في مخيم اليرموك ... دمار وجنود يحتفون بـ «النصر»

  • 5/23/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

على طول الطريق من مخيم اليرموك الى أطراف حي الحجر الأسود في جنوب دمشق، يطغى مشهد الدمار على أبنية استحالت أكوام ركام يتنقل بينها «جنود سوريون» منهكون ولكن مبتهجون، بعد حسم معركة مضنية يأملون أن تعيد الأمن الى العاصمة السورية. بعد وقت قصير على إعلان قوات النظام سيطرتها على المنطقة، كانت أعمدة الدخان لا تزال تتصاعد من آخر الأحياء التي تحصن فيها «الإرهابيون» وخاضوا آخر المواجهات ضد النظام، بينما ألسنة النيران لا تزال مشتعلة داخل عدد من السيارات والأبنية. ونظمت وزارة الإعلام التابعة للنظام جولة في المخيم بدت فيها الابنية والمنازل المدمرة شاهداً على ضراوة المعارك التي جرت على مدى سنوات الحرب، وخصوصاً منذ سيطرة تنظيم «داعش» عليه، والتي ترافقت مع قصف جوي ومدفعي عنيف. وحالت أكوام الركام وسط بعض الشوارع من دون دخول السيارات أو عبور المشاة إليها، فيما ملامح التعب والإرهاق ظهرت على وجوه عدد من عناصر النظام الموجودين في المكان، وقد افترشوا الأرض وغطى الغبار ثيابهم ووجوههم، بينما سالت الدماء من يد أحدهم. لكن على الرغم من التعب، كان آخرون يطلقون النار في الهواء «احتفاء بالنصر»، وغيرهم يرفع شارة النصر. في شارع الثلاثين الذي يلفه الدمار، قال الملازم في قوات النظام محسن إسماعيل (22 عاماً): «هذه آخر معركة في الشام. أشعر أنني فرح للغاية». وأضاف الشاب الذي انضم إلى القوات قبل عام: «ستعود الشام كما كانت. سننسى أيام القذائف والدم، النصر سينسينا كل شيء». وأعلنت قوات النظام الإثنين بعد شهر من المعارك الضارية سيطرتها بالكامل على أحياء في جنوب دمشق كانت تحت سيطرة «داعش» منذ العام 2015. وباتت يسيطر على كل العاصمة وضواحيها للمرة الأولى منذ 2012. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن عملية إجلاء من المخيم شملت مقاتلي «داعش» وعائلاتهم، في عملية لم تأت قوات النظام أو الإعلام التابع له على ذكرها. لكن مصدراً عسكرياً تحدث قبل ظهر الإثنين، وفق ما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا»، عن اتفاق لوقف النار «مؤقت» جرى خلاله «إخراج النساء والأطفال والشيوخ من منطقة الحجر الأسود» المحاذية لمخيم اليرموك. ولفت إسماعيل إلى أن النظام خاض على مدى أربعة أسابيع معارك عنيفة ضد «داعش» الذي اعتمد على القنص والانتحاريين. وأضاف: «كنا الأحد بصدد اقتحام مبنى وقضى خمسة شهداء معي جراء القنص». وزاد: «اختلفت المعركة هنا عن بقية المناطق، لأنهم اعتمدوا على الانتحاريين. إذا حوصر المسلح كان يفجر نفسه فوراً ولا يستسلم»، مشيراً إلى أن مسلحي «داعش» استحدثوا كذلك ثغرات في الجدران تنقلوا من خلالها إلى الأنفاق والخنادق ومكنتهم من رصد عناصر النظام. ولم يتوقع إسماعيل أن يخرج حياً من مخيم اليرموك حيث يقاتل منذ نحو شهر ونصف. وقال: «عندما جئت إلى هنا من جوبر (حي آخر في دمشق شهد معارك ضارية) ورأيت هذه المشاهد والانتحاريين والقنص، قلت لن نخرج إلا شهداء». واستعاد الشاب الذي يرتدي سروالاً مرقطاُ وجعبة عسكرية لحظات نجا فيها من الموت بأعجوبة: «كنت أقف مع نقيب بعد سيطرتنا على كتلة أبنية جديدة، وإذا به يصاب برصاص القنص (..) وحاصرني القناص خلف عامود ولم يعد بإمكاني التحرك». وأضاف: «بقيت مجمداً لساعة في مكاني غير قادر على التقدم إلى الأمام أو الرجوع للخلف، إلى أن تمكن الشباب من سحبي. شعرت حينها أنها آخر لحظة في عمري». أما الجندي وسام (22 عاماً) فأكد من جهته إن صعوبة المعركة ارتبطت بالدرجة الأولى «بضيق الطرق... وقرب الأبنية من بعضها»، بالإضافة إلى الانتشار الكثيف للقناصين. لكنه أضاف: «المهم اليوم أنه بات بإمكان الناس أن يناموا بأمان بعدما ذهب الإرهاب من هنا». وخلا حيا اليرموك والحجر الأسود من أي حركة للمدنيين في مقابل انتشار كثيف للجنود ومرور آليات عسكرية وسيارات إسعاف. وحاول مدنيون قدموا بسياراتهم الدخول إلى المخيم، لكن قوات النظام لم تسمح لهم بذلك حفاظاً على سلامتهم. وكان مخيم اليرموك يؤوي قبل اندلاع المعارك منذ 19 الشهر الماضي نحو ستة آلاف مدني، وفق وكالة الأمم المتحدة لتشغيل وغوث اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، قبل أن يفر معظمهم مع اشتداد حدة المواجهات.

مشاركة :