طهران – رغم كل التصريحات العنيفة التي ردت بها إيران على التهديدات الأميركية الجديدة بفرض عقوبات أشد عليها، يعتقد بعض المسؤولين البارزين في طهران أن باب الدبلوماسية يجب أن يظل مفتوحا. وعرض وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الاثنين قائمة مطالب كاسحة لإيران تشمل التخلي عن التخصيب النووي وعن برنامجها للصواريخ الباليستية وعن دورها في سوريا ولبنان واليمن وإلا واجهت “أشد عقوبات في التاريخ". وفسر أربعة مسؤولين إيرانيين بارزين، تحدثت معهم وكالة رويترز، تصريحات بومبيو باعتبارها “استراتيجية مساومة” تشبه أسلوب واشنطن في التعامل مع كوريا الشمالية. ففي العام الماضي كان المسؤولون الأميركيون يضغطون من أجل فرض عقوبات أشد صرامة على بيونغ يانغ وأرسلوا حاملة طائرات للمنطقة في استعراض للقوة قبل أن تخف حدة التوترات في العلاقات إلى درجة أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد يجري محادثات مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون. وقال أحد المسؤولين الإيرانيين الذين شاركوا في المحادثات النووية الإيرانية مع القوى الكبرى على مدى عامين “أميركا لا تريد التورط في حرب أخرى في المنطقة. وإيران أيضا لا يمكنها تحمل المزيد من الصعوبات الاقتصادية… دائما ما يكون هناك سبيل للتوصل إلى حل وسط”. وأضاف المسؤول الذي طلب، مثل غيره ممن أدلوا بوجهة نظرهم عن العلاقات مع الولايات المتحدة، عدم نشر اسمه بسبب حساسية المسألة “عهد المواجهات العسكرية انقضى”. لكن سيكون من الصعب على المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي تأييد أي حل دبلوماسي لأن قيامه بذلك سيقوض مصداقيته بين قاعدة تأييده من المتشددين الذين يرفضون أي وفاق مع الغرب. من الصعب على المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي تأييد أي حل دبلوماسي لأن قيامه بذلك سيقوض مصداقيته بين قاعدة تأييده من المتشددين الذين يرفضون أي وفاق مع الغرب وقال مسؤول مقرب من معسكر خامنئي “إنهم (الأميركيين) يكذبون. حتى إذا قبلت إيران كل هذه الشروط فإنهم سيستمرون في طلب المزيد”. كأس السم انسحبت الولايات المتحدة، في وقت سابق هذا الشهر، من الاتفاق الدولي الموقع عام 2015 الذي يقلص برنامج إيران النووي في مقابل رفع العقوبات التي شلت اقتصادها. وتقول طهران إن حقها في امتلاك قدرات نووية وبرنامج صاروخي دفاعي غير قابل للتفاوض. لكن مع حالة الضعف التي بلغها الاقتصاد الإيراني بعد عقود من العقوبات والفساد وسوء الإدارة ربما يفكر خامنئي في اختيار الدبلوماسية بدلا من المواجهة مع الولايات المتحدة. ويقول بعض المقربين منه إنه، رغم صعوبة الأمر فقد يتجرع خامنئي “كأس السم” مثلما وصف سلفه آية الله روح الله الخميني الأمر عندما أذعن للهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة والتي أنهت الحرب العراقية الإيرانية التي دارت بين عامي 1980 و1988. وقال دبلوماسي غربي رفيع في طهران “بالنسبة لأغلب الإيرانيين الأوضاع الاقتصادية هي القضية الأساسية وليس ما تقوم به إيران في المنطقة أو برنامجها النووي”. وأضاف “لذلك سيظهر القادة الإيرانيون بعض المرونة رغم الخطب الرنانة التي تغلب عليها اللهجة الحادة”. وكان ضعف الاقتصاد الإيراني هو ما أجبر خامنئي على إظهار تأييد مبدئي للاتفاق النووي عام 2015 مع القوى العالمية. وأنهى الاتفاق الذي رتبه الرئيس حسن روحاني عزلة إيران الاقتصادية والسياسية. ويأتي التأييد الأساسي للمؤسسة الدينية الحاكمة في إيران من محدودي الدخل الذين شاركوا في احتجاجات مناهضة للحكومة في يناير 2018. ونبهت الاضطرابات السلطات إلى مخاطر اندلاع غضب شعبي تثيره الصعوبات الاقتصادية. وقال مير جويد أنفار، وهو إيراني المولد مختص بالشؤون الإيرانية لدى مركز هرتزليا متعدد التخصصات في إسرائيل، “إذا فشلوا في إدارة الاقتصاد فلن يتمكن النظام من مقاومة الضغوط. لا يعني ذلك أنه سينهار لكن الاقتصاد قد يبلغ أسوأ نقطة انكسار على الإطلاق". الأطراف الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي تحاول إنقاذه بعد انسحاب واشنطن بالإبقاء على تدفقات تجارة النفط الإيرانية والاستثمارات. لكنهم يقرون بصعوبة الأمر وتحاول الأطراف الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي إنقاذه بعد انسحاب واشنطن بالإبقاء على تدفقات تجارة النفط الإيرانية والاستثمارات. لكنهم يقرون بصعوبة الأمر. إعلان حرب قال عدة مسؤولين إيرانيين إن الصفوة المتشددة ومنها الحرس الثوري الإيراني تعتبر مطالب بومبيو بمثابة “إعلان حرب” على إيران. وذكر الحرس الثوري في بيان أن أميركا ستواجه نفس مصير صدام حسين إن هاجمت إيران. وقال محللون إنه لا يمكن استبعاد خطر اندلاع صراع على أوسع نطاق رغم تعارض ذلك مع رغبة ترامب المعلنة في إخراج الولايات المتحدة من صراعات مكلفة في الشرق الأوسط استمرت لعقود. وقال سعيد ليلاز، المحلل المقيم في طهران، “إذا دفع الأميركيون إيران إلى مأزق، فلن يصبح أمامها خيار سوى الرد بعنف”. وأضاف “هذا ما يريده الصقور”. وفي حين تقول إيران إنها سترد على أي عدوان عسكري باستهداف المصالح الأميركية في المنطقة وإسرائيل، يقول بعض الخبراء إن طهران ستكافح بمشقة للدفاع عن نفسها ضد أي هجوم مباشر متعدد الجبهات. وقال الدبلوماسي “أبلت إيران بلاء حسنا في الحروب بالوكالة لكنها لا تستطيع مواجهة إسرائيل أو الولايات المتحدة في حرب مباشرة... ليست لديها أسلحة حديثة”.
مشاركة :