بيروت – يبدأ رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون الخميس، المشاورات مع الكتل النيابية لاختيار رئيس وزراء جديد، وسط ترجيحات بأن تتم إعادة تكليف رئيس تيار المستقبل سعد الحريري الذي يملك حصة الأسد من المقاعد النيابية عن الطائفة السنية. يأتي ذلك بعد إسدال الستار على انتخاب رئيس مجلس النواب الجديد ونائبه، حيث تم تجديد العهد مع زعيم حركة أمل نبيه بري (80 عاما) بحصوله على 98 صوتا، مقابل 29 ورقة بيضاء وورقة واحدة ملغاة. وأعيد انتخاب بري لأربع سنوات، سيكون قد أمضى في نهايتها ثلاثة عقود على رأس البرلمان اللبناني، علما أنه عميد رؤساء البرلمانات العرب. ولئن كان اختيار بري محسوما منذ البداية، يبقى التطور اللافت هو انتخاب إيلي الفرزلي نائبا له مما يعكس تحولا في المشهد السياسي لصالح حزب الله الذي عززت الانتخابات الأخيرة من موقعه السياسي فضلا عن امتلاكه لترسانة من الأسلحة. ويعتبر الفرزلي من الوجوه السياسية المحسوبة على حزب الله ودمشق، وكان وزيرا للإعلام أثناء اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري في العام 2005. وإثر انتخابه، توجه نبيه بري للقاء رئيس الجمهورية ميشال عون، وأعلن من القصر الرئاسي إثر انتهاء الاجتماع أن الاستشارات النيابية لتكليف رئيس للحكومة تبدأ الخميس. وتعتبر أوساط سياسية أنه بات بحكم المؤكد إعادة تكليف رئيس تيار المستقبل بتأليف الحكومة، رغم تراجعه في الانتخابات النيابية حيث حصل على 21 مقعدا. وترجح الأوساط أن تمر تسمية الحريري بسلاسة بالمقابل فإن عملية تشكيله للحكومة لن تكون سهلة في ظل النتائج التي أفرزتها الانتخابات النيابية مع الأخذ بالاعتبار التحديات الإقليمية والدولية. ويقول مراقبون إن حزب الله الذي حقق مع حلفائه أغلبية في الانتخابات الأخيرة من المتوقع أن يطالب بحصة لا تقل عن ثلاث حقائب في الحكومة، بينها حقيبة أساسية. وفي السابق كان الحزب يكتفي بتمثيل شكلي في الحكومة، يوفر له غطاء سياسيا لتنفيذ أجنداته الإقليمية المرتبطة بإيران، بيد أنه اليوم يرى أنه حان الوقت للاضطلاع بدور أساسي في الحكومة المقبلة وخاصة على مستوى ملفات التنمية والفساد التي شكلت أحد عناوين حملته الانتخابية، ولترجمة وضعه السياسي القوي وإثبات قدرته على تحدي الإجراءات الأميركية التي تستهدفه. وقررت الولايات المتحدة بعيد إعلان نتائج الانتخابات النيابية في لبنان فرض عقوبات جديدة ضد قيادات الحزب طالت الأمين العام حسن نصرالله ونائبه نعيم قاسم، في رسالة واضحة للطبقة السياسية اللبنانية وخاصة لرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء المقبل بأن واشنطن لا تميز بين الشق السياسي أو العسكري لحزب الله. ويقول مراقبون إن المكلف بتشكيل الحكومة ستكون مهمته جد صعبة لجهة إقناع الحزب بتخفيض سقف طموحاته الحكومية وخاصة لجهة الحصول على حقيبة سيادية أو أساسية لأن ذلك قد يؤدي إلى خسارة الدعم الغربي في ما يتعلق أساسا بالهبات والقروض التي أقرها مؤتمر سيدر1، فيما اقتصاد البلاد في أمس الحاجة إليها. ولا تقف معضلة الرئيس المكلف عند حزب الله، حيث يرجح أن تطالب قوى أخرى حققت نتائج مهمة في الاستحقاق النيابي بحصص وازنة ومنها التيار الوطني الحر (29 مقعدا). ويريد التيار الحر الحصول على خمس حقائب وزارية منها الإبقاء على حقيبتي الطاقة والخارجية، والحصول على وزارة الشؤون الاجتماعية التي يشرف عليها حاليا وزير من القوات اللبنانية. وتعنى وزارة الشؤون الاجتماعية بملف اللاجئين، ويتهم التيار الحر القوات بأنها لم تقم بما يكفي لحل معضلة اللجوء السوري. وفي سياق التنافس المسيحي على الحقائب المخصصة للطائفة يرجح أن تطالب القوات أيضا بحصة تضاهي حصة التيار الوطني الحر بعد نجاحها في مضاعفة عدد نوابها (15 نائب)، وتضع عينها على حقيبة الطاقة التي بحوزة التيار. وفي ما يتعلق بحصة الطائفة الدرزية فقد أبدى رئيس التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط تمسكا بالحصول على جميع الحقائب، باعتباره يحتكر معظم المقاعد البرلمانية للطائفة، فيما تدفع جهات باتجاه توزير رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال أرسلان. وكان جنبلاط قد اجتمع الثلاثاء برئيس تيار المستقبل سعد الحريري في بيت الوسط (معقل الأخير) فيما بدا محاولة لإنهاء حالة الفتور التي صبغت العلاقة بينهما منذ الحملة الانتخابية، وما حصل خلالها من تقارب بين أرسلان والحريري. ويقول مراقبون إنه على ضوء محاولة كل طرف سياسي الترفيع في سقف مطالبه في الحكومة المقبلة، فإن التوصل إلى تشكيل الحكومة سريعا أمر لا يبدو واقعيا.
مشاركة :