أبوظبي: سلام أبو شهابشهد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، المحاضرة التي ألقتها، مساء أمس الدكتورة أنجيلا داكورث أستاذة علم النفس في جامعة بنسلفانيا بعنوان «العزيمة الصادقة: الإلهام الحقيقي في علم النجاح» وذلك بمجلس سموه بقصر البطين في أبوظبي. وحضر المحاضرة سمو الشيخ حامد بن زايد آل نهيان رئيس ديوان ولي عهد أبوظبي وسمو الشيخ ذياب بن زايد آل نهيان وسمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي والشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح والشيخ سلطان بن طحنون آل نهيان، وعدد من الشيوخ والوزراء وكبار المسؤولين وأعضاء السلك الدبلوماسي في الدولة.وأعربت الدكتورة أنجيلا عن إعجابها بالمناهج التعليمية في الإمارات بما تتضمنه من مادة التربية الأخلاقية مؤكدة أن الإمارات الدولة الوحيدة التي فكرت بهذا الأمر وأدمجت هذه المادة التي تركز على الشغف والمثابرة في المناهج، مشيرة إلى أنها التقت صباح أمس مع عدد من المسؤولين والمعنيين في القطاع التعليمي وقد لمست مدى الاهتمام المتنامي بالمناهج التعليمية. وقالت: الإمارات لديها فرص عديدة لتحقيق مزيد من الإنجازات نتيجة العمل المشترك والتنسيق التام بين جميع الجهات والوزارات المعنية والاهتمام بالعمل الجاد وبالابتكار العلمي الذي هو المستقبل. بدأت داكورث حديثها بتوجيه سؤال، وهو: لماذا تنجح بعض الدول والأشخاص والمؤسسات أكثر من غيرها؟ ومن هم الناجحون في الحياة ؟ والجواب: هو العمل الدؤوب والمثابرة في العمل والعزيمة أو ما يعرف بالميل إلى تحقيق أهداف طويلة المدى مع المثابرة والشغف. وأكدت أن البرنامج التعليمي في الإمارات بما يتضمنه من منهاج التربية الأخلاقية يعتبر مميزاً وفريداً من نوعه لاهتمامه بعناصر المثابرة والشغف والعزيمة، والتي يجب غرسها في الأجيال منذ الصغر، فالإنسان المثابر منذ الصغر ولسنوات طويلة وإذا ما أضيف إليه الشغف والعزيمة سيحقق نجاحا مميزا ولافتا، مشيرة إلى أن الأطفال الذين يحبون الشيء الذي يعملونه ويفكرون به سينجحون في نهاية المطاف وبشكل متميز. وتحدثت عن تجربتها وهي في مرحلة الطفولة عندما كانت تتقدم لامتحانات الذكاء ولم تكن تحصل على علامات مرتفعة إلا في المرة الثالثة التي أعادت فيها الامتحان حيث اقتربت من أصحاب المواهب نتيجة إصرارها وعزيمتها على النجاح. وقالت: إنها أجرت دراسات على الأشخاص ذوي الأداء العالي في بيئات عمل عالية التوتر، لفهم تأثير العزيمة على إمكانية التنبؤ بالأداء، وعكفت على تحليل الأداء في العديد من السياقات المتنوعة لمعرفة العلاقة المتبادلة بين العزيمة والإنجاز، وشملت دراستها طلبة كلية ويست بوينت العسكرية، والمشاركين في مسابقات التهجئة (الإملاء) المحلية، والمعلمين الصاعدين أو طلبة مدارس شيكاغو الحكومية، وبالاستفادة من هذه الأمثلة، تم تفسير سبب اختلاف الأشخاص ذوي العزيمة عن غيرهم، واستنتجت أن العزيمة يمكن غرسها وتنميتها لدى كل إنسان في أي مكان وزمان في حياتنا. وأضافت