اضطراب الشخصية المعادية يسبب ارتكاب الجرائم

  • 5/27/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

يعد اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع أحد الأمراض النفسية التي تؤثر في تكوين شخصية الفرد، ويؤدي إلى خلل في طرق التفكير وإدراك المواقف والاتصال بالآخرين، وفي العادة لا يهتم بمسألة الخطأ من الصواب، أو المعايير الاجتماعية السائدة والمقبولة.وينتهك المصاب بهذا الاضطراب القانون والأعراف وحقوق الآخرين، وهو ما يؤدي به إلى الدخول في صراعات ومشكلات كثيرة وارتكاب الجرائم، وتكون النتيجة الحتمية في أغلب الأحيان دخوله السجن.يميل مريض اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع إلى سلوكيات غير سوية، مثل إلحاق الضرر بالممتلكات وتدميرها والسرقة، ويتجاهل أمثال هؤلاء رغبات ومشاعر الآخرين وحقوقهم.ويمكن أن يلجأ المصاب إلى الكذب والخداع والمناورة، رغبة في الربح أو المتعة، وربما تصرف بطريقة عنف، أو أدمن تناول المواد المخدرة أو الكحوليات.ويفشل في أغلب الأحيان في إقامة علاقة أسرية سليمة، أو أداء واجبات العمل أو الدراسة، وذلك لأن تصرفاته لا تهدف إلا للإشباع الفوري لاحتياجاته، دون أن يفكر في عواقب أفعاله.ونتناول في هذا الموضوع تفاصيل هذا المرض، والعوامل والمسببات التي تؤدي إلى الإصابة به، وكذلك نقدم طرق الوقاية والنصائح والإرشادات المقدمة من الخبراء، ونطرح أساليب العلاج الممكنة والحديثة. الطفولة والمراهقة المبكرة يعكس تعدد مسميات هذا الاضطراب مدى التعقيد السريري له، كما أن له جوانب اجتماعية هامة، ومن مسميات هذا الاضطراب الاعتلال الاجتماعي، والاعتلال النفسي، والشخصية غير الاجتماعية.ويعرف في بعض الأحيان بالشخصية المعتلة اجتماعيا، وهو أشد أنواع هذا الاضطراب، وتبدأ أعراض اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع أحيانا كثيرة في سن الطفولة، أو في المراهقة المبكرة، وتستمر حتى البلوغ وما بعده.وتصل قمة الأعراض والسلوك في فترة العشرينيات، ثم تبدأ تدريجيا في الانحسار مع التقدم في العمر.ولا يمكن تحديد سبب حدوث هذه المشكلة، فهل يعود إلى النضج النسبي؟، أم إلى زيادة المعرفة الشخصية عن تبعات ومضاعفات هذه السلوكيات.وتظل قدرة هؤلاء على إقامة علاقات سوية أو التحول إلى أشخاص منتجين عمليا واجتماعيا محدودة، وذلك على الرغم من أنهم يكونون أقل عرضة لارتكاب الجرائم ضد الآخرين. عوامل وراثية واجتماعية يظن كثير من العلماء والباحثين أن اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع يعود إلى عدد من العوامل الوراثية والبيئية والاجتماعية والنفسية، وذلك لأن الأسباب الحقيقية لهذا الاضطراب ما زالت مجهولة.ويملك بعض الأشخاص جينات لديها قابلية أكثر لإظهار أعراض هذا الاضطراب، وذلك لحدوث سلوك معاد للمجتمع بشكل أكبر عند المولودين لأبوين لديهما اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع. ويمكن أن تتطور أعراض هذا الاضطراب بسبب ظروف الحياة وعوامل البيئة، ويمكن أيضا أن يكون أكثر عرضة للإصابة بهذا الاضطراب من يملك ميولا معادية للمجتمع.