المستقلون يغيرون المشهد السياسي

  • 5/25/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

ما زال الشارع السياسي التونسي مصدوماً من قوة زلزال نتائج الانتخابات البلدية التي جرت مؤخراً، وهي نتائج عاصفة لم تكن منتظرة وفاجأت الجميع في الداخل والخارج، حيث جاء المستقلون في المقدمة، حيث حصلت قوائمهم على نسبة 32 في المائة وفازت بأغلبية المقاعد.. حدث ذلك لأول مرة في تاريخ تونس، وتقهقرت جميع الأحزاب السياسية بما فيها أحزاب الائتلاف الحاكم وفي مقدمتها الحزبان الكبيران أي حزب حركة «النهضة» وحزب حركة «نداء تونس». فحزب حركة «النهضة» تحصل على 29.68 في المائة من المقاعد وجاء في المرتبة الثانية، بينما تحصل حزب حركة «نداء تونس» على 22.17 في المائة من المقاعد وكان ترتيبه الثالث، وبذلك حصدت القائمات المستقلة على 2367 مقعداً وحركة «النهضة» على 2135 مقعداً وحركة «نداء تونس» على 1595 مقعداً. ومقارنة بنتائج الانتخابات التشريعية والرئاسية التي شهدتها تونس في سنتي 2011م و2014م فإن هناك أشياء كثيرة تغيرت بعد سبع سنوات من منظومة سياسية ظهرت بعد سقوط نظام بن علي في ظل ما يسمى ب «الربيع العربي» الذي لم يجن منه العرب إلا الكوارث والويلات في جميع الميادين، فبينت انتخابات تونس البلدية الأخيرة فشل الأحزاب بمختلف توجهاتها الأيديولوجية بتراجع نسب مخزونها الانتخابي وانهيار الشعارات البراقة التي كانت تقدم للناس الأوهام والخيال.. وتجلى ذلك جلياً في مقاطعة المواطنين لهذه الانتخابات وأغلبهم من الشباب بعزوفهم عن التوجه إلى صناديق الاقتراع، لأنهم يئسوا من الوعود الكاذبة ولم تعد لهم ثقة في السياسيين والأحزاب التي وصل عددها الآن في تونس إلى 213 حزباً، وهي أغلبها متشابهة في أسمائها وانتماءاتها، ولا تحمل برامج تقنع الناس الحالمين بالخبز والشغل والصحة والمسكن ونجاح أبنائهم في الدراسة، أما السياسة وصراع السياسيين على الكراسي والغنائم فهذا أمر لم يعد يهمهم ولا يفكرون فيه.. لذلك لم يشارك من 5 ملايين ونيف مسجلين من القوائم الانتخابية إلا مليون و800 ألف ناخب في انتخابات 2018م، منهم 516 ألف صوتوا ل «النهضة» التي تحصلت في سنة 2014 على مليون و250 ألف صوت، و375 ألف صوت ل «النداء» بعدما فاز في انتخابات 2014م بمليون و700 ألف صوت.. هذا التراجع المخيف في الخزان الانتخابي للحزبين الكبيرين يعكس مدى الإحباط الذي يعيشه الناس بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة وغلاء المعيشة وضعف المقدرة الشرائية وانهيار الدينار التونسي، كل ذلك حسب الخبراء والمحللين والملاحظين عوامل جعلت المستقلين يبرزون قوة أولى جديدة في البلاد قلبت المشهد السياسي التونسي وهزمت منظومة الأحزاب التي لم تف بوعودها الخلابة وعجزت على مدى سبع سنوات عن تقديم برامج وإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية وتربوية تنهض بمستوى حياة الناس اليومية نحو الأفضل رغم تعاقب تسع حكومات في هذه السنوات، الأمر الذي جعل الأغلبية الساحقة من التونسيين تيأس من أهل السياسة والأحزاب وتقاطع الانتخابات.. ويتوقع المراقبون أن تنعكس نتائج الانتخابات البلدية الأخيرة المخيبة لآمال وانتظارات السياسيين على الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة التي ستجري في العام المقبل 2019م والتي يخشى هؤلاء أن يقاطعها الناس مثلما فعلوا مع الانتخابات البلدية، هنا يتساءل كثيرون من المهتمين بالشأن السياسي التونسي: ما العمل؟ ويرون أنه على الأحزاب أن تستدرك أمرها وتراجع حساباتها وتطور خطابها وتقيم أوضاعها أو تنسحب من المشهد قبل أن تندثر نهائياً، لأن هذا المشهد تغير جذرياً بعد دخول المستقلين في اللعبة وهم يقولون إنهم جاؤوا لخدمة الشأن العام وإنقاذ البلاد بعيداً عن الصراعات والتجاذبات السياسية الحزبية والمزايدات العقيمة التي يقوم بها تجار السياسة على حساب الوطن والمواطن. إنه مشهد سياسي جديد في تونس فرضه المستقلون وسنرى كيف سيكون، بدأت ملامح مستقبله تتشكل بمعاقبة النخب والأحزاب السياسية الحالية عن طريق صندوق الاقتراع يوم 6 مايو الماضي الذي أصدر شهادة وفاة للأيديولوجيات من يمينها إلى يسارها في عصر متغير تحركه الأفكار الجديدة وأساليب العمل المتقدمة والمتطورة. inShare Save اضف رد

مشاركة :