موارد سيطرة الشيطان على الإنسان كثيرة ومتعددة وليس لها حصر، ولكن كل الحيل الإبليسية تختفي بموردين وقوتين لدى الإنسان هما «الحلم والعلم»، ففي الحلم السماح والعفو، وفيه انتهاء الغضب، وفيه الصفح، وفيه السكينة والتمسك بكل فضيلة، وفي العلم تحقيق وتدقيق ومعرفة، أكبر الحيل الشيطانية مؤثرة في الغفلة والأمنية والغرور وكل تلك تنتفي عند البشر في حال تمسكوا بالعلم الذي هو نور كما يعبر عنه القرآن الكريم «هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون»، القوة الكاملة لدى الإنسان بهذين الموردين. كل البشرية تسمو بالأخلاق وترتفع، ترتقي وتقبل، وما تمسكنا بالغرب وإعجابنا بهم إلا لهذين الموردين، بشر لا يهتم بالتفاصيل الصغيرة، وكثير مما نعتبره إهانة بالنسبة لنا لديهم هو أمر اعتيادي، والمسألة مسألة ثقافة، فالبشر كل البشر يتطلعون إلى الفضائل والفضل والفضيلة وكل إنسان في الكون حي يعيش على أي أرض من أرض الحياة يتجه إلى اتجاه طلب الفضيلة، ولو أردنا أن نحصر موضوع الفضيلة (الحلم والعلم) ما أمكننا ذلك؛ لأن الفضيلة مستوى أرقى من أن يحصر، وأشمخ من أن يفصل ولكننا نأخذ في هذا الشهر الفضيل ما تيسر من مواضيع لها علاقة بالتربية الإنسانية، لأننا بحاجة ماسة لهذه الدروس التي تعطينا العظة وتفتح قلوبنا اتجاه الخالق الذي خلقنا وأنعم علينا النعم وأمرنا بطاعته وضمن لنا الجنة بموجب هذه الطاعة وموجب هذه الأعمال الحسنة التي نحييها، في ذلك اليوم الذي يكون الناس فيه كالجراد المنتشر يأتي إلينا كتابنا فيه ما فيه فإما تستلمه عن يمين، وإما عن شمال وفيه تفصيل كل شيء وفيه الفضائل وفيه الأعمال، فنحاسب على حسب حسابنا وحساب الآخرة ليس حسابًا دنيويًا وإنما حساب مختلف. لو يجول الإنسان في رحاب نفسه التي بين جنبيه لا ينفك أن يلاحظ أنه بدون ارتقائه لمستوى الفضيلة الكاشف عن واقعية النفس الإنسانية وحبها للسهل وإن كان مرديًا وكرهه للصعب وإن كان منجيًا، ففي رواية مجمع عليها «أكره نفسك على الفضائل فإن الرذائل أنت مطبوع عليها»، إشارة واضحة جلية لا ينبغي للإنسان المؤمن أن يتخلف عنها أو يتركها لأنها إشارة إلى عمق ما يطمح إليه الإنسان السوي. التخلف عنوان والجهل فتنة، والحلم مُكنة والعلم نور، ولذلك تعبير النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم «العلم نور»، لأن العلم غاية ما يمكن أن يتحصن منه الإنسان، ودائمًا العالم لا ينزل منزل الجاهل، وأغلب تصرفاتنا تأتي عن جهل وفي فعلها آخره ندم، منها كل تصرف صغير أو كبير وليست مسألة المعاصي والذنوب فقط بل وحتى التصرفات اليومية التي هي محطات من محطات الجهل لدينا والندم فيها كبير. ماذا نحتاج حتى نتعلم؛ إننا بحاجة إلى الدفع وتحفيز الذات على فعل الخيرات، والصفح والتمسك بالخلق، ومنع أنفسنا من التعامل مع الناس بمثل ما يعاملوننا به، فالأغلب منهم جاهل والأقل فيهم عالم، وهذه حقيقة، نعم من الصعب أن نرتقي بمستوى الصفح عن قبيح الأفعال التي نرها يوميًا في حياتنا سواء في السيارة ومن الناس أو في المحلات والمنتديات أو حتى اليوم على مستوى ما نسميه (قروبات الواتس آب)، وهذا شكل جديد في حياتنا والتعامل مع الناس بات أكثر فعالية لكن مستوى تعاملنا كيف، وردود أفعالنا وتجاوبنا مع الآخرين بأي مستوى، ولاحظ كم جريمة حصلت لأسباب صغيرة لا ترتقي لأن يحصل هذا كله، فاعلم تفهم.
مشاركة :