هل يخرج الصدر العراق من مستنقع الطائفية؟

  • 5/21/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

قد تبدو الانتخابات البرلمانية العراقية، التي أجريت مؤخراً، مماثلة للانتخابات السابقة، لأن معظم المرشحين والحركات البارزة سيطرت على الحياة السياسية للبلاد منذ أن أطاحت الولايات المتحدة بصدام حسين عام 2003. لكن رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، البالغ من العمر 44 عاماً، يقود تحولًا مشجعاً، يمكن أن يدفع السياسيين العراقيين للخروج من شرنقتهم الطائفية. وقد عزز الصدر وضعه من خلال قيادة المقاومة ضد الاحتلال الأميركي، ومكافحة الحكومة السابقة في بغداد، برئاسة نوري المالكي، التي كانت متحالفة بقوة مع الولايات المتحدة. لقد تحدّى الصدر بعناد التدخل الأجنبي، ما أثار غضب إيران والولايات المتحدة، وقام بتطهير العناصر الفاسدة من حركته. في صيف عام 2015، أصبح الصدر من الوجوه التاريخية، واتحد مع الحزب الشيوعي العراقي، وجماعات المجتمع المدني العلمانية، التي كانت تحتج على فشل الحكومة في توفير الأمن للعراقيين من هجمات داعش الإرهابية، أو حتى توفير المتطلبات الأساسية للحياة، بما في ذلك الوظائف والكهرباء. وقد شدد التحالف الجديد على مطالبه بإنهاء الفساد. ويتصدر العراق بانتظام، التصنيفات العالمية للفساد، ويعاني من بطالة متوطنة، تعاني منها نسبة عالية من الشباب بشكل خاص. وعندما كانت أسعار النفط مرتفعة، وصل الفساد إلى نطاق ضخم، لكن العراقيين لم يستفيدوا أي شيء في بنيتهم التحتية أو الوظائف أو الخدمات. حتى الأمن الذي يعتبر حيوياً، لم يكن متوفراً، وقد كشف ذلك عدم جاهزية الجيش العراقي في وقف اكتساح داعش للموصل ومحافظة الأنبار، ووصوله إلى بوابات بغداد. لقد أبقى الفساد، الفقراء العراقيين تحت رحمة داعش، ولهذا السبب، رفع الصدر شعر «الفساد هو الإرهاب»، وكان لهذا الشعار صدى واسع لدى كثير من العراقيين، الذين تعرضوا للإحباط الشديد من عقد من الفشل، من قبل الحكومات المتعاقبة في بغداد. واحتضن الصدر جماعات المجتمع المدني، وتبنى جدول أعمالهم المطالب بحقوقهم المدنية، وتوفير حوكمة أفضل، والتوزيع العادل للموارد. من النتائج المهمة لانضمام الصدر إلى التحالف غير الطائفي، إيجاد سلالة جديدة من التعددية والتسامح. ويتجلى ذلك في كيفية تمكن العراقيين من استعادة الأماكن العامة دون خوف، بغض النظر عن الهويات الطبقية والطائفية والأجناس. وقد شجع ذلك على خروج تظاهرات عارمة ضد الفساد بقيادة الصدر. لقد أعاد السيد الصدر ابتكار نفسه مرات لا تحصى، في مسيرة سياسية متقلبة، ويمكن أن يكون حليفاً معتدلاً. ولا يعني تقديره للحلفاء العلمانيين الجدد، مصادقته على المبادئ الليبرالية أو الآراء التقدمية. لكن الصدر كان يتمتع بالمشاعر القومية على الدوام، وتبنى لغة توحيد العراقيين الوطنيين، بغض النظر عن الطائفة أو العرق. وتثير حملته الحالية من أجل حكومة مدنية معادية للطائفية والإصلاحية، الآمال والإمكانات التي لم تختبر في التاريخ العراقي الحديث. فالصدر يغير شروط النقاش السياسي. ويقول مساعدوه السياسيون، إنهم يريدون قيادة الحكومة العراقية، أو يعملون كمعارضة برلمانية ساهرة على مصالح البلاد. ومنذ عام 2003، اختار كل فصيل فائز في الانتخابات، الانضمام إلى حكومة ائتلافية واسعة، واستخراج حصته من الغنائم من القطاع العام. ويظهر الصدر أن الحركة السياسية المعروفة بفساد مليشياتها، يمكن أن تصبح أيضاً في عملية التغيير والبناء، وأن تسهم أيضاً في حمل لواء الإصلاح السياسي بصورة ثانوية أو جذرية. تحالف الصدر الإصلاحي، يمكن أن يمنح الثقافة السياسية في العراق الهزة التي تفتقر إليها بشدة.

مشاركة :