في «عطر الروح» سنكسر قالب الدراما الاجتماعية إلى النفسية والبوليسية

  • 5/23/2018
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

أعلن المخرج البحريني محمد القفاص، في حديث خاص وجريئ لـ«الأيام»، أنه سيكسر قالب الدراما الاجتماعية في مسلسله «عطر الروح» الذي يُعرض حاليًا، فيما صرّح بأنه مخرج مزيّف لأسباب عديدة، مشيرًا إلى أنه لا يوجد مخرج خليجي لا يُجبر على ممثل في أعماله الدرامية وأن الوسط الفني الخليجي يُعاني من المجاملة الكبيرة، كما تحدث لأول مرة عن رفضه لأعمال تخصّ العملاقين الراحل عبدالحسين عبدالرضا والقديرة حياة الفهد، والكثير من القضايا التي جاءت في هذا الحوار.] نشاهد الآن تجربتك الثانية مع الفنانة القديرة هدى حسين في مسلسل «عطر الروح»، فماذا تمثل لك هذه التجربة؟- في الدراما الخليجية نعتمد اعتمادا كليا على ما يقدّم من دراما اجتماعية، خصوصا في شهر رمضان، وهي عبارة عن أسرة بها الكبار والصغار لديهم مشكلة ما، وهذا هو الإطار في الدراما الخليجية الذي شاهدناه على مدى أكثر من أربعين عاما، بينما في الدراما المصرية فقد كُسر حاجز الدراما الاجتماعية، فنشاهد دراما متشعبة ومواضيع متعددة، وتنجح هذه الأعمال نجاحا كبيرا بالرغم من أنها ليست أعمالا اجتماعية، وبإمكان الكبير والصغير أن يتابعها، وكذلك الدراما السورية التي تجاوزت ذلك، بينما مازالت الدراما الخليجية تدور في فلك الدراما الاجتماعية؛ وذلك لأننا اعتدنا الخوف من كسر الحاجز، في حين أن تعريف الفن هو كسر كل ما هو تقليدي. في «عطر الروح» لن نرى دراما اجتماعية، وإنما سنرى موضوعا نفسيا شبه بوليسي، وهذا ما يجعل الشخص يتحدى، ويبقى الأمر بيد الجمهور إذا ما سيتقبل أم لا، فالموضوع غير اجتماعي، لكنني من الناحية الإخراجية واثق أن حرفيتي في «عطر الروح» أفضل من «حياة ثانية».] لماذا كسرت القالب الاجتماعي في «عطر الروح» وجازفت في موسم شهر رمضان، خاصة أن كلامك يعني أنه ليس من الضرورة أن أجسّد أسرة في العمل الدرامي لأعبر عن قضايا المجتمع؟- أحيانا تكسر أشياء بقصد الكسر وأحيانا تكسر أشياء ليس بالقصد، العمل كان من المفترض أن يعرض خارج رمضان، لكن لظروف إنتاجية وتوقف المنتج عن إنتاج هذا العمل قررت الفنانة هدى حسين إنتاجه، وتأخرنا عن موسم قبل رمضان، فقررنا تقديمه في رمضان.] هدى حسين من الفنانات اللواتي استطعن التلوّن في أعمالهن، إلى أي مدى يشكل هذا صعوبة وتحديًا بالنسبة إليك -مخرجًا- في إبراز الشيء الجديد في نجمة كهدى؟- بالعكس، هذا يسهل المهمة لا يصعّبها، فالذي يصعّب المهمة على المخرج أن يطوّع أداء ممثلة أو ممثل غير جيد مفروض عليه عن طريقة الواسطة.] هل أجبرت على ممثلين في أعمالك؟- طبعا، لا يوجد مخرج لا يُجبر على ممثل أو ممثلة في وسطنا الدرامي الخليجي، وأقولها بلسان أكبر مخرجي الخليج، ومن يقول غير ذلك فهو «كذّاب»، فحتى المخرج يُحرج، فهو يضطر أحيانا إلى التعاون مع ممثلة ما بضغط من القناة المنتجة أو أحيانا من أحد النجوم، وللمجاملة وتسيير أمور العمل نضطر أن نمتثل لطلبهم، فحتى الآن في الدراما الخليجية هناك نسبة مجاملة كبيرة في اختيار الممثلين والممثلات.] هل معنى ما تقوله أننا نعيش كارثة فنية؟- ليس كارثة فقط، وإنما عندما أرى مخرجا عربيا أو أجنبيا في هوليوود وغيرها يطلق عليه اسم «مخرج»، أتساءل في نفسي: لماذا أطلق على نفسي اسم مخرج؟ فنحن مخرجون مزيّفون، فبالرغم من إثبات الدراما الخليجية لحضورها، إلا أننا -مخرجين خليجيين- كلنا بلا استثناء مزيّفون، هذا هو الواقع.] ماذا ينقص «محمد القفاص» ليكون مخرجًا حقيقيًا في تصورّك؟