جمال سلطان:لماذا يجدد الإخوان حديث المصالحة ؟

  • 5/27/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

قبل عدة أيام تحدث وزير الخارجية المصري سامح شكري في لقاء تليفزيوني عن ما يتردد من كلام عن المصالحة بين النظام وجماعة الإخوان ، ونفى شكري هذا الكلام جملة وتفصيلا ، وقال بوضوح أنه لا يوجد أي تفكير في مسالة المصالحة مع الإخوان ، وأن الدولة تتعامل مع الجماعة ككيان غير شرعي ولن تسمح لها بالعودة مرة أخرى ، وكان هذا أوضح كلام يصدر عن مسئول مصري رفيع في هذا الملف منذ سنوات . وبعد تصريح سامح شكري بيومين ، أمس ، تحدث أمين عام الجماعة محمود حسين في حفل أقامه نشطاء في اسطنبول بتركيا عن ملف المصالحة بين الجماعة والنظام ، وأطال حسين الحديث عن ما أسماه شروط الجماعة ، للمصالحة مع النظام ، وأن الجماعة لن تتنازل عن شرط اطلاق سراح المعتقلين وأن أي جهود لا تضع هذا الشرط بعين الاعتبار فإن الجماعة لن تلفت إليها ، كما كان لافتا أن يتحدث عن الدكتور مرسي بوصفه “الشرعية الحقيقية” وليس “الشرعية الوحيدة” ! . والحقيقة أن هذا الكلام يطرح تساؤلات جديدة عن الجهات التي تروج لفكرة المصالحة بين الجماعة والنظام ، وهي المادة التي تتكرر مرارا على فترات وتستهوي الحياة الإعلامية المصرية في فترات كسلها وقلة الزاد ! ، وتصريحات أمين عام الإخوان توضح بدرجة أو أخرى ، أن الجماعة أو أطراف فيها هي مصدر مثل هذه التسريبات ، ربما تستخدمها كبالونات اختبار ، أو رسائل مبطنة إلى النظام تستمزجه فيها ، أو تتحسس توجهات بعض الأجنحة فيه ، وإلا فما معني الحديث عن المصالحة حتى لو بالرفض بعد يومين فقط من تصريحات وزير الخارجية بأنه لا توجد تلك الفكرة من أساسها . كلام محمود حسين لا يختلف ـ جوهريا ـ عن كلام إبراهيم منير المتحدث باسم التنظيم الدولي للجماعة ، في حوارات شهيرة له الفترة الأخيرة ، كلاهما في نفس السياق والوجهة ، وإن كان منير أكثر وضوحا في خطوات التراجع ، وبعيدا عن اللغة الحماسية التي يغلف بها مثل هذا الطرح عادة ، فإن جوهر الرسالة الإخوانية يعطي الانطباع بأن “سقف” طموح الجماعة عاد مرة أخرى إلى المستويات التي عاشتها في ظل حكم حسني مبارك قبل ثورة يناير ، مساحة حركة اجتماعية وحصة رمزية في البرلمان والنقابات وهامش إعلامي محلي ونصف مشروعية لمقرارت مكتب الإرشاد وقيادات الجماعة ، وتسوية ملف مظالم أعضاء الجماعة وإخلاء سبيل أعضاء الجماعة المحبوسين . شخصيا ، لا يساورني أدنى شك في أن الجماعة سوف تستجيب لأول إشارة جادة من النظام للمصالحة ، وأنها مستعدة لتقديم التنازل المطلوب ، والمهم ضمان جدية الطرف الآخر ، كما لا يساورني أدنى شك في أن النظام السياسي في مصر سوف ينتهي إلى نقطة التقاء مع الجماعة ، عندما تضيق الأمور ، وتضطرب السفينة وتقترب من “الغرز” ، وخاصة في الملف الاقتصادي المخيف ، فتلك العلاقة البراجماتية يحكمها تاريخ من الخبرات التي عرفتها الحياة السياسية في مصر عبر أطوارها المختلفة ، تكرر بعضها بحذافيره ، من الخمسينات في القرن الماضي إلى ثورة يناير وما بعدها ، كلاهما هو الملجأ الأخير والملاذ للآخر عندما تضيق الأمور ، والوطن ـ في النهاية ـ هو من يدفع الثمن ، ويعيد إنتاج عوامل هشاشته وتخلفه وعقم الحياة السياسية وجمودها ، لذلك تطورت دول كثيرة حولنا ، سياسيا ، بينما بقيت مصر وتوازنات دولتها ومؤسساتها وهيكل بنيتها السياسية مجمدا عند التركيبة والمعادلة التي وضعها عبد الناصر ومجموعته في 1954 . جيد أن يتحدث قياديون في الجماعة ، في الحفل المشار إليه نفسه ، عن اعتذارهم عن روح الشماتة التي انتشرت بين أعضاء الجماعة في تعليقاتهم على عمليات مداهمة النشطاء والسياسيين الذين تم اعتقالهم مؤخرا ، غير أننا لم نسمع أي بيان رسمي من الجماعة عن ذلك ، كما أن انتشار تلك الروح الكئيبة والمزرية بين قطاعات واسعة من أعضاء الجماعة وضمنهم رموز ذات حيثية ورمزية ، يعني أن ثمة خللا في البنية الفكرية والتربوية ، كان هