لا يزال الغموض والشكوك يخيمان على أجواء القمة التاريخية، التي تجمع لأول مرة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية وكوريا الشمالية ( دونالد ترامب، و كيم جونغ أون) في سنغافورة في 12 يونيو / حزيران المقبل .. ولم يتوقف الحديث المثار والجدل الدائر حول القمة المرتقبة، وبالتأكيد لن يتوقف حتى عقد هذه القمة، التي صاحبتها تهديدات وتحذيرات حينا ، ومبادرات ايجابية لم تنج من الشكوك حينا آخر، بعدما أعلنت كوريا الشمالية عن توجه لوقف التجارب النووية، والذي لقى ترحيبا حذرا فى الأوساط الأمريكية، بينما لم يتردد من تعاملوا من قبل مع هذا الملف الكورى الشائك من الدبلوماسيين ورجال الاستخبارات الأمريكيين فى أن يبدوا شكوكهم تجاه جدية «بيونج يانج» فى الالتزام بوعودها. كما شددوا على أن طبيعة هذه الملفات الصعبة تحتاج الى وقت طويل وجهد كبير حتى يتم التفاوض حولها والوصول الى حلول بشأنها!! هل يلتقيان؟! وهددت كوريا الشمالية، الأسبوع الماضي، بإلغاء القمة المرتقبة بين كيم جونغ اون ودونالد ترامب، إذا ما ضغطت واشنطن عليها من أجل التخلي عن ترسانتها النووية في شكل أحادي.. وقال نائب وزير الخارجية الكوري الشمالي، كيم كي غوان، في بيان «أعربنا بالفعل عن استعدادنا لجعل شبه الجزيرة الكورية خالية من الأسلحة النووية، وأعلنّا مرارا أنه يتعين على الولايات المتحدة أن تضع حدا لسياستها العدائية تجاه كوريا الشمالية ولتهديداتها النووية، كشروط مسبقة». وهاجمت كوريا الشمالية بعنف مستشار الأمن القومي الأمريكي، جون بولتون، الذي كان تحدّث عن «النموذج الليبي» لجعل كوريا الشمالية خالية من الأسلحة النووية.. وقال مسؤول كوري، إنّ «هذه محاولة شريرة للغاية لإخضاع كوريا الشمالية لمصير ليبيا والعراق». وتابع «لا يمكنني كبح جماح غضبي من هذه السياسة الأميركية»، مشيرا إلى أنّ بيونغيانغ «تشك في أن الولايات المتحدة تريد فعلا تحسين العلاقات مع كوريا الشمالية من خلال الحوار والتفاوض»..ومن جانبه سعى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لاسترضاء الزعيم الكورى الشمالى كيم جونج-أون، مؤكدا أن سلامة «كيم» ستكون مكفولة فى أى اتفاق، وأن كوريا الشمالية لن تواجه مصيرا كمصير ليبيا بعد رحيل زعيمها معمر القذافي، وذلك بعد أن تحدثت بيونج يانج عن إمكانية الانسحاب من قمة غير مسبوقة. وتهكم «كيم كى جوان» النائب الأول لوزير الشئون الخارجية الكورى الشمالى، من تلميحات «جون بولتون» المتعلقة باتفاق يشبه ذلك الذى تم بموجبه شحن مكونات البرنامج النووى الليبى إلى الولايات المتحدة، ووصفه بأنه «سخيف»، وأضاف: «العالم يعرف جيدا أن بلدنا ليس ليبيا ولا العراق اللذين واجها مصيرا مأساويا»..