الدعاة.. مندوبو تسويق يسقطون مجتمعيا واحدا تلو الآخر

  • 5/26/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تونس - يلبسون من أغلى الماركات العالمية، يختارون عبارات منمقة دون أن ينسوا الابتسامة في وجه “مضيء” بالمكياج أمام كاميرات التلفزيون التي حرّمها أسلافهم يوما، إنهم الدعاة الذين يشهد نجمهم “سقوطا مدويا” وأصبحوا يعرفون مجتمعيا بـ”تجار الدين والبزنس”. إذ تمرّ المجتمعات العربية بأتون حقبة انتقاليّة لم تتضح معالمها بعد. كيف بدأت الحكاية سنوات وعقود من خطب مقيتة وبليدة عن الجهاد تبخّرت ما إن وصلت جماعة الإخوان المسلمين إلى الحكم في تونس ومصر، لم تبق منها سوى خطب رجل الدين السعودي محمد العريفي في القاهرة، في يونيو 2013، شوهد في اليوم التالي في المطار متوجها إلى لندن للتصييف. بعد اتضاح كذبة “الجهاد”، التهى الدعاة بالتسويغ لحرب الرجعيّة العربيّة ضد فكر التنوير والتقدّم والتطوّر وتحرير المرأة. تسيد رجال الدين في المجتمع لأن دورهم في الدولة غير سيادي بسبب خنوعهم أمام السلاطين أولياء نعمتهم. في هذه الغمرة من التدين المغشوش، ظهر ما يسمّى بـ”الدعاة الجدد” وهم “الابن الشرعي” للإسلام السياسي والمتزمتين، لكن بأسلوب جديد، فهم أشخاص ملتزمون بالمجمل بمبادئ الدين، لكن وفق معايير أقل مما عاشها أسلافهم من الإسلاميين، من عصريي الطباع، ليني الكلام، شديدي الاهتمام بمظهرهم وشكلهم وحياتهم، منفتحين أكثر على الثقافة الغربية. شهد هذا النوع من الدعاة الجدد انتفاضة من الدعاة التقليديين لكن سرعان ما مالت الكفة للجدد واستطاعوا الاستحواذ على غالبية الجمهور منتقدين تشدد الرعيل الأول وتأخرهم. كان التغير الذي طرأ على الفضاء الإسلامي مثيرا للملاحظة وجديرا بالتأمل. فبسرعة الصاروخ تمكن هؤلاء الدعاة من السيطرة على العقول واعتلاء منصات الشهرة والإعلام، حتى أصبحت حياة أغلبهم قدوة لمن آمنوا بهم من الجمهور. وفي هذا الإطار، لمع نجم المصري عمرو خالد كداعية “مودرن” منذ تسعينات القرن الماضي، عندما شق طريقه من بوابات أندية التجمعات السكانية الراقية بالقاهرة، جاذبًا بخطابه الجديد المنتمين للطبقات العليا ونجوم المجتمع، ثم انتقل إلى عالم الشهرة، مصريا وعربيا. لقد كانت المدرجات التي يلقي فيها “خطبه الدينية” تغص بالآلاف لا في مصر -حيث ولد ونشأ- فحسب، بل في العديد من الدول العربية، مشكلا من ذلك، في ما بعد- حضورا تلفزيونيا طاغيا، حوله إلى نجم دائم على شاشات أبرز المحطات التلفزيونية، خاصة في المواسم الرمضانية. لم يكن الخالد الوحيد وإن مثل رمزا للظاهرة التي بقيت محافظة على وجودها وتجددها، ولم تتوقف عن إنتاج شخصيات تمثل امتدادا لخطه من أمثال شريف شحاتة وعمرو مهران ومعز مسعود، الذي يقدم وصفات الزواج السعيد وقد طلق ثانية بعد ستة أشهر من زواجه ومصطفى حسني الذي أصبح مصدر تندر بعد عملية زراعة شعر. سقوط أسرع من الارتفاع أثار رجال الدين زوابع في المدة الأخيرة بعد خلطهم الدين بالبزنس. وبعد أن كوّنوا لهم جمهورهم الدعوي؛ بات الدعاة يطمعون في خزائن أموال التجار مما يمكنهم من تعبئة جيوبهم الخاصة ليتحولوا إلى مجرد مندوبي تسويق للشركات والمؤسسات التجارية! فلم يكد يخفت الحديث عن الداعية “المودرن” الذي في دقائق ثقيلة من الدمامة عبر إعلان ركيك عن الدجاج الذي يقوي الإيمان، حتى تفاجأ متابعو حساب العريفي على موقع تويتر الذي يتابعه أكثر من 21 مليون متابع بنشره لتغريدة روج من خلالها لنوع من القهوة. وكان العريفي، قد عرض عددا من الإعلانات التجارية على صفحته، غير أن ما أثار المتابعين هو ربط الدين بالمنتج التجاري المدفوع، كتغريدة له عن وجوب زكاة الفطر على كل مسلم ومسلمة، وإلى جانبه صورة لأرز من ماركة شهيرة، وملابس إحرام من ماركة معينة قال إنها مضادة للبكتيريا والفيروسات. وفي منشور آخر له، تحدث العريفي عن سنة للنبي عليه السلام بأنه كان يعرف بريح الطيب إذا أقبل، وقال رجل الدين إن وضع الطيب مع البخور يعطي رائحة جميلة، ليتابع بعدها بأن عطره “كمبودي فاخر”. أما الداعية السعودي عادل الكلباني، فقد خرج على متابعيه في صفحته على تويتر مروّجا لشاي يساعد على تخفيف الوزن. وسبق إعلان الشاي إعلانات أخرى أبرزها إعلان لسلسة فنادق حياة عن عروضها لشهر رمضان الكريم.

مشاركة :