- ينقصني الكثير، على سبيل المثال نحن في البحرين لدينا الكثير من القضايا التي من المفترض تجسيدها في أعمالنا الفنية، فأنا لدي الكثير من القصص التي دارت في حقبة الأحداث التي مرت بها البحرين ويريد الجميع أن ينساها، إذ نشأت قصص كبيرة تنفعني في الفن وتنفع الكثير؛ لأنه لم تُعالج الأزمة التي عشناها بالفن، ولهذا أقول أنا مخرج مزيّف تنقصني حرية اختيار الموضوع لأصبح مخرجا حقيقيا.الفن إذا وضع له إطار أو زاوية أو مواضيع محددة عندها أعلن أنني مخرج مزيّف، فلو أعطيت لي الفرصة أن أنتقي أفكارا أعرف جيدا أن الرقابة لن تمنعها فسأقدم عملا غير مزيّف، لكن كل الأعمال التي قدمناها -مع احترامي لها- التي أحبتها الناس وأصبحت من كلاسيكيات الدراما الخليجية أنا غير راضٍ عنها؛ لأنني أعرف أن المخزون الذي بداخلي أفضل من الذي قدّمناه.] قدّمت لك عروض للعمل في مصر وسوريا، لماذا لم تقبلها بالرغم من تحرر الدراما المصرية والسورية من النمط الاجتماعي المعتاد الذي تحدثت عنه؟- نجيب محفوظ عندما حصل على جائزة نوبل حصل عليها وهو يكتب عن بلده مصر. أنا اسم في الدراما الخليجية لا يمكن أن ينسى ذكره أحد عندما يريد ذكر مخرجي البحرين، وهذا واقع وليس غرورا، فأنا أقول كلاما للتاريخ، فإذا التاريخ سيحتفظ بجمل مخرج سنقدّم شيئا مختلفا، وحتى الآن لا أعتقد أن التاريخ احتفظ بكلام مخرج خليجي مع احترامي للجميع.] ألا تعتقد أنك في أعمالك السابقة، أي قبل حوالي 10 سنوات مثلا، كنت أكثر جرأة من الآن، خاصة في طرح المواضيع الاجتماعية وانتقائها؟- نعم؛ لأننا كنا مجتمعا متحابا ومتصالحا، ولم يكن لدينا دخلاء تمصلحوا من الوضع الذي تعرضت له البلد، وانخفض سقف الطرح الخاص بالمواضيع، بالفن نستطيع أن نجعل بلادنا أكثر سلاما ومحبّة.] عندما نتصفح حسابك على «الإنستغرام»، نلاحظ حرصك على الثناء على ما يقدّمه زملاؤك، بماذا تفسر ذلك؟- عندما كنت شابا كنت أبحث عن فرصة، ربما أنا تخطيت وكسرت الحواجز، وكان لدي تحدٍ مع نفسي بشكل أكبر، وربما لذلك وصلت، ولا يعني ذلك أنني أفضل من زملائي الفنانين.هناك شباب بحريني لو أتيحت له فرصة لرأيت العجب، لكن مشكلتنا هو عدم انتقائنا للأشخاص (الصح) أو الأصلح، فدائما أنصاف المثقفين والفنانين هم الذين يتم اختيارهم، وهذه الكارثة الكبرى، فالفنان الحقيقي يتصف بصفات مجنونة، فلا يحب النفاق ولا المجاملة ولا الارتقاء على أكتاف الآخرين، وإنما كل هذا من عمل الأنصاف الذين هم عباقرة في الصعود على أكتاف الآخرين.أنا قاسٍ مع تلاميذي، فلن أحارب من يصغرني عمرا وتجربة، وإذا سأقوم بذلك سأكون مريضا نفسيا، والبعض عندما أنصحه يفكر أنني أحاربه، بل على العكس، أنا أحبه، فلا يوجد فنان طلبني بحب ولم ألبيه، أرى أن تلاميذي يقدمون مسرحيات فيعز على نفسي أن هذا التلميذ يقدم مسرحية ولم يدعوني، وللأسف يشتغل في الفن والفن لم يعلمه رد الاحسان.] هل عانيت من الجحود؟- طبعا، فأنا لا أكتب اعتباطا، أنا لا أعلق على الشخص المختلف معه، وإنما الموقف الذي بدر منه، ليكون هناك وعي فني، فأنا بعد هذه السنوات إذا لم أكتب الوعي الفني فمن سيكتبه؟!وُجّهت إليّ طعنات كثيرة حتى اليوم، فهناك مخرج وقفت معه بشكل لا يتصوره أحد، وفي النهاية يزور مواقع تصوير الأغراب ولا يزور موقع تصويري، مع أنني أنا من أقنع المنتج الكبير الذي أنتج له أول مسلسل له أن يستمر معه بعد أن طرده، فقلت للمنتج الخليجي هذا استثمارك أعده للعمل، فلو تعاوننا -فنانين- لن نرى فنانا بحرينيا مريضا لا نستطيع معالجته.] أنت فنان، هل أمّنت مستقبلك لكي لا تصل إلى هذه المرحلة؟