واتهم واشنطن باستفزاز بيونج يانج عمداً فى محاولة «لنسف أجواء الحوار». وكانت المناورات العسكرية «ماكس ثاندر» الجوية السنوية بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، الشهر الماضي، عنصرا آخر من عناصر الشكوك، وأكدت كوريا الشمالية،أن الولايات المتحدة «عليها التفكير مليا بخصوص مصير القمة المخطط لها بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، في ضوء هذه المناورات العسكرية الاستفزازية».. وأضافت أنّ «هناك حدودا لحجم النوايا الحسنة والفرص التي بوسعنا تقديمها». وأشارت إلى أنّ المناورات بين الحليفين محاكاة لمحاولة غزو واستفزاز في وقت بدأت العلاقات بين الكوريتين في التحسن. وفي المقابل، أكدت الولايات المتحدة استمرارها في التحضير للقمة المرتقبة. وأصدر البيت الابيض، أمس، ميدالية تذكارية بمناسبة القمة التاريخية المرتقبة، بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون.. ونقشت على الميدالية عبارة «محادثات السلام» باللغتين الانكليزية والكورية، محاطة بغصني زيتون وحولها اسما البلدين «الولايات المتحدة الأمريكية» و«جمهورية كوريا الشعبية الديموقراطية» وتحتها العام «2018»، بينما نقش في دائرة داخلية اسما الرئيس «دونالد جي. ترامب» و«القائد الاعلى كيم جونغ أون».. وتوسط الميدالية علما البلدين بلونيهما الأحمر والأزرق، وفي كل منهما نقش نصفي لترامب وكيم..أما الوجه الآخر للميدالية، فيحمل صورة البيت الابيض والطائرة الرئاسية «ار فورس وان»، والشعار الرسمي لرئيس الولايات المتحدة.. وغالبا ما يصدر مكتب الاتصال في البيت الابيض ميداليات تذكارية يمكن اهداؤها لمدعوين رسميين او بيعها للزوار. وخلال المناقشات الدائرة حاليا فى واشنطن حول القمة، طرحت بعض الآراء والتوقعات: 1ـ إنها سوف تكون بداية مرحلة جديدة من العلاقات الأمريكية الكورية. ومعها قد تأتى إمكانية نهاية عداء طال لعقود طويلة ومواجهات سياسية وعسكرية حاولت تفادى المصادمة لأن عواقبها كانت ستكون وخيمة وجالبة للدمار فى المنطقة برمتها. 2 ـ إن التوصل إلى صيغة اتفاق أو حلحلة حالة التوتر فى منطقة أقصى شرق آسيا يجب أن تشمل آلية أمنية عسكريةإقليمية تضمن أمن واستقرار المنطقة وأيضا مشاركة دول المنطقة فى تحقيق هذه المنظومة وحمايتها. وواشنطن تعرف جيدا أن هذه المنظومة يجب أن تتضمن مشاركة كل من الصين واليابان وبالطبع كوريا الجنوبية. 3 ـ صناع القرار الأمريكى والسياسات الأمريكية بخصوص ملفات كوريا الشمالية يدركون جيدا أن بيونج يانج تملك السلاح النووي، وواشنطن تدرك ذلك ومن ثم عليها أن تتعامل مع كوريا الشمالية على هذا الأساس. وجدير بالذكر أن على مدى العقود الثلاثة الماضية قام بزيارة كوريا الشمالية ولقاء زعيمها قائمة قصيرة من المسئولين الأمريكيين ضمت مادلين أولبرايت عام 2000 كأول وزير خارجية أمريكى يزور كوريا بعد التقسيم. وبيل ريتشاردسون مندوب أمريكا السابق لدى الأمم المتحدة وله زيارات عديدة منذ بداية التسعينيات. وأيضا الرئيسان السابقان بيل كلينتون وجيمى كارتر بعد أن خرجا من البيت الأبيض، بالاضافة الى ريتشارد كلابر المدير السابق لجهاز الاستخبارات الوطنى وقد قام بزيارة سرية عام 2014 للإفراج عن بعض المحتجزين من الأمريكيين. وتضم هذه القائمة أيضا الواعظ الشهير فرانكلين جراهام ( وقد زارها خمس مرات على الأقل) ولاعب كرة السلة الشهير دينيس رودمان الصديق المقرب للزعيم الكورى كيم جونج أون.
مشاركة :