تحدث الكاتب والأكاديمي الأميركي المتخصص في الصراع العربي الإسرائيلي نورمان فنكلستاين عن تاريخ هذا الصراع، وعن النازية والمحرقة في مقابلة مع الصحافي الأميركي ماتيو فيرنون، كما تحدث عن الجدل الذي تم بينه وبين الكاتب المؤيد لإسرائيل آلان ديرشوفيتز، وعن الرئيس أوباما أيضاً. وفي ما يلي نص المقابلة: - ماتيو: لنبدأ من بداية اهتمامك بالسياسة. أوباما لم يكن يكترث بالسياسة مطلقاً، وكل ما يهمه هو «الإرث» الذي سيتركه للتأكد من أنه سيقول في مذكراته إنه قدم لأميركا أفضل اتفاقية في تاريخها مع إيران. نورمان: عاش والداي حياة المحرقة النازية وقتل كل أفراد عائلتيهما في هذه الحرب، وكانا يعيشان في غيتو وارسو حتى انتفاضة أبريل 1943، وتم نقلهما بعد ذلك الى معسكر للاعتقال، وانتهى المطاف بوالدي الى معسكر أوشفيتز، وأمي إلى معسكرات العمل بالسخرة. وبعد الحرب كانا في معسكر للاجئين في النمسا، وسافرا إلى الولايات المتحدة عام 1948 أو 1949، وكانا يؤيدان الاتحاد السوفييتي، ليس لأنهما كانا شيوعيين، وإنما لأنه تمكن من هزيمة النازية، وكانا يحبان ستالين جداً حتى وفاتهما عام 1995، وأمي تكره ما يفعله الجيش الأميركي في فيتنام، ولم أكن مهتماً بالسياسة لأني أردت التركيز على الدراسة حتى تخرجي في الجامعة. - ماتيو: بعد الجدل الذي تم بينك وبين الكاتب آلان ديرشوفيتز يقال إنه تم طردك من الجامعة. نورمان: كان هذا الرجل يتملق إسرائيل دائماً، فوجهت انتقادات شديدة ضده، وحقرته وعريته تماماً، وهو نفسه يعرف أن الجميع يحتقره، ولذلك شن عليّ حملة كي أُفصل من الجامعة كمدرس. - ماتيو: ولكن هل تعتقد أنه منذ تلك المجادلة بات اليساريون يأخذون موقفاً قوياً الى جانب إسرائيل؟ نورمان: مستحيل، إذ ليس هناك يساري يحترم نفسه يمكن أن يقبل السلوك الذي تسلكه إسرائيل، وقبل كل شيء لا أعتقد أن إسرائيل في وضع يسمح لها بالدفاع عنها. - ماتيو: ولكن أنت تحدثت عن أن إسرائيل تتلقى دعم الحزبين الرئيسين في أميركا. نورمان: إذا نظرت الى استطلاعات الرأي فإنك ستجد أن الجمهوريين يدعمون إسرائيل بنسبة 70%، لكن الديمقراطيين يدعمون إسرائيل بنسبة 40%، ولهذا فإن الحزبين لم يعودا داعمين لإسرائيل، وإنما فقط على مستوى القيادة والكونغرس. - ماتيو: في عام 2015 أصدرت الأمم المتحدة تقريراً معروفاً باسم «مؤتمر الأمم المتحدة حول التجارة والتنمية»، واستخدم التقرير عبارة «غير صالح للعيش»، لوصف حالة قطاع غزة بحلول عام 2020، إذا بقيت الحال على ما هي عليه. نورمان: وفي عام 2017 قال المتحدث باسم الأمم المتحدة إنهم تعدوا هذه العتبة لأن غزة صارت تنعم بساعتين من الكهرباء يومياً، لذلك اعتبروها تجاوزت عتبة عدم الصلاحية للعيش، فهل هذا معقول؟ - ماتيو: ولكن بعد ذلك وبعد هذا التقرير، وقع الرئيس باراك أوباما على قرار يقضي ببيع صفقة أسلحة لإسرائيل بقيمة 38 مليار دولار. نورمان: أوباما قدم تلك الصفقة لإسرائيل ليكون مقبولاً من خلال وجوده في السلطة، ولذلك فإنه انتظر حتى نهاية فترته الثانية، ولم يستخدم حق الفيتو ضد قرار للأمم المتحدة ضد المستوطنات الإسرائيلية، ولكن لماذا؟ لأنه كان الوقت المناسب للرد على نتنياهو الذي أظهر أنه شخص عنصري مقيت، نتيجة الطريقة التي تعامل بها مع أوباما، أقصد أن نتنياهو أوضح تماماً أنه يكره السود. - ماتيو: ومع ذلك فإن أوباما كان أفضل من بوش بالنسبة لإسرائيل. نورمان: لقد كان الأفضل بالنسبة لإسرائيل، فقد كان يدافع بشدة عن إسرائيل في المحافل الدولية، والسبب الآخر لأنه علينا أن نفهم ان أوباما لا يملك «عظاماً سياسية» في جسمه، وهو لا يكترث بالسياسة مطلقاً، وكل ما يهمه هو «الإرث» الذي سيتركه للتأكد من أنه سيقول في مذكراته إنه قدم للولايات المتحدة أفضل اتفاقية في تاريخها مع إيران، كما أنه أراد أن يظهر أنه ليبرالي وتقدمي، ولذلك لم يستخدم حق الفيتو ضد المستوطنات لأنها قضية خاطئة، ونحن نريد السلام، وكل ما فعله كان من أجل مذكراته، وهو يعرف أن القرار كان بلا جدوى ولا معنى، وكان الوقت في نوفمبر وترامب قد انتخب في حينه، ولذلك فإن القرار ليس له أي قيمة، ولكنه فعل ذلك من أجل مذكراته، فهو يريد أن يظهر أن لديه إرثاً متنوراً.
مشاركة :