الصين ربحت الجولة الأولى من الحرب التجارية

  • 5/23/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

يبدو، إلى اليوم، أن الصين تربح المعركة في المناوشات التجارية مع الرئيس الأميركي، ولكنها لم تربح الحرب بعد. وأعلن البيت الأبيض قبل أيام أن الصين وافقت على خفض العجز التجاري الأميركي بين البلدين خفضاً «ملموساً»، وهو يبلغ 375 بليون دولار، وأن العمل جار على تفاصيل الاتفاق. وبينما كان كبير مستشاري ترامب الاقتصاديين، لاري كودلو، يُعلم المراسلين أن الصينيين وافقوا على تقليص العجز مئتي بليون دولار على الأقل، سارعت بكين إلى النفي. وفي اليوم التالي، لم يذكر بيان البيت الأبيض حجم تقليص العجز التجاري. وهذا التراجع فوز صيني. والحق يقال، يفترض أن يكون مدار المعركة الرئيسية مع الصين على سرقة حقوق الملكية الفكرية. وهي سرقة تعود إلى سنوات خلت ولم تتوقف، وتُكبد الاقتصاد الأميركي سنوياً خسائر تتراوح بين 225 بليون دولار و600 بليون دولار. وكان يفترض بترامب أن يُلزم الصينيين الكف عن سرقة أسرار الأعمال الأميركية والتكنولوجيا الأميركية. ولكن بيان البيت الأبيض لم يستفض في ذكر هذه المسألة، وأشار إليها إشارة باهتة وعارضة، وقال إن الطرفين اتفقا على «تعزيز التعاون»- وهذا في الرطانة الديبلوماسية صنو «لن نفعل الكثير»، وأن الصين ستعدِّل قوانين براءة الاختراع فيها- وهذا ما لم يحدث بَعد. وغلبت على الردود المواقف السلبية، حتى في أوساط أكثر مؤيدي ترامب وأقرب حلفائه من أمثال دان دي ميكو، وهو مدير تنفيذي سابق في شركة فولاذ وكان من مؤيدي سياسته الرامية الى رفع التعرفة على الألومينيوم والفولاذ. وتساءل هذا على تويتر إذا كان ترامب خطا خطوة الى الخلف. واختزل مقدم برامج «فوكس بيزنس»، لو دوبس، ما جرى بالقول: «الصينيون قالوا لا للاتفاق!». وتساءل السناتور الجمهوري ماركو روبيو في تغريدة قائلاً: «لماذا يقع المسؤولون الأميركيون، على الدوام، في خداع الصين؟». وليست «التنازلات» الصينية غير خطوات سبق أن عزمت عليها. فالاقتصاد الصيني هو الأسرع نمواً في العالم. لذا، تتعاظم حاجة المصانع والمدن الصينية إلى الطاقة، وسكانها يريدون، أكثر فأكثر، تناول اللحمة مع توسع الطبقة الوسطى. لذا، ليس مفاجئاً أن تُقبل بكين على شراء مزيد من موارد الطاقة الأميركية والسلع الغذائية. وإدارة ترامب تسعى إلى إخراج المسألة إخراجاً يظهر أنها أفلحت في حمل الصين على شراء المزيد (وتقويم اختلال الميزان التجاري). ولكنّ الصينيين في الأحوال كلها كانوا سيشترون هذه السلع (الطاقة والغذاء) نزولاً على حركة الطلب الصينية المحلية. فالصين تشتري ما قيمته سنوياً حوالى 20 بليون دولار من السلع الزراعية، و7 بلايين دولار من الغاز والنفط. ولو ضاعفت الصين مرتين أو ثلاثاً مشترياتها هذه، لن تضاهي أو لن تبلغ قيمة التقليص في العجز التجاري الموعود والمزعوم (200 بليون دولار). وسوّقت بكين المحادثات التجارية مع أميركا على أنها نجاح وفوز. وقالت وسائل إعلامها إن أميركا وافقت على «عدم شن حرب تجارية ووقف تبادل زيادة التعرفات الجمركية». ولا شك في أن العودة عن حرب تجارية تصب في مصلحة الجانبين، ولكن تراجع إدارة ترامب عن تعرفات قيمتها 150 بليون دولار ضد الصين هو صيد ثمين لبكين. ويرغب ترامب في نجاح القمة مع كوريا الشمالية في 12 حزيران (يونيو) القادم. ويدرك الصينيون أنه يحتاج الى مساعدتهم، وتوقعوا في تقارير كثيرة أن يكون ترامب «طيعاً» في الملف التجاري في انتظار القمة. * مراسلة اقتصادية، عن «واشنطن بــوسـت» الأمــيــركيـــة، 20/5/2018، إعداد منال نحاس

مشاركة :