روي في قصة إسلام سيدنا عمر بن الخطاب أنه خرج يومًا _في شهر ذي الحجة السابع قبل الهجرة الذي يوافقه عام 616م- متوشحًا سيفه يريد القضاء على النبي صلى الله عليه وسلم، فلقيه رجل فقال: أين تعمد يا عمر؟ قال: أريد أن أقتل محمدًا. قال: كيف تأمن من بني هاشم ومن بني زهرة وقد قتلت محمدًا؟ فقال له عمر: ما أراك إلا قد صبوت، وتركت دينك الذي كنت عليه، قال: أفلا أدلك على العجب يا عمر؟ إن أختك وختنَكَ قد صبوا، وتركا دينك الذي أنت عليه، فمشى عمر إليهما، وعندهما خباب بن الأرت، معه صحيفة فيها (سورة طه) يقرئهما إياها، فلما سمع خباب حس عمر توارى في البيت، وسترت فاطمة - أخت عمر - الصحيفة. وكان قد سمع عمر حين دنا من البيت قراءة خباب إليهما، فلما دخل عليهما قال: ما هذه الهينمة التي سمعتها عندكم؟ فقالا: ما عدا حديثًا تحدثناه بيننا. قال: فلعلكما قد صبوتما، فقال له ختنه: يا عمر، أرأيت إن كان الحق في غير دينك؟ فوثب عمر على ختنه فوطئه وطأ شديدًا، فجاءت أخته فرفعته عن زوجها، فنفحها نفحة بيده، فدمى وجهها، فقالت، وهي غضبى: يا عمر، إن كان الحق في غير دينك، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله. فلما يئس عمر، ورأى ما بأخته من الدم ندم واستحيا، وقال: أعطوني هذا الكتاب الذي عندكم فأقرؤه، فقالت أخته: إنك رجس، ولا يمسه إلا المطهرون، فقم فاغتسل، فقام فاغتسل، ثم أخذ الكتاب. فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم فقال: أسماء طيبة طاهرة. ثم قرأ (طه) حتى انتهى إلى قوله: إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي [طه: 14]فقال: ما أحسن هذا الكلام وأكرمه؟ دلوني على محمد. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم عنده، ثم خرج المسلمون معه في صفين حتى دخلوا المسجد، فلما رأتهم قريش أصابتها كآبة لم تصبها مثلها، كما جاء في الدرر السنية. وهكذا أعز الله تعالى عمر بالإسلام، وأعز الإسلام بعمر فاروق هذا الأمة، ليصير من الدعائم الأساسية التي بُني عليها هذا الدين الخالد.
مشاركة :