أن هناك ثلاثة أمور مشتركة بين العلماء والمتميزين في مجالاتهم هي: الموهبة والذكاء، والقدرة على العمل الشاق، والقدرة على المثابرة مع الحماس والشغف، مؤكدة أن الأشخاص لا يختلفون كثيرا في قدراتهم العقلية وإنما في عملهم الدؤوب والمثابرة والعزيمة، وهي التي تحقق النتائج المتميزة والإبداع، الأمر الذي يتطلب الاهتمام بجيل الشباب وغرس هذه الصفات فيهم. وقالت الدكتورة أنجيلا: إن العلم والخبرة يؤكدان لنا أهمية سمة العزيمة، وأن التحلي بسماتٍ شخصية مثل ضبط النفس ربما ينبئ بمدى نجاح الأطفال في المدرسة وخارجها، كما تظهر الأدلة العلمية بأن قوة الشخصية لا تقل أهمية عن معدل الذكاء والحالة الاجتماعية والاقتصادية في تحقيق الإنجاز والنجاح، وقد وجدت دراسة أجريت في سنة 2011 على أكثر من مئتي برنامج مدرسي أن تعليم المهارات الاجتماعية والعاطفية يمكن أن يحسن السلوك ويرفع من مستوى التحصيل الدراسي، ما يؤكد على أن المدرسة بيئة مهمة لتنمية الشخصية، كما أن الفضول والهدف مهمان في مرحلة الطفولة ويشكلان حافزا مهما للتعلم، وبناءً على ذلك فإنه يمكن تعليم أو غرس سمة العزيمة. وأشارت إلى أن أطفال الإمارات مهيؤون في وجود بيئة مدرسية مناسبة للربط بين ما يشاهدونه في تصرفات النجوم العالميين في مختلف القطاعات وبين التدريب والتركيز ولو لمدة نصف ساعة يوميا، للوصول إلى نتائج أفضل، مؤكدة على أهمية إنهاء العمل الذي يتم البدء به، والتركيز على تحقيق العقلية المستجيبة للتحديات عند الشباب، مع الأخذ في الاعتبار أن الثقافات التي تسير باتجاه النمو تبحث عن الذكاء. وتساءلت المحاضرة عن الطريقة الأكثر فاعلية لتعليم العزيمة في المدارس؟ قائلة: الشخصية كيان مركَّب يضم العديد من نقاط القوة التي يمكن تصنيفها في ثلاثة أبعاد: نقاط القوة الشخصية في التفاعل مع المجتمع المحيط، مثل إظهار الامتنان، وبناء علاقات متناغمة مع الآخرين، ونقاط القوة الشخصية الداخلية، مثل العزيمة وضبط النفس، والتي تمكّن الإنسان من الإنجاز، وهناك أيضاً نقاط القوة الفكرية، مثل الفضول، والتي تمكّن الإنسان من عيش حياة فكرية خصبة ومفعمة بالحرية. وأكدت الدكتورة أنجيلا على أهمية تنمية خصال العطاء والعمل والتفكير لدى الطلبة، مشيرة إلى أن هناك نقاط قوة عاطفية وقوة إرادة وقوة عقل، ومن خلال هذه الرؤية، يمكن العمل مع المعلمين لتمكينهم من بناء شخصيات طلبتهم بطريقة متوازنة. وقالت: هناك طلب هائل بين المعلمين على الاستفادة من البحوث العلمية حول الشخصية بشكل عملي في الفصول الدراسية اليومية، لذلك يتم العمل مع العلماء والخبراء التربويين لاكتشاف طرق أكثر فاعلية لغرس السمات الشخصية من خلال الملاحظات التي تُعطى للطلبة وتأليف كتب «إرشادية» تترجم الأبحاث العلمية حول تنمية الشخصية إلى ممارسة عملية في الفصول الدراسية اليومية، حيث تقدّم هذه الكتب الإرشادية الحقائق العلمية الأساسية بكل وضوح، كما تقدّم الاستراتيجيات التي تجعل ممارسة نقاط القوة أسهل وأكثر جدوى.