بعد مرور أيام قليلة على بداية شهر رمضان، أطلق نشطاء مغاربة في مواقع التواصل الاجتماعي نداء لمقاطعة البرامج التي تنتجها القنوات التلفزيونية المغربية لعرضها خصيصاً في هذا الشهر، وذلك كنوع من الاحتجاج على «رداءتها» و«سخافتها» كما يقولون. وجاءت الدعوة لمقاطعة برامج رمضان هذه السنة في سياق حملات المقاطعة التي اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب، والتي كانت قد بدأت في 20 أبريل (نيسان) الماضي، وشملت ثلاث منتجات استهلاكية تخص ثلاث شركات محددة، هي حليب «سنترال» والماء المعدني «سيدي علي» ومحطات «أفريقيا» لتوزيع الوقود. ودفع نجاح هذه الحملة بسبب التجاوب الكبير الذي لقيته من المغاربة فضلاً عن الاهتمام الواسع الذي حظيت بها من قبل وسائل الإعلام، وصولاً إلى مناقشة تداعياتها في الحكومة والبرلمان إلى إطلاق حملات مماثلة لمقاطعة منتجات أخرى احتجاجاً على غلاء أسعارها ومنها حملة جديدة لمقاطعة الأسماك التي تقفز أسعارها في رمضان. في هذا السياق لم تسلم برامج رمضان التي تعرضها القناتان التلفزيونيتان «الأولى» و«دوزيم» بدورها من موجات المقاطعة الذي اندلعت في المغرب كوسيلة احتجاج وفرتها مواقع التواصل الاجتماعي «تنفيساً» عن الغضب والتذمر. فقد أطلق نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي «هاشتاغ» «خليها ساعتين» و«خليها مطفية»، ويُقصد بها التلفزيون، أي: اتركه مغلقاً لساعتين. وطالب أصحاب الحملة بـ«الرفع من جودة البرامج، واحترام طبيعة المجتمع المغربي»، وتستهدف حملة المقاطعة برامج الكوميديا تحديداً التي تُعرض مباشرة بعد الإفطار لتنال أكبر نسبة من المشاهدة، وتطال هذه المسلسلات انتقادات واسعة منذ سنوات عدة دون أن يتغير أي شيء؛ فهي تدور حول المواضيع ذاتها التي يسمونها «اجتماعية هزلية»، وتُؤدَّى بالطريقة نفسها من قبل ممثلين مبتدئين وحتى محترفين يسقطون في فخ الاستسهال وتصنع حركات وإيماءات بالوجه تثير استفزاز أغلب مشاهديها الذين تعودوا على هذه الرداءة التي أصبحت صفة لصيقة بكوميديا رمضان في المغرب، ولم ينجح منتقدوها في إيجاد مَن يخلصهم منها، وبينهم نواب البرلمان الذين سألوا أكثر من وزير للإعلام خلال السنوات الماضية، عن «الإجراءات المتخذة للرقي بمستوى برامج رمضان»، السؤال نفسه تكرر العام الحالي فخلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين (الغرفة الأولى في البرلمان) التي عُقدت الثلاثاء الماضي، سئل محمد الأعرج، وزير الثقافة والاتصال (الإعلام) عن «الإجراءات المتخذة لتأهيل الإعلام المرئي والمسموع، وهل هناك في الأفق تدابير لفحص برامج القنوات العمومية؟». فجاء جواب الوزير أن هناك «مقاربة مندمجة» لتأهيل الإعلام تقوم على «مرتكزات تتمثل في إعادة النظر في التشريعات والقوانين التي تنظم القطاع، وإعادة النظر في عقد البرنامج بين الحكومة والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون، ثم تكوين العاملين في هذه القنوات». ودافع الوزير الأعرج عمّا تعرضه القنوات المغربية من خلال استعراضه نسب مشاهدة عدد من البرامج، وقال إن نسب المشاهدة ما بين 2 و8 مايو (أيار) الحالي بيَّنَت أن بعض البرامج وصلت نسبة متابعتها إلى 7 ملايين و341 ألف مشاهد، وذكر الحلقة النهائية من برنامج «لالة العروسة» الذي تعرضه القناة الأولى، وهو من برامج تلفزيون الواقع يتسابق فيه عرسان للفوز بشقة وإقامة حفل زفاف. كما استشهد الوزير ببرنامج «ولا عليك» الذي قال إنه تابعه 4 ملايين مشاهد، وبرنامج «مداولات» عن قضايا المحاكم الذي تابعه 3 ملايين مشاهد. في المقابل وجَّه نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، ومعهم عدد كبير من المشاهدين انتقادات لاذعة لعدد من المسلسلات الكوميدية القصيرة التي شرعت القناتان المغربيتان الأولى والثانية في عرضها مع بداية رمضان الحالي، من بينها سلسلة «أولاد علي» التي تُعرَض على القناة الثانية، وتجمع الممثلة فضيلة بنموسى، والممثل عزيز داداس، بأعضاء فرقة «إيموراجي» الكوميدية، وكتب متابعون أن «فكرتها استفزَّت المشاهدين، وطالب عدد منهم بوقف بثها». وطالت الانتقادات أيضاً سلسلة «الدرب» للفرقة ذاتها، التي تُبثّ بعد الإفطار على القناة الأولى، التي قيل عنها إنها «أُنتجت فقط لملء الفراغ، ولم ترقَ لمستوى العمل الكوميدي الذي ينتظره المغاربة». ورغم الانتقادات الموجهة إلى برامج رمضان، فإن نسب المشاهدة ترتفع خلال هذا الشهر بشكل عام. فحسب تقرير لنسبة مشاهدات برامج القناة الثانية في أولى أيام رمضان فقد تجاوز عدد مشاهدات برنامج «كاميرا شو» للمنشط رشيد العلالي أكثر من 9 ملايين مشاهدة، وسلسلة «حي البهجة» التي يشارك فيها عدد من الممثلين المغاربة من بينهم عبد الله توكونة (فركوس)، ومحمد الخياري وفضيلة بنموسى وعزيز حطاب وسكينة درابيل ومونيا مكاري شاهدها أكثر من 8 ملايين و600 ألف مشاهد. وفي المرتبة الثالثة جاءت سلسلة «أوشن» الذي يلعب بطولتها عزيز داداس وأسامة البسطاوي وآمال الأطرش ومحمد باسو التي تابعها 6 ملايين و742 ألف مشاهد.
مشاركة :