بعد أسبوعين على انتخابات برلمانية مهمة بكل المقاييس في العراق، وضعت القوى السياسية أوراقها على الطاولة، وظهرت سيناريوهات متعددة لتشكيل أغلبية قادرة على تسمية رئيس جديد للحكومة، الأمر الذي ساعد الكتل على التمسك بمطالبها. أكد مصدر سياسي عراقي أن مفاوضات تشكيل «الكتلة الأكبر» في البرلمان العراقي، المخولة حسب الدستور تسمية رئيس الحكومة الجديد، دخلت مرحلة التعقيدات، بعدما وضعت كل القوى السياسية أوراقها ومطالبها على الطاولة، وبرزت خيارات عدة لتشكيل أغلبية، الأمر الذي أعطى الكتل قدرة على المناورة والتمسك بشروطها ومطالبها. وفي الوقت نفسه، أشار المصدر إلى أن رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي لا يزال حتى الساعة الأوفر حظاً لرئاسة الحكومة العراقية، بغض النظر عن شكل التحالف الذي سيدعمه في البرلمان، لكنه أضاف أن الاحتمالات باتت مفتوحة على أكثر من سيناريو. وقالت مصادر أخرى إن تفاهمات جرت خلال الساعات الماضية بين تحالفي «النصر» و«سائرون»، تؤيدهما ثلاث كتل أخرى أصغر حجماً، أفضت إلى ما يمكن اعتباره موافقة مبدئية على ولاية ثانية للعبادي، لكن ضمن برنامج حكومي يلتزم به ويتعهد بتنفيذه، مضيفة أن هذه التفاهمات ليست نهائية وقد تتغير. وأشارت المصادر إلى 9 نقاط وضعها الصدر هي أساس البرنامج الذي يقترحه على العبادي، وهي: تشكيل حكومة تكنوقراط وطنية بعيداً عن نظام المحاصصة، وإحالة جميع المتورطين بالفساد إلى القضاء، وإعلان استراتيجية تخفيف الفقر والقضاء على البطالة، وإعادة إعمار المدن المدمرة، وإنصاف ذوي العمليات الإرهابية وتعويضهم، وحل مشكلة الكهرباء، والتعهد بسحب جميع القوات الأجنبية، والتأسيس لخط سياسي خارجي بعيداً عن أي محور في المنطقة، وتقييم سنوي لالتزام الحكومة ببرنامجها تحت طائلة سحب الثقة منها في البرلمان. في سياق آخر، أوضح نائب عراقي شيعي، رفض الافصاح عن هويته، أنّ تحالف الفتح بزعامة هادي العامري متردد بين الاندماج مع دولة القانون بزعامة نوري المالكي، والحفاظ على وحدته، أو الاندماج مع الصدر وخسارة كتلة «عصائب أهل الحق» بزعامة قيس الخزعلي، التي حصلت على 15 مقعدا برلمانيا ووضع الصدر فيتو عليها. وكان موقع «السومرية» العراقي قال، أمس، إن حظوظ العبادي تأتي في المرتبة الاولى، وبعده هناك «مستشار الامن القومي السابق فالح الفياض، وقصي السهيل ومحمد شياع السوداني»، وحظوظهم متساوية. وأضاف المصدر أن «التيار الصدري طرح اسم علي دواي ثم تراجع عنه ليطرح اسم جعفر الصدر مرشحاً جديداً لشغل المنصب». وجعفر الصدر شخصية محبوبة جدا في اوساط المثقفين العراقيين، ويصفه البعض بأنه «السيد العلماني» لأنه نجل السيد باقر الصدر الذي أعدمه الدكتاتور صدام حسين في عام 1980، وهو يعتنق أفكارا علمانية ويجاهر بها. وذكر أن «صالح الحسناوي سيكون مرشحاً قوياً في حال نجح تحالف الفتح بتشكيل الكتلة الأكبر، بصفته شخصية معتدلة ومقبولة من جميع الأطراف، ونفس الحال تنطبق على اسم ضياء الأسدي». إلى ذلك، هنأ الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، على تصدر تحالف «سائرون»، الذي يتزعّمه، نتائج الانتخابات البرلمانية، التي جرت في 12 مايو الجاري. وأفاد المكتب الإعلامي للصدر بأن إردوغان أبدى «استعداده للتعاون من أجل العراق». من جانبه، قدم الصدر «شكره على الاتصال، متمنياً تقدم العلاقات الطيبة مع دول الجوار عموماً وتركيا، وخصوصاً لما لها من دور مهم في المنطقة لتصل إلى الافضل، آملاً أن تحل جميع المشاكل العالقة معها من خلال الحوار، وتغليب مصالح الشعبين»، وفقاً لما جاء في البيان. من جانب آخر، نقلت وكالة الأناضول، عن مصادر في الرئاسة التركية، أن إردوغان أعرب عن تمنيه «التوفيق للصدر في تشكيل الحكومة»، مشيرة إلى أن «إردوغان ذكر للصدر، تلقيه اعتراضات من تركمان العراق، إزاء بعض التجاوزات الانتخابية في محافظة كركوك، مطالبًا بتقديم الدعم لإجراء التحقيقات والإجراءات اللازمة». بدوره أكدّ الصدر «العمل على حماية حقوق جميع المكونات في بلاده، مشدداً على حرصه على تطوير العلاقات بين البلدين. وجدد نائب رئيس الجمهورية زعيم ائتلاف الوطنية إياد علاوي، أمس، دعوته إلى إلغاء الانتخابات. وبينما دعا القضاء لفتح تحقيق عاجل وشامل بالاتهامات الموجهة إلى مفوضية الانتخابات والجهات «المتواطئة» معها، اعتبر أن العملية السياسية تشهد «انحداراً كبيراً». في سياق آخر، انفجرت قنبلتان محليتا الصنع استهدفتا مقر الحزب الشيوعي العراقي في بغداد. وأكد عضو المكتب السياسي في الحزب الشيوعي، جاسم الحلفي، أن الحادث لن يثني الحزب عن «مواصلة طريق الإصلاح والتغيير». وقال الحلفي: «أوجه كلمة إلى الذين لم يحصلوا على ثقة الشعب، وهي أن المشكلة ليست بالحزب الشيوعي، بل في سياساتهم والفساد وإدارة ظهورهم للناس، ونهب الملايين وترك الناس فقراءً في ظل الجوع والحاجة والسياسات البعيدة عنهم، المشكلة هي الولاءات الأجنبية دون الولاء للعراق»، مضيفاً: «فليعيدوا النظر بسياساتهم». ووصف المكتب السياسي للحزب الشيوعي الاستهداف بـ«الهجوم الجبان»، مضيفاً أن ذلك جاء «رداً على الدور الذي يقوم به الحزب على صعيد تشكيل الحكومة الاتحادية الجديدة، وفق برنامج سياسي وخدمي إصلاحي، بعيداً عن المحاصصة الطائفية والإثنية».
مشاركة :