حذار من تهديد الديون الرديئة وبنوك الظل

  • 5/27/2018
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

جون بلندار * تشير تقديرات معهد التمويل إلى أن حجم الديون المغطاة ائتمانياً ليس كبيراً كنسبة من إجمالي حجم الديون العالمية التي بلغت 233 تريليون دولار في 2017 أو ما يعادل 320% من حجم الناتج الإجمالي العالمي الكابوس الذي لا يفارق هيئات التنظيم المالية العالمية، هو أن كل أزمة طارئة تحرض على إطلاق الدعوات لتعديل قوانين المراهنات، وبالتالي تراكم تلك التعديلات وتعدد أشكال المضاربة.وكان من أبرز العوامل التي كانت وراء تفجير أزمة عام 2008، تحريض البنوك ومطالبتها هيئات التنظيم بتغيير أسس بازل الخاصة بقياس كفاءة البنوك المالية.فقد كدست البنوك قروض الرهن العقاري على شكل التزامات دين مؤمن عليها، ورفعتها عن موازينها الختامية من أجل الرهان على الرسملة وترحيل مخاطر القروض. وقد قام صناع القرار منذ ذلك الوقت، بما يمليه عليهم الواجب لمعالجة هذا النوع من المشاكل، لكن النتائج جاءت عكسية في بعض الأحيان.لعل من أبرز الأمثلة على هذه المشكلة، تلك القروض التي منحت بالحد الأدنى من الشروط الائتمانية. وقد منحت تلك القروض المجمعة لمقترضين من ذوي التصنيف الائتماني المنخفض، ثم اشتراها مستثمرون يتاجرون بحقوق الحوكمة الخاصة بهم، لقاء معدلات عائد أعلى.وتتم التضحية بمعايير حماية الائتمان ومنها القيود على حقوق المقترضين، وذلك للتخلص من الأصول في خضم موجة اللهاث وراء العائدات. ومن أكثر حالات استخدام هذا النوع من القروض، توظيفها في إعادة تمويل قروض سابقة، وفي تمويل صفقات الاندماج والاستحواذ.وكشف معهد التمويل الدولي عن المزيد من الأدلة على ارتفاع درجة المخاطر في هذا القطاع. وأظهرت بياناته، أن إصدارات الدين الأمريكية ارتفعت بنسبة 50% عام 2017، لتصل إلى 1.3 تريليون دولار، مقارنة مع 710 مليارات دولار قبل أزمة 2008. أما في أوروبا الأكثر اعتماداً على البنوك، فيصل الرقم إلى 290 مليار دولار، مقارنة مع 330 مليار دولار عام 2008.لكن القروض الرديئة شكلت نصف المبلغ في الولايات المتحدة، بينما بلغت 60% منه في الاتحاد الأوروبي؛ أي أنها بلغت مستويات أعلى بكثير مما كانت عليه قبل الأزمة. وإنصافاً للسلطات الأمريكية نقول إنها كانت يقظة حيال هذا التطور، حيث أطلقت عام 2013 معايير ضبط جديدة لمتابعة تفاقم هذه القروض، وبالتالي نجحت في خفضها.فقد خفضت البنوك الأمريكية تعرضها لهذا النوع من القروض بنسبة 11%، من حيث عدد القروض وبنسبة 5.4% من حيث حجمها، لكن المشكلة هي أن بنوك الظل أومؤسسات الإقراض غير المصرفية، زادت حصتها من السوق بنسبة زادت على 50% من حيث عدد القروض، أما من حيث حجمها فقد زادتها بنسبة 100%. وراكمت تلك المؤسسات هذا النوع من القروض، إما بشكل مباشر أو عن طريق شراء التزامات قروض مؤمن عليها. وقد ارتفع حجم هذا النوع من الالتزامات ستة أضعاف على المستوى الأمريكي منذ عام 2005، كما ارتفع حجمها في الاتحاد الأوروبي بوتيرة أسرع.وهنا يكمن السبب الرئيسي وراء كابوس هيئات التنظيم، فقد وجدت القروض الرديئة جداً طريقها إلى زوايا أخرى في النظام المالي، بفضل بنوك الظل التي تمول عن طريق النظام المصرفي التقليدي، فبعض مستثمري التزامات الديون بلا ضمانات هم من الصناديق التقاعدية وشركات التأمين. والأسس التمويلية لهذه المؤسسات أكثر صلابة من البنوك.إلا أن الصناديق التبادلية الناشطة في هذه السوق أيضاً بحثاً عن العائدات الأعلى، لا تتمتع بنفس القوة المالية؛ لأنها مطالبة بمنح تعويضات. وقد تحسنت إدارتها للسيولة في ظل الأزمة، لكنها ليست منيعة ضد موجات البيع الطارئة.وتشير تقديرات معهد التمويل الدولي إلى أن حجم الديون المغطاة ائتمانياً ليس كبيراً، كنسبة من إجمالي حجم الديون العالمية التي بلغت عام 2017 حوالي 233 تريليون دولار، أو ما يعادل 320% من حجم الناتج الإجمالي العالمي، مقارنة مع 280% عام 2007.لكن إلى جانب ارتفاع حجم مديونية القطاع العام، كان المحرك الأساسي وراء تلك الأرقام الفلكية، عادات الاقتراض المتفشية في قطاع الشركات خارج القطاع المالي.كما أن نسبة كبيرة من الزيادة في حجم الديون استهلكت في عمليات إعادة شراء الأسهم، وتمويل صفقات الاندماج والاستحواذ وليس في توسيع أنشطة الشركات ورفع طاقتها الإنتاجية، بما يعزز البحث والتطوير.ويرجع الفضل لسياسة البنوك المركزية المرنة في صمود نسبة 15% من تلك الشركات، وعدم إفلاسها، رغم أنها عاجزة عن تسديد خدمات ديونها.ولا يوجد ما يبعث على القلق حالياً، طالما أن الاقتصاد العالمي يشهد انتعاشاً قوياً، لكن ديون الشركات مستمرة في التضخم، وهذا يعرض الشركات لمخاطر جديدة في حال رفع أسعار الفائدة، وتشديد السياسات النقدية وهو ما بات قريباً جداً.وهكذا تبقى القروض الرديئة وبنوك الظل ومؤسسات التمويل غير المصرفية، مصدر خطر يهدد استقرار النظام المالي العالمي. * فاينانشل تايمز

مشاركة :