشهد مازال غير واضح لمعرفة ما سيترتب عن تبدّل الأحجام البرلمانية على مستقبل الحياة السياسية اللبنانية ويعد سمير جعجع رئيس ثاني أكبر حزب مسيحي في البرلمان بعد التيار الوطني الحر الذي أنشأه الرئيس ميشال عون المتحالف مع حزب الله ووصل إلى الرئاسة في البلاد عام 2016. وبينما أعرب عون عن دعمه لحيازة حزب الله للأسلحة لردع إسرائيل، فإن جعجع هو أكبر خصم مسيحي للجماعة الشيعية في لبنان ويعارض حلفاء حزب الله في إيران وسوريا. تشكيل الحكومة تطرح مسألة إعادة تشكيل السلطة في لبنان أسئلة حول شكل المداولات التي ستعيد انتخاب نبيه بري رئيسا لمجلس النواب وتعيد تكليف سعد الحريري بتشكيل الحكومة الجديدة. فإضافة إلى تغير الأحجام البرلمانية التي سيترتب عليها مطالبة حزب الله كما القوات اللبنانية بتمثيل حكومي أوسع، كمّا ونوعا، جاءت العقوبات الصادرة في واشنطن ضد الحزب لتزيد الموقف تعقيدا. وقال جعجع “لا شك أن هناك صعوبات أمام تشكيل حكومة جديدة التي ستخلف الحكومة التي ستنتهي صلاحيتها خلال أيام. ومن المتوقع أن تضم الحكومة الجديدة جميع الأحزاب اللبنانية المتنافسة بما فيها حزب الله المدجج بالسلاح والمدعوم من إيران”. وعبر جعجع عن أمله في ألا يستغرق تشكيل الحكومة وقتا طويلا، مؤكدا أن حزبه يتجه إلى تسمية رئيس الوزراء سعد الحريري لتشكيل الحكومة مرة أخرى. وقال “عندنا أولويتان، الأولى أن تسترجع الدولة كل صلاحياتها ويصير كل السلاح عند الجيش اللبناني مثلما هو مفترض أن يكون في كل دولة. والأولوية الثانية التي توازيها أهمية هي حسن إدارة الدولة بمعنى أن يكون في إدارة فعلية للدولة وتكون هذه الإدارة دون فساد ودون صفقات ودون كل ما سمعنا عنه في المرحلة الماضية”. وقال جعجع إن لبنان بحاجة ماسة إلى حكومة “جديدة بالفعل” لتتصدى للفساد. وأضاف “أعتقد أن الجميع أدرك الآن أن القارب ممكن أن يغرق بكل ما فيه” في إشارة إلى المخاطر الاقتصادية التي تواجه ثالث أكبر الدول مديونية في العالم. وأضاف “أعتقد أننا في مرحلة جديدة”. وأكد زعيم حزب القوات على ضرورة أن تكون الحكومة الجديدة “جديدة بالفعل”، موضحا قوله بأن “إذا كانت الحكومة الجديدة هي نوع من استمرارية للحكومة الحالية فذلك لن يكون إشارة جيدة لا للاقتصاد ولا للأعمال ولا للمالية العامة للدولة”. على الرغم من أن حزب الله حقق وحلفاءه فوزا يعطيه الأغلبية داخل البرلمان الجديد، إلا أن المفاجأة التي حققها حزب القوات اللبنانية إضافة إلى اللقاء الذي جمع جعجع بالحريري قبل أيام، أثار الحديث عن إعادة تموضع لكافة التيارات التي كانت تنتمي لتحالف 14 آذار لمواجهة القوة البرلمانية لحزب الله، كما الاتساق مع التحولات الدولية الكبرى منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وصدور قرارات أميركية خليجية بفرض عقوبات على حزب الله ووضعه على لوائح الإرهاب. وإضافة إلى التيار الوطني الحر فإن حزب الله والأحزاب الداعمة لسلاحه فازت بأكثر من 70 مقعدا من مقاعد البرلمان البالغة 128 بعكس النتيجة التي حققتها الجماعة في انتخابات عام 2009 عندما فازت المجموعات المناهضة لها بالأغلبية. ووصف حزب الله نتيجة الانتخابات الحالية بأنها انتصار. لكن، جعجع ينفي أن يكون حزب الله خرج أقوى من الانتخابات قائلا إن التيار الوطني الحر ليس حليفا حقيقيا للجماعة وإن دعمه لسلاح حزب الله كان “كلاميا”. وأكد أن “التيار الوطني الحر وحزب الله ليسا في حالة تحالف سياسي فعلي”. غير أن مراقبين يرون أن الأمور غير واضحة وأن تقييم جعجع مازال بحاجة إلى المزيد من الوقت لمعرفة ما سيرتب عن تبدل الأحجام البرلمانية على مستقبل الحياة السياسية اللبنانية كما على موقع حزب الله داخل التشكيلة الحكومية. وعلى الرغم من أن الرئيس ميشال عون كان قد أعلن قبل الانتخابات أنه سيدعو من جديد إلى بحث الاستراتيجية الدفاعية، وعلى الرغم من ترحيب أمين عام حزب الله حسن نصرالله بخطط عون في هذا الصدد، إلا أن موازين القوى الداخلية والإقليمية مازالت لا تسمح بتوقع قبول