محمد خليفة حرك العلماء مؤخراً عقارب ساعة «يوم القيامة» الرمزية نصف دقيقة للأمام، قائلين: إن العالم أقرب ما يكون للفناء منذ ذروة الحرب الباردة، بسبب رد الفعل الهزيل لزعماء العالم تجاه المخاطر من نشوب حرب نووية. وهذه هي المرة الثانية التي يتم فيها تحريك عقارب ساعة يوم القيامة، التي صممتها نشرة علماء الذرة كمؤشر على إمكانية فناء العالم.وقالت مجموعة علماء الذرة، ومقرها شيكاجو في بيان، إن الساعة باتت على بعد دقيقتين من منتصف الليل، لتصبح أقرب ما يكون لوقوع كارثة منذ عام 1953، بسبب مخاطر وقوع حرب نووية؛ نتيجة برنامج كوريا الشمالية للأسلحة النووية، والخلافات بين الولايات المتحدة وروسيا، والتوترات في بحر الصين الجنوبي وغيرها من العوامل. ويبدو أن نظرية الساعة النووية هي كلام للاستهلاك العالمي؛ لأن العالم كله ليس على موعد مع الفناء النووي، فأية حرب نووية مقبلة ستكون بين القوى الرئيسة في العالم، وهي دول الشمال: الولايات المتحدة وكندا ودول غرب أوروبا، وبعض الدول الشرقية التي توجد بها قواعد عسكرية أمريكية، مثل: بولندا ورومانيا، إضافة إلى روسيا، ومن ثم تأتي الصين وكوريا الشمالية، أما باقي دول ومناطق العالم فستكون آمنة، إلا إذا قرر المتحاربون إطلاق صواريخ نووية عشوائية على هذه الدولة أو تلك، في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية بهدف التدمير لا غير.فعلى سبيل المثال: عندما تمّ تدمير هيروشيما وناجازاكي في الحرب العالمية الثانية، لم تتأثر المدن اليابانية الأخرى؛ بل عادت اليابان قوة اقتصادية عظمى. وقد عاش العالم في الأشهر الماضية نُذر حرب نووية، عندما أعلن الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونج أون، أن بلاده أضحت قوة نووية عالمية، حيث قال: «اكتملت قوتنا النووية. الولايات المتحدة لن تشن حرباً ضدنا؛ لأنها تعلم أن كل أراضيها تقع في مدى صواريخنا النووية. لم يعد الأمر تهديداً. لقد أصبحت قوتنا النووية واقعاً، لكننا لن نستخدمها إلا إذا تم تهديد أمننا القومي». كما دعا «إلى الحد من التوتر العسكري في شبه الجزيرة الكورية وتحسين العلاقات مع الجنوب».وتعليقاً على ذلك قالت مجلة «ناشيونال إنترست» الأمريكية في تقريرها، إن «إعلان زعيم كوريا الشمالية انتصاره على أمريكا باكتمال قوته النووية، ثم مده غصن زيتون إلى كوريا الجنوبية، يمكن اعتباره سبباً في حماية العالم من حرب نووية». وفي أحدث موقف لها في هذا الصدد، صنفت استراتيجية الرئيس ترامب للأمن القومي الأمريكي، روسيا والصين كدولتين عدوتين ينبغي على الولايات المتحدة الانتصار عليهما عسكرياً، لكن هل تمتلك الولايات المتحدة القدرة على الانتصار في أية مواجهة عالمية مقبلة؟ هذا السؤال أجاب عنه خبراء استراتيجيون متخصصون في مجال الدفاع الاستراتيجي، بقولهم: إن الصواريخ التي انطلقت من كوريا الشمالية، وعبرت المجال الجوي لليابان على ارتفاع يتراوح بين 400 و550 كيلومتراً، لم يكن بوسع النظام الأمريكي اعتراضها، وعلى الولايات المتحدة لكي تكسب الحرب النووية أن توجه عدة ضربات ساحقة لقدرات روسيا والصين وكوريا الشمالية في الوقت نفسه، لكن هذه الضربات غير ممكنة على الإطلاق، وفي هذه الحالة فإن هذه الدول سترد بأسلحتها النووية الباقية لتدمير المدن الأمريكية المهمة، وتعطيل مراكز القرار في الولايات المتحدة. فروسيا، على سبيل المثال، لديها مخزون كبير من الأسلحة النووية، وهي تحتفظ بها في عدة أماكن سرية، ومن غير الممكن تدمير الجزء الأكبر منها بضربة أولية. كما أنها تمتلك غواصات مزودة بصواريخ نووية عابرة للقارات، وهي تتنقل في أعالي البحار بسرية، وتستطيع توجيه ضربة نووية إلى الأرض الأمريكية من أي مكان، كما لدى روسيا قواعد صاروخية أرضية متنقلة مثل منظومات «يارس» و«توبول-إم». ويمكن للولايات المتحدة توجيه ضربتها إلى الأهداف المعروفة، ولكن إذا كانت هذه الأهداف متنقلة، خاصة عندما تكون غير مرئية للأقمار الصناعية، وتستخدم مختلف وسائل الإخفاء، فسيكون من غير الممكن تدمير مثل هذه الأهداف بضربة واحدة. أما منظومة «ستاندارد-3» و«SM-3» - للدفاع الصاروخي، التي نُشرت في رومانيا، وسيُنشر مثلها في بولندا، فإنها مخصصة للاعتراض الصاروخي فقط. إن الاستعداد للحرب يمنع الحرب، وطالما أن الدول المعنية بالصراع مستعدة للمواجهة، فلن تقع مثل تلك الحرب، وحتى لو وقعت، فإنها لن تؤدي إلى تدمير العالم، كما يشاع، بل سيطال التدمير فقط مراكز القوى العالمية الحالية، وربما تكون تلك الحرب فرصة للتخلص من تلك الأسلحة التي تجعل العالم على شفير الهاوية. med_khalifaa@hotmail.com
مشاركة :