ويمكن أن يكون هناك علاقة بين غياب فهم وجهات نظر ومشاكل الآخرين بما في ذلك الأطفال، وبين ظهور اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع في وقت لاحق. عوامل الخطر تزيد احتمالية انتقال هذا الاضطراب إلى الأطفال إذا كان أحد الوالدين مصابا به، وتؤدي بعض العوامل إلى خطر تطور الأعراض وإثارتها، وذلك عند تعرض الطفل للإيذاء اللفظي أو الجسدي أو غير الأخلاقي.وأيضا عندما تكون حياته الأسرية غير مستقرة أو أصابتها الفوضى، وكذلك عندما يتعرض الطفل لفقدان الوالدين نتيجة انفصالهما بصورة صادمة له.وإذا كان هناك تاريخ من إساءة استعمال المخدرات في أحد أفراد الأسرة، أو بالنسبة للوالدين، وكذلك التاريخ العائلي لاضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، أو غيره من اضطرابات الشخصية أ وأحد الأمراض العقلية. كسر القوانين والتقاليد يتميز الشخص المصاب باضطراب الشخصية المعادية بعدم احترام عادات المجتمع وتقاليده، ويكسر قوانين المجتمع دائما، وينتهك حقوق الآخرين سواء العاطفية أو المادية، مستخدما في ذلك التضليل أحيانا والتخويف مرات أخرى.ويكذب المصاب بهذا الاضطراب بصورة دائمة بهدف تحقيق مصلحته الشخصية والمكاسب التي يبحث عنها، ويلجأ بصفة مستمرة للعنف، والعدوانية، والتهور والاندفاع، وبسبب ذلك فهو لا يملك قدرة على التخطيط لمستقبله، ولا يستطيع تحمل المسؤولية أو الوفاء بما عليه من التزامات مالية.ويفتقر المصاب بهذا الاضطراب إلى التعاطف مع الآخرين، وهو بالتالي لا يشعر بأي ندم على ما سببه لهم من أذى، ويفشل في إقامة أي علاقة صحية، ويشعر هذا الشخص دائما بالتفوق، وكذلك بالأنانية الشديدة.وتتفاقم أعراض هذا الاضطراب بسبب إقبال المصاب به في الغالب على تعاطي المخدرات والكحول، وهو ما يسبب تعقيدا في علاج الأمرين معا. قسوة على الحيوانات يمكن أن تظهر الأعراض المبكرة لاضطراب الشخصية المعادية للمجتمع في مرحلة الطفولة، وتتضح بشكل تام في العشرينات والثلاثينات.وتعتبر أبرز الأعراض التي تظهر عند الأطفال سلوك التنمر، والاندفاع أو الانفجار من الغضب، والعزلة الاجتماعية والقسوة على الحيوانات، وتأخر مستوى التحصيل الدراسي.ويمكن أن تنخفض بعض أعراض الاضطراب مع تقدم المصاب في السن، مثل السلوكيات التدميرية والإجرامية، وذلك بالرغم من أن هذا الاضطراب يستمر مدى الحياة.وليس هناك سبب بارز وراء هذا التراجع، ويعزو بعض الباحثين هذا الأمر إلى الشيخوخة، أو نتيجة زيادة الوعي بعواقب هذه السلوكيات.ويتعرض المصاب باضطراب الشخصية المعادية للمجتمع للعديد من المضاعفات، لعل من أبرزها، العدوانية التي تصل إلى حد العنف اللفظي أو الجسدي.ويمكن أن ينضم هذا المصاب إلى العصابات المسلحة، ويعتدي على الأطفال، ويتعاطى المواد المخدرة أو الكحول.ويتعرض للسجن والاعتقال، ويمر بسبب كل هذه التطورات بفترات من الاكتئاب أو القلق، كما أن وضعه الاجتماعي والاقتصادي يكون متدنيا.