هيمنة عمالقة التكنولوجيا تهدد إنترنت المستقبل ب «مزيد من القيود»

  • 5/22/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

منذ أن أصبحت مربحة تجارياً لعبت الإنترنت دوراً كبيراً على صعيد عدالة نشر المعلومات وطورت آفاق الاتصال عالمياً وصارت منصة لمجموعة واسعة من الخدمات والسلع.في البداية كانت خطوات منظمي الشبكة حذرة حيال تنظيم الأنشطة عبر الشبكة بهدف دعم تطوير الابتكارات وازدهار التجارة، إلا أن هيمنة شركات مثل «جوجل» و«فيسبوك» و«أمازون» وغيرها من عمالقة الشبكة، أوحى بأن عالم الإنترنت لا يخضع لنظام محدد.ولكن بعد أن نضجت تجربة الإنترنت علت أصوات المنادين بوضع حدود لهيمنة عمالقة الشركات ولجأ صناع القرار خاصة في الولايات المتحدة وأوروبا إلى اتخاذ الإجراءات المناسبة لمواجهة تحديات تفرضها هيمنة تلك الشركات.وفرضت اتهامات روسيا بالتدخل في الانتخابات الأمريكية مستغلة منصات التواصل الاجتماعي، على دول العالم الدخول في حوارات حول تأثير وقوة مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من شركات الإنترنت.تنتقل الحوارات إلى مرحلة أكثر سخونة خلال عام 2018 ما يسفر عن قيود جديدة ترسم شكل إنترنت المستقبل. وهناك ثلاثة مجالات مرشحة للتغيير هي المحتوى الرقمي والخصوصية الرقمية ومكافحة الاحتكارات. 1- المحتوى الرقمي بعد سنوات من الممارسات غير القانونية التي شملت خطاب الكراهية وتصيد الأخطاء والتجاوزات القانونية ودعم الإرهاب، جاءت قضية «الأخبار الملفقة» لتكون الشعرة التي قصمت ظهر البعير.وتقود أوروبا حملة تقييد المحتوى الرقمي غير القانوني وتزيد من ضغوطها على شركات الإنترنت بحيث تضطر لضبط المحتوى وتحسينه. كما أن الولايات المتحدة التي كانت تدعي نصرة حرية التعبير على الشبكة، تسعى لفرض قيود على المحتوى الشبكي من خلال قانون «أونيست آدز آكت» وقانون «ستوب إنابلينغ سيكس ترافيكارز». 2- الخصوصية الرقمية تتصدر أوروبا قائمة دول العالم التي تسن قوانين حماية الخصوصية الرقمية لمواطنيها. فقد غير قانون أصدرته المحكمة الأوروبية عام 2014 تحت اسم «رايت تو بي فورغاتن» طرق تعامل شركات الإنترنت مع بيانات مستخدمي الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.ولا تزال جهود الولايات المتحدة في هذا المجال متخلفة عن الجهود الأوروبية ولا يوجد ما يدل على اتخاذ خطوات مهمة على هذا الصعيد في الوقت القريب.لكن قانون «براوزر آكت» الذي تم تقديمه لمجلس النواب عام 2017 والذي يسمح للمستخدمين بالاختيار بين جمع البيانات عن طريق مزودي الخدمة أو عن طريق المنصات الرقمية، يعني أن الولايات المتحدة مقبلة على تغييرات شاملة في هذا المجال خلال السنوات المقبلة. 3-مكافحة الاحتكارات تركزت جهود مكافحة الاحتكارات في الولايات المتحدة خلال العقود الماضية على حماية المستهلكين خاصة فيما يتعلق بأسعار المنتجات.ومع بداية القرن الحادي والعشرين تطور مفهوم مكافحة الاحتكارات ليشمل صفقات الاستحواذ وحماية الشركات الصغيرة. ويتبنى الاتحاد الأوروبي هذا المفهوم الجديد وهو ما ظهر جلياً في موقف المفوضية الأوروبية من شركة جوجل عام 2017 فيما يخص اتهامها بمنح الأفضلية لمنتجاتها وخدماتها.ويركز دعاة مكافحة الاحتكارات على الاتجاه السائد في وادي السيليكون والذي يركز على كبح كل شركة يمكن أن تشكل منافساً في المستقبل لعمالقة التقنية. وهذا يتسبب في الحد من الابتكار وتمركز الهيمنة في عدد محدود من الشركات.ولا بد من الإشارة إلى أن الإنترنت تمر بمفترق طرق.فعمالقة التقنية التي تهيمن على الفضاء الشبكي ستواجه عقبات جديدة ممثلة في القيود القانونية التي يتم فرضها هنا وهناك. وهذا لن يؤثر فقط في تلك الشركات بل في عملائها الذين يعتمدون على خدماتها سواء في قطاع الأعمال أو على صعيد الأفراد.ويبدو أن تزايد التدقيق في أنشطة شركات الإنترنت لن يكون مقتصراً على ضبط سرعة انتشارها ونموها بل إن عواقبه ستكون كبيرة جداً على مستقبل الإنترنت التي لن تبقى كما عهدناها من قبل.

مشاركة :