وأضافت أنها تعمل على تسهيل التبادل الرقمي للبحوث العلمية حول تطوير الشخصية من خلال اتحاد من المدارس المتوسطة والثانوية في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية مرتبط بعلماء نفس روّاد، ومن المتوقع أن تسهم الكتب الإرشادية ومنصة التبادل الرقمي في توفير الوقت وتكاليف إجراء البحوث على الشخصية في المدارس بما لا يقل عن عشرة أضعاف. وقالت: إنها تسعى لمساعدة ما لا يقل عن مليون طالب في المدارس المتوسطة والثانوية على تحسين جانب من جوانب شخصيتهم بحلول يونيو/ حزيران 2019.وأكدت أنه إذا كان التحدي هو فهم الطبيعة البشرية واستخدامها على أكمل وجه، فإن هناك خطوات ينبغي اتخاذها لتحقيق تقدم جذري في تنمية الشخصية ومساعدة الطلاب على تطوير نقاط القوة في شخصياتهم.لا فرق في العزيمة بين الرجال والنساءأكدت الدكتورة أنجيلا داكورث أنه لا يوجد فرق في العزيمة بين الرجال والنساء، وإن كان هناك اختلاف فليس بسبب النوع الاجتماعي. وقالت رداً على أسئلة الحضور: إن بعض الثقافات التي لديها هوايات خاصة تشعر بالتميز والاختلاف، وإن العمل الجماعي يؤدي إلى نتائج أفضل، وإن قياس الأشياء أمر مهم للنجاح، لذلك علينا القيام بمهام معينة لقياس ذكاء الأطفال. ورداً على سؤال كيف نجعل الأطفال أكثر عزيمة في الإمارات ؟ قالت الدكتورة أنجيلا: كل شخص في الأسرة يجب أن يؤدي عملاً جاداً ومميزاً ويتقن مهارة معينة، ولا بد أن يختاروا شيئا صعبا، والطفل منذ عمر ال 5 سنوات يجب أن يكون لديه الكثير من الخيارات. وأشارت إلى أن تنشيط حب الفضول يتم من خلال كتابة الأشياء التي يجب القيام بها وكتابة الأشياء التي يحبها الشخص والربط بينها. وتطرقت إلى دور التغيرات الثقافية مشيرة إلى أنها زارت أمس مستشفى كليفلاند كلينك في أبوظبي، ومؤسسة كليفلاند كلينك ومقرها أمريكا هي المؤسسة الطبية الأولى في العالم وقد ارتقت للقمة، مشيرة إلى أن الشخص الذي يترأسها كان في البداية إنسانا بسيطا واشتغل على نفسه وأصبح جراحا ثم رئيسا لمؤسسة كليفلاند كلينك لأنه يحب عمله. ورداً على سؤال آخر، قالت: إن حب الاستطلاع والتقنية يزيدان من قوة المثابرة ما يساعد كثيرا في التعليم. وأضافت أن الذكاء الاجتماعي والتواضع والوضع المادي والاقتصادي الجيد تسهم في تكوين شخصيات مستقرة، مع الأخذ في الاعتبار أنها ليست دائما قاعدة، فكثير من الشخصيات التي تمتاز بالإبداع والذكاء تأتي من عائلات فقيرة. داكورث في سطور الدكتورة أنجيلا داكورث حائزة على جائزة ماك آرثر للعبقرية للعام 2013، وأحد مؤسسي مختبر الشخصية، حصلت على شهادة البكالوريوس في علم الأعصاب من جامعة هارفارد، ودرجة الماجستير في البيولوجيا العصبية من جامعة أكسفورد، ودرجة الدكتوراه في علم النفس من جامعة بنسلفانيا، وقبل اتجاهها للأبحاث عملت داكورث في مهنة التدريس وحازت على عدة جوائز وتكريمات، كما أسست مدرسة صيفية للأطفال ذوي الدخل المنخفض، وصنف كتابها الأول «العزيمة: قوة الشغف والمثابرة»، باعتباره أحد أكثر الكتب مبيعاً.
مشاركة :