ويمكن أن يتعرض للوفاة المبكرة بسبب العنف الزائد، وتكون علاقته بمقدمي الخدمات الصحية متوترة. العناصر الرئيسية يتم تشخيص اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع من خلال تقييم نفسي دقيق، ويجب أن يملك الشخص تاريخاً من الاضطراب السلوكي قبل بلوغه عمر الـ15 عاما، وذلك حتى يتم تشخيص إصابته بهذا الاضطراب، ويجب أن يبلغ عمر المصاب 18 عاما أو أكثر حتى يتم وضع التشخيص له. وينبغي كذلك أن يتم رصد 3 عناصر رئيسية على الأقل، ومنها على سبيل المثال خرق القوانين بصورة مستمرة، والاندفاع مع عجزه عن التخطيط للمستقبل، وعدم الشعور بتحمل المسؤولية، والتهيج والاستهتار بالسلامة العامة. وتكمن صعوبة رصد الأعراض من قبل الطبيب المعالج في أنها تكون في تعاملات المصاب مع الآخرين، وبالتالي يجب الحصول على هذه المعلومات من دائرة الأسرة والأصدقاء.ويحسّن التشخيص المبكر للحالة من فرص الشفاء، غير أن المصاب بهذا الاضطراب في العادة لا يلجأ لطلب المساعدة إلا بعد أن يؤثر على حياته بصورة قوية، وهذا يحدث عندما يفقد المقدرة على التأقلم مع ضغوط الحياة، أو بسبب أعراض أخرى مثل الاكتئاب أو إدمان المواد المخدرة. يصبح سلوك المصاب أكثر عنادا وتطرفا في أواخر فترة المراهقة، وأوائل العشرينات، وربما يتحسن عند بلوغ الأربعينات. البرامج الجماعية فعالة يمكن الاستفادة من العلاج السلوكي المعرفي، ويهدف هذا النوع إلى مساعدة المصاب على تدبير مشاكله من خلال تغيير أسلوب التفكير والسلوك.ويمكن استخدام العلاج بالإقـــناع العقلي، وهو نوع آخر من أنواع العلاج التخاطبي، وصار أكثر انتشارا في علاج اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، وفــيه يقوم المعالج بتشجيع المصاب على أن يفكر بأسلوب جديد، ويبين مدى تأثير الحالة النفسية على سلوكه.ويتم تطبيق هذا النموذج من العلاج لمدة لا تقل عن 18 شهرا، مع ضرورة إعطاء الشخص مدة كافية، حتى يجري تغييرات ويضيف مهارات جديدة لخبراته، ومن العوامل المهمة لهذا النوع التحفيز الذاتي.وتشير الأدلة إلى أن البرامج الجماعية ربما تكون طريقة علاجية فعالة طويلة الأمد للمصابين بهذا النوع من الاضطرابات، كما أن نسبة استخدامها في السجون زادت. مسؤولية المعلمين والوالديـن تشير الإحصاءات الحديثة إلى أن اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع تصل نسبته من 15% إلى 30% من إجمالي عدد المصابين من مرضى العيادات الخارجية للأمراض النفسية.وينتشر هذا الاضطراب بنسبة أكبر لدى فئات معينة، مثل السجناء، وذكرت دراسات سابقة أن نسبة الإصابة بالاضطراب تبلغ في السجناء الذكور حوالي 47%، وفي السجينات 21%.ويصيب اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع الذكور أكثر من الإناث بصفة عامة، حيث تبلغ نسبة الإصابة في الذكور 70%، وتحتاج الأسرة التي يعاني أحد أفرادها هذا الاضطراب إلى التدريب على كيفية حماية أنفسهم من نوبات الاعتداءات والعنف من المريض، وكيفية التعامل والتعايش مع الحالة، ويتم ذلك على يد أخصائي نفسي.ويساعد الاكتشاف في سن مبكرة لأعراض هذا الاضطراب والتعامل معها على تجنب المضاعفات، ويلقي الأطباء المسؤولية على الوالدين والمعلمين وأطباء الأطفال في تطور وتفاقم هذا المرض.ويعود السبب إلى أن هذا الاضطراب تكون له جذور في الطفولة، ولذلك ينبغي الانتباه لهذه الأعراض المبكرة من قبل الأسرة والمعلم، بصرف النظر عن أن التشخيص النهائي لا يتم قبل عمر 18 عاماً.ويساعد بشكل كبير التوجيه المبكر والتأديب السلوكي والعلاج النفسي وتنمية المهارات في حماية الأطفال المعرضين للإصابة باضطراب الشخصية المعادية للمجتمع مستقبلاً.

مشاركة :