الجزائر - ألقت الأزمة الاقتصادية في الجزائر بظلال كئيبة على معظم المواطنين في أول أيام شهر رمضان بعد أن قلصت القيود الحكومية المفروضة على حزمة واسعة من الواردات خيارات تنويع موائدهم، وزادت من احتمالات دخولهم في دوامة من المشكلات. هجرت معظم الأسر الجزائرية الأسواق التجارية في الأيام الأولى لشهر رمضان بسبب أسعارها المرتفعة، في ظل القيود الحكومية المفروضة على المئات من السلع لكبح نزيف احتياطي العملة الصعبة. واعتبر مصطفى زبدي، رئيس الجمعية الجزائرية لحماية المستهلك، أن المضاربة المنظمة أدت إلى ارتفاع جنوني في أسعار الفواكه الجافة والمكسرات. ومنعت الحكومة في يناير الماضي استيراد 851 منتجا بينها الفواكه المجففة والفواكه الطازجة ما عدا الموز. ويحظى شهر رمضان بأهمية استثنائية لدى الجزائريين، ليس بسبب قيمته الدينية والروحية فقط، بل لأنه يعكس تقاليد استهلاكية راسخة، تتضاعف بشكل ملحوظ. وأكد زبدي أن هذه السلع ليست من الأساسيات لكن عادات الجزائريين في رمضان تجعل من الطلب عليها يرتفع، ولذلك وجب مراقبة المخازن ومعرفة سبب تضاعف أسعارها الرهيب. وقال إن “ما يفسر وجود مضاربة هو أن الأسعار لم تكن بهذا المستوى من الارتفاع قبل شهر من الآن، لكن المنتجات اختفت فجأة وعادت للظهور فجأة أيضا وهذا دليل على مضاربة ممنهجة”. وبلغ سعر البرقوق والخوخ المجففين المستوردين، المكونان الرئيسيان لطبق “طاجين الحلو” المتعارف عليه في رمضان لدى الجزائريين 8 دولارات للكيلوغرام الواحد بعد أن كان في السابق في حدود 4 دولارات. الطاهر بولنوار: المخزونات المستوردة في العام الماضي تكفي لطيلة الصيف المقبل الطاهر بولنوار: المخزونات المستوردة في العام الماضي تكفي لطيلة الصيف المقبل أما العنب المجفف (الزبيب) فتضاعف سعر المستورد منه ثلاث مرات، وقفز من 2.65 دولار للكيلوغرام الواحد إلى 8 دولارات. وتفاعلت منصات التواصل الاجتماعي مع هذا الارتفاع الجنوني في الأسعار، وعلق كثيرون على موقع فيسبوك، خصوصا أن رمضان 2018 سيكون دون أطباق وحلويات تقليدية على غرار “طاجين الحلو”. وارتفعت أسعار الكيوي والأناناس المجففين بشكل كبير لتبلغ 17.5 دولار للكيلوغرام بسوق كلوزال بوسط العاصمة، في حين كانت أسعارها سابقا قبل منعها من الاستيراد في حدود 8 دولارات تقريبا. كما عرفت أسعار المكسرات التهابا غير مسبوق في مختلف الأسواق، وخاصة بعد منع استيرادها وحلول شهر رمضان حيث يكثر الطلب عليها، وعلى سبيل المثل بلغ سعر الكيلوغرام الواحد من اللوز 22 دولارا، أما الجوز فوصل سعره إلى أكثر من 44 دولارا للكيلوغرام. ويؤكد رئيس الجمعية الجزائرية للتجار والحرفيين الطاهر بولنوار، وجود ارتفاع في أسعار الفواكه المجففة والمكسرات، بمعدل 20 في المئة على الأقل، وقال إن “هذا الارتفاع يعود لسببين رئيسيين”. وأوضح أن السبب الأول يتمثل في نقص الإنتاج المحلي للفواكه الجافة والمكسرات، وقد تزامن مع وقف استيرادها. أما السبب الثاني فهو ارتفاع الطلب مع اقتراب شهر رمضان بالنظر إلى الأطباق التقليدية والحلويات التي يتم إعدادها انطلاقا من هذه المواد. ولفت بالمقابل إلى أن المخزونات من هذه المواد التي استوردت في العام الماضي، تكفي طيلة الصيف المقبل، دون أن يقدم كمية محددة. وكانت العائلات الجزائرية قبل تراجع عائدات الدولة من صادرات الطاقة في 2014، تستعد لاقتناء كل ما يلزمها من المواد الغذائية خلال كامل شهر رمضان، لكن تدهور قدرتها الشرائية اضطرها للتسوق يوميا والاكتفاء بما هو ضروري لمائدة إفطار واحدة. ولمواجهة موجة الغلاء، اضطرت السلطات إلى افتتاح العشرات من الأسواق، من بينها 9 بالعاصمة، حيث ستزود بشكل مستمر بالمنتجات مع فرض رقابة دائمة على الأسعار المطبقة. وقال وزير التجارة سعيد جلاب إن “الخضر والفواكه ستكون متوفرة في الأسواق بكميات كافية وبأسعار معقولة خلال رمضان، بالنظر لوفرة المنتوج الزراعي وفتح 159 سوقا مخصصا للشهر الفضيل”. وأوضح خلال زيارته لأحد أسواق العاصمة مؤخرا أن السلع متوفرة وبالتالي لا يوجد أي مبرر لارتفاع الأسعار خلال رمضان. وأشار إلى أن”المنتجين والمتعهدين التزموا بتوفير السلع بأسعار معقولة وهو ما ستحرص وزارة التجارة من خلال مفتشيها على تطبيقه في الأسواق”. والمتعهدون هم وسطاء بأسواق الجملة، يستلمون السلع والبضائع من المزارعين ويقومون ببيعها لهم مقابل نسبة معينة يتفقون عليها مسبقا. ولجأت وزارة التجارة لاستيراد 50 ألف طن إضافية تحسبا لأي نقص محتمل خلال شهر رمضان، وتوزيعها على مختلف الأسواق التي تم فتحها بمناسبة هذا الشهر.
مشاركة :