حزب الله أن تنخرط ميليشياته داخل المؤسسات العسكرية والأمنية الرسمية. وقال جعجع في هذا الصدد إن “أول خطوة سنطرحها آنيا ومرحليا إذا سلمنا ببقاء سلاح حزب الله هي لماذا لا يكون قرار استعمال هذا السلاح عند الحكومة اللبنانية خصوصا أن حزب الله ممثل في الحكومة”. سلاح حزب الله يعتبر قبول جعجع بفرضيات بقاء سلاح حزب الله تحوّلا براغماتيا سيساعد في تنظيم العلاقة المستقبلية بين الحزب والقوات، حيث أشار بقوله “سنسعى بكل قوتنا بالوقت الذي أرى أن الأمل ضعيف في الوصول إلى شيء ما لأن موقف حزب الله في هذا المجال يقارب الموقف الأيديولوجي ليس موقفا سياسيا”. وأضاف أنه يجب معالجة القضية من خلال المفاوضات، مؤكدا أن “لا تصعيد والاستقرار خط أحمر (..)، سندفع بكل قوة على طاولة المفاوضات وسنحاول أن نستجمع ما يمكن أن نستجمعه من أصوات مؤيدة أيضا لكي نصل إلى هذا الهدف”. قبول جعجع بفرضيات بقاء سلاح حزب الله يعتبر تحولا براغماتيا سيساعد في تنظيم العلاقة المستقبلية بين الحزب والقوات على أن الوضع اللبناني الداخلي لا يقرره بالضرورة اللبنانيون أو طبقتهم السياسية المحلية. ولطالما كان لبنان عرضة لكافة الرياح التي كانت تهب خارج حدوده. ويعتبر المحللون أن المواجهة الأميركية الإيرانية الراهنة والتي تأخذ أشكالا تصعيدية من خلال العقوبات الأميركية ضد حزب الله ستؤثر حكما على البيئة السياسية داخل لبنان. وقال جعجع “أنا متخوف في ما يتعلق بالمنطقة أقله أستطيع القول إن المنطقة ذاهبة باتجاه مزيد من التصعيد ومزيد من التعقيد. هل ستصل إلى حد وقوع حرب كاملة أم ستبقى كما هي عليه في الوقت الحاضر؟ لا أعرف ولكن الوضع في المنطقة على الأكيد ليس بسليم”. ويحاول لبنان الصمود أمام البراكين المنبعثة من سوريا. وسعى من خلال إدارة داخلية إلى التعامل مع تدفق اللاجئين السوريين الذين تقول أرقام إن عددهم بلغ المليون ونصف، فيما يعتبر البلد غارقا في الحرب الداخلية السورية المندلعة منذ عام 2011 بسبب مشاركة قوات تابعة لحزب الله في تلك الحرب إلى جانب النظام السوري. الوضع الاقتصادي تعثر النمو في الوقت الذي ارتفعت فيه مستويات الدين الحكومي متجاوزة 150 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2017. وقال صندوق النقد الدولي في فبراير إن السياسة المالية للدولة يجب أن “ترسو فورا” في خطة لتحقيق الاستقرار والحد من مستويات الدين ومن ثم انخفاضها. وقال جعجع إن “أهم معالجة للوضع الاقتصادي هو معالجة الفساد والإصلاح وهذا لا يتطلب الكثير (..) فقط إذا تمكنا -وهذا ليس بالمستحيل -من معالجة ملف الكهرباء كما يجب. فقط هذا الملف وحده قادر على أن يوفر على خزينة الدولة اللبنانية حوالي مليار ونصف مليار دولار في السنة، وبالتالي هذا أكبر دفع للاقتصاد اللبناني”. وأضاف “إذا استطعنا ونستطيع طبعا أن نضبط الهدر والفساد نوفر مليارا آخر. يعني يكون عندنا دخل غير منظور بمليارين أو مليارين ونصف دولار فقط إذا تم حل مشكلة الكهرباء وهي ليست مستحيلة على الحل، وإذا ضبطنا الصفقات والهدر هنا وهناك، وبالتالي هذا برأينا أكبر عمل ممكن أن نقوم به لدفع الاقتصاد إلى الأمام”. وعبّر عن تخوفه من أن استمرار الوضع على ما هو عليه من الناحية المالية والاقتصادية سيقود البلاد إلى الأسوأ، بينما إذا تمت معالجته، وذلك برأيه، لا يتطلب أموالا من الخارج بل حسن إدارة واستقامة من الداخل، ليصل لبنان إلى ما يصبو إليه وفي وقت قياسي. ويلفت المراقبون في لبنان إلى أن الخطاب الذي يدفع به جعجع، كما البراغماتية التي يتحلى بها، يهدف إلى توسيع حضوره داخل الصف السياسي الحاكم والمقرر لمصير البلد والبت في ملفاته، إلا أن هدفه البعيد هو أن يكون حضورا للمنافسة في السباق الرئاسي المقبل عام 2022. ويضيف هؤلاء أن طموحات زعيم التيار الوطني جبران باسيل باتجاه هذا الموقع ستؤثر على مستقبل العلاقة بين القوات والتيار الوطني، ناهيك عن حظوظ زعيم تيار المردة سليمان فرنجية في هذا الصدد الذي ستجعله خصما للاثنين معا.

مشاركة :