- أنا لا أؤمن مستقبلي، لكن الله يفعل ذلك، فقد بنيت لي بيتا في السنوات الأخيرة وأصرف معاشي على أولادي.] هل ندمت على انتقادك لبعض المواقف؟- لا لم أندم على أنني لم أنافق ولو نافقت لكنت حاليا في أعلى المستويات، فالفنان لا يبحث عن مناصب، لكن لو عادت حياتي الفنية إلى بدايتها لن أنتقد، فالفنان الحقيقي يستطيع إيصال ما سيقدّمه يوما ما، فقد قدمت فنا ومسرحيات في العيد وأعرف أن النوع الذي أقدمه تجاري وأفتخر أنه كذلك؛ لأن الفنان محمد صبحي بفنه الكبير يقدم مسرحا تجاريا، وكذلك سمير غانم، وعادل إمام، وعبدالحسين عبدالرضا (رحمه الله)، لكن بالنتيجة وصفوا مسرحي بـ«الكباريه»؛ لأنني انتقد الكباريه الموجود على أرض الواقع.الفنان لا يتكلم عن الإيجابيات، فأنا يقولون عني «تصادمي»، لكنني واقعي، وهذا المطلوب في القنوات عربية، فلماذا نحن نطلق عليه لقبا هجوميا؟ وللأسف الفن البحريني في تراجع.] «خربشاتك المجنونة» التي تطلقها على حسابك في «الإنستغرام»، ألا تخشى أن تفتح لك أبوابًا أنت في غنى عنها؟- نظرة الناس أنه كلما كبرت ينظرون إليك صغيرا، فهناك مبدعون بلا عمل، وأنصاف الفنانين هم الذين يعملون، فعلى سبيل المثال أنا المخرج الوحيد في البحرين بخبرتي هذه لم أستدعَ لأي مهرجان فني في البحرين عضو لجنة تحكيم، والسبب أنني لا أمتثل لمزاج أحد وسأقول السلبيات. وإذا تحدثنا عن المسرح سأقول أين المسرح الوطني؟ لماذا فنانونا البحرينيون محرومون من الصعود إلى خشبته بالرغم من أن مسرح دار الأوبرا في الكويت -مثلا- أحدث من مسرحنا الوطني وكل فناني الكويت صعدوا عليه؟] بعد غياب لسنوات طويلة عن المسرح، عدت في مسرحية «هذا الميدان يا حميدان»، هل عدت لمجرد العودة؟ فنظرا إلى ما قدّمته لم نلاحظ شيئًا جديدًا عما كنت تقدمه سابقًا في مسرحياتك؟- نعم، لمجرد العودة، قدمت خلطة محمد القفاص التي كان يقدمها منذ عشرين سنة، ونجحت، فعندما أنجح بخلطة عشرين سنة ماضية هذا الذي كنت أريده، كما أن هناك دخلاء في المسرح البحريني وأنا أحمل نفسي مسؤولية إدخال دخلاء لم يترقوا بالفن.] من الفنان الذي لا تنسى موقفه معك؟- الفنان الكويتي أحمد السلمان، فقد كنت أعمل حينها على مسلسل «عذاري»، وطرأ خلاف بيني وبين الفنانة المعتزلة زينب العسكري التي كانت منتجة للعمل وأحضرت غيري، وفي حين قبل جميع الممثلين البحرينيين بالمخرج الجديد، فإن أحمد السلمان قال: «وقعت عقدي مع محمد القفاص وسأكمل معه»، وفعلا راجعت الجهة المنتجة نفسها وأكملت العمل.] لماذا رفضت أعمالاً درامية للراحل عبدالحسين عبدالرضا والقديرة حياة الفهد؟- رفضت أعمالا لعبدالحسين (رحمه الله) وأنا نادم على ذلك، وأسأل الله أن يطيل في عمر القديرة حياة الفهد، وسأسعى إلى إخراج مسلسل لها، وسبب رفضي أنني لم أرد أن أضع اسمي لعمل يذكر أنه من بطولة عبدالحسين أو حياة، فهناك مخرجون عملوا مع هذين العملاقين وأسماؤهم ضائعة، لكنني أريد وضع بصمتي الخاصة التي تليق بمكانتهما الفنية، وأريد أن أقول إنني عندما أرفض عملا لهما كنت أمر بحالة نفسية سيئة تلازمني لأشهر.] هل أنت محظوظ؟- نعم أنا محظوظ؛ لأن هناك فنانين أفضل من محمد القفاص ويبحثون عن فرصة، لماذا نبحث عن الأسماء الإخراجية المعروفة في البحرين؟ لماذا لا نضع كل مخرج معروف مشرفا لمخرجين شبابًا ونقوم بتدريبهم لخلق جيل من المخرجين الجدد؟ نحن نعيش نكسة، فلا جيل جديد من المخرجين ولا المطربين، وأتساءل: أين دور المجلس النيابي من وضع قانون واحد ينصف الفنان البحريني؟

مشاركة :