كل الوطن- بوكالات: يتجه زعيم تيار المستقبل اللبناني سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة للمرة الثالثة في تاريخه، بعد تأييد أكثر من نصف البرلمان. وكلف الرئيس ميشال عون، اليوم الخميس، الحريري رسميًا بتشكيل حكومة جديدة بعد استشارات برلمانية نال فيها الحريري تأييد 111 نائبًا من أصل 128 إجمالي أعضاء مجلس النواب (البرلمان). وينص دستور العام 1943 واتفاق الطائف، الذي أنهى الحرب الأهلية العام 1989، على أن تكون رئاسة الحكومة للسنة، ورئاسة الجمهورية للموارنة ورئاسة مجلس النواب للشيعة. وسعد الحريري هو نجل رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري الذي اغتيل في 14 فبراير/ شباط 2005 واتهم النظام السوري وحزب الله الشيعي باغتياله. ولد الحريري العام 1970 أي أنه يبلغ 48 عاما، والده من عائلة سنية متواضعة من صيدا جنوبي لبنان. لكن الحريري ترشح في العاصمة بيروت عندما انطلق في السياسة. طوال فترة ما قبل عام 2005 لم يكن سعد الحريري معروفاً في الأوساط اللبنانية. لمع نجمه بعد اغتيال والده، وانسحاب الجيش السوري من لبنان في أبريل/ نيسان 2005. واستلم الحريري لواء الزعامة السنية وتيار المستقبل، الذي أسسه والده في تلك الفترة العصيبة من تاريخ لبنان، إثر زلزال اغتيال والده. وعلى رغم من أن الاتجاه كان يميل لتسمية شقيقه بهاء الحريري لتولي الزعامة السنية، إلا أن اتفاقا داخلياً ودولياً، شمل السعودية وفرنسا والولايات المتحدة، أدى إلى الاتفاق على سعد الحريري ليكمل مشوار والده. انتخب الحريري نائبا عن بيروت في ربيع 2005 وفاز مع حلفاءه في قوى 14 آذار بالغالبية البرلمانية. لم يترشح الحريري آنذاك لرئاسة الحكومة بل سمى وزير المال وصديق والده فؤاد السنيورة لرئاسة الحكومة. لم تكن مسيرة الحريري سهلة منذ بداياتها إذ كان لبنان يعيش ارتدادات زلزال اغتيال والده. وفي يوليو/ تموز 2006 اندلعت الحرب بين إسرائيل و”حزب الله”، وتعرضت أجزاء واسعة من البلاد لدمار كبير. وانتفض “حزب الله” للمطالبة بالثلث المعطل في الحكومة وحاصر السراي الحكومي وأغلق وسط بيروت. واجتاح “حزب الله” وحلفاؤه في 7 مايو/ أيار 2008 بيروت وحاصروا الحريري وقيادات 14 آذار. وإثر ذلك جرى صياغة اتفاق الدوحة وأعيد تكليف السنيورة بتشكيل الحكومة. وجرت الانتخابات البرلمانية العام 2009 وفاز الحريري بالنيابة للمرة الثانية وسمي لأول مرة رئيساً للحكومة. وأعطى “حزب الله” الثلث المعطل لتفادي وقوع أزمة سياسية في البلاد. وأسقط “حزب الله” وحلفاؤه حكومة الحريري في يناير/ كانون الثاني 2011 عندما كان يدخل إلى البيت الأبيض لمقابلة الرئيس باراك أوباما، فاستقال الوزراء المنتمين لفريق 8 آذار. سمي نجيب ميقاتي لرئاسة الحكومة وهو شخصية سنية شمالية واستبعد فريق 14 آذار عن الحكومة. غادر الحريري لبنان في تلك المرحلة وسط صعوبات سياسية ومالية عانت منها شركاته. عاد الحريري إلى لبنان في 8 أغسطس/ آب 2014 بعد معركة عرسال بين الجيش والإرهابيين في محافظة البقاع. ومن ثم غادر. عاش الحريري في تلك الفترة بين الرياض وباريس. حاول الحريري إيجاد تسوية للفراغ الرئاسي، الذي وقع في مايو/ أيار 2014، فرشح النائب سليمان فرنجية حليف سوريا لرئاسة الجمهورية، قبل انتخاب الرئيس الحالي ميشال عون في 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2016 الذي كان خصمه السياسي. وأعيد تسمية الحريري رئيسا للحكومة بعد ذلك وشكل حكومته في ديسمبر/ كانون الأول 2016. وبشكل مفاجئ، قدم استقالته من الرياض في 4 نوفمبر/ تشرين الثاني2017 مما خلق أزمة كبيرة في البلاد. وتراجع عن استقالته في 22 من الشهر نفسه بعدما اتهم عون السعودية باحتجازه، وقد التزمت حكومته بالنأي بالنفس. وانتخب الحريري نائباً مجدداً للمرة الثالثة في 6 مايو/ أيار، لكنه فقد الأغلبية البرلمانية، بخسارة 13 مقعدًا، وحصل على 21 (من أصل 128 هم إجمالي عدد مقاعد المجلس). ويعتبر الحريري من أهم شخصيات 14 آذار ويتمتع بعلاقات دولية واسعة أسس لها والده. والتقى الحريري بزعماء وملوك بينهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين والفرنسي إيمانيول ماكرون والتركي رجب طيب أردوغان. وعادت علاقته إلى طبيعتها مع السعودية بعد أزمة الاستقالة، والتقى مؤخرا الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز ونجله محمد بن سلمان. ويعرف عن الحريري روحه المرحة، كما اشتهر بالتقاط صور “السلفي” مع المواطنين.
مشاركة :