الحكايات السحرية تحوّلت واقعاً في بريطانيا من جديد. الأمير هاري تزوّج فتاة من العامة. ميغان ماركل دخلت قلبه من اللحظة الأولى. صديقٌ مشترك رتب لقاءهما في لندن. هو القدر قال الأمير. أم هي المصادفة أن تدخل الممثلة في المسلسلات الأميركية قلعة ويندسور، وأن تكون أول امرأة غير بيضاء تحتل صدارة القصور الملكية مع الأميرات والأمراء؟ السود في البلاد فرحون. نسي بعضهم تاريخ العبودية والاستعمار. وأمل آخرون بأن يساهم هذا الزواج في تخفيف حدة العنصرية. أما البيض، مؤيدو الملكية، فوجدوا في المناسبة فرصة لتحية الأمير «المتمرد» على التقاليد، عن قرب. والتفرج على عروسه القادمة من عالم آخر. أحاط بقلعة ويندسور عشرات الآلاف لمشاهدة موكب العرس. اختار القصر 1200 شخصاً لحضور حفلة الزفاف و200 للمشاركة في المأدبة الملكية. أما المشردون والمهمشون، فأقاموا خيمهم في الشوارع، منذ أيام، من دون أن يعبأوا بعوامل الطقس وتقلباته، فهي فرصتهم الوحيدة للانخراط مع الجمهور الذي ينظر إليهم باحتقار وهم موزعون أمام المحلات الفخمة وعلى جوانب الشوارع. حضر أيضاً مشاهير من هوليود وزملاء العروس في مسلسل «سوتس». في كنيسة سانت جورج داخل القلعة، جلس النجم الأميركي جورج كلوني وزوجته المحامية الحقوقية أمل، والإعلامية الأميركية أوبرا وينفري، ولاعب كرة القدم السابق الشهير ديفيد بيكهام وزوجته مصممة الأزياء فيكتوريا، والمذيع البريطاني جيمس كوردن، ولاعبة التنس سيرينا وليامز، والممثلة الأميركية أبيغايل سبانسر، ونجمة بوليوود الهندية بريانكا شوبرا، وأشقاء الأميرة الراحلة ديانا، والمغني إلتون جون، والممثل البريطاني إدريس إلبا، وحبيبتان سابقتان للأمير هاري. وانشغلت بريطانيا كلها بالعرس الملكي الذي تابعه الملايين حول العالم. أثار الإعلام، كل الإعلام، أسئلة عن سبب عدم مصاحبة والد ميغان ابنته وتسليمها إلى العريس، على ما جرت العادة. وذهب بعض التحليلات إلى أن الرجل لا يحب الظهور. لكن الواقع أنه خضع لجراحة في القلب، ومنعه الأطباء من السفر مسافات طويلة. وقال آخرون إن من الأفضل أن تسير العروس وحيدة وتلتقي العريس، في خرق للبروتوكول الملكي الذي يظهر تسليمها من رجل إلى رجل كأنها مُلك للأول تنازلَ عنه للثاني. لكن الأمير تشارلز، والد العريس، حلّ المعضلة وتبرّع بمصاحبتها. اختارت ميغان ثوب زفاف انسيابياً ذا أكمام طويلة وفتحة عنق واسعة، صممته كلير وايت كيلر، كبيرة المصممين في دار جيفنشي الفرنسية للأزياء، ومعه طرحة بطول 5 أمتار. ووضعت تاجاً مرصعاً بالألماس أعارته لها الملكة إليزابيث، وقرطين كارتييه وسواراً، وارتدت حذاء من الساتان. وجرت مراسم الزواج التقليدية في الكنيسة التي زينت بالزهور البيضاء المفضلة للأميرة ديانا، وبمرافقة من جوقة غنت أغنية «ستاند باي مي». وقال أسقف كانتربري جاستن ويلبي الذي رأس مراسم الزفاف، إن العروسين «عاقلان جداً» و «متزنان»، وإن «عاطفة عميقة تربط بينهما، وهذا شيء رائع». وعلى رغم تماشي مراسم الزواج مع تقاليد الملكية التي يعود تاريخها إلى عام 1066، أضفت ميغان لمسات عصرية، إذ لم تتعهد بأن تطيع زوجها، كما أن هاري، بخلاف كبار ذكور العائلة المالكة، سيرتدي خاتم زواج. وللمناسبة أيضاً، كتب أسقف أميركي أسود هو مايكل بروس كاري كلمة ألقتها الليدي جين فيلوز، شقيقة الأميرة الراحلة ديانا. ولم ينس الحضور ترداد النشيد الملكي «حمى الله الملكة». ولن يغادر الأمير وزوجته فوراً لقضاء شهر العسل، وسيقومان بأولى مهامهما الرسمية هذا الأسبوع. ومنحت الملكة العروسيْن لقب دوق ودوقة إسيكس. واشتهر هاري، وهو الابن الأصغر للأميرة الراحلة ديانا الذي درس في مدرسة إيتون الخاصة في ويندسور، بأنه فتى متمرد. واعترف بتدخين القنب، واحتساء الخمر في حانة عندما كان قاصراً. كما تشاجر مع مصوري المشاهير أمام ملهى ليلي في لندن، وأثار ارتداؤه زيَ ضابط نازي في إحدى الحفلات، موجة غضب. لكنه حسّن صورته عندما انضم إلى الجيش، وقضى عشر سنوات في الخدمة وأُرسل مرتين إلى أفغانستان. وكانت لديه الجرأة للتحدث عن العذاب العاطفي الذي عانى منه بعد وفاة أمه في حادث سيارة في باريس عام 1997. وسار وراء النعش في موكب الجنازة وكان في الثانية عشرة. وتختلف حياة هاري الملكية عن حياة ميغان التي ولدت ونشأت في لوس أنجليس حيث انفصل والداها عندما كانت في السادسة. وبعد المشاركة في عدد من الأدوار الصغيرة في الأفلام وعلى شاشة التلفزيون، حصلت على دور راتشيل زين في مسلسل «سوتس». وعملت ناشطة في مجال حقوق الإنسان، وتزوجت من المنتج السينمائي تريفور إنغيلسون عام 2011 قبل أن ينفصلا عام 2013. وأكد استطلاع للرأي أجرته وكالة «ايبسوس» وشمل 21 ألف شخص في 28 دولة، اهتمامهم بالحدث. وحتى المشككين في بريطانيا الذين لم يرُق لهم صرف 32 مليون جنيه على العرس، يمكنهم الاطمئنان إلى العائدات المالية، إذ توقعت شركة «براند فاينانس» المتخصصة في تقدير قيمة الشركات والأصول، دفع الاقتصاد المملكة المتحدة بنحو بليون جنيه استرليني. وفي باريس، واحتفالاً بالزفاف، تجمع مهنئون عند نصب تذكاري للأميرة الراحلة ديانا أقيم قرب جسر ألما على نهر السين قرب المكان الذي لاقت فيه حتفها. وفي أميركا (أ ب)، كان الزواج الملكي حديث الناس الذين تجمع العديد منهم في الحانات أو المنازل أو الفنادق الفخمة التي نظمت حفلات لمشاهدة المراسم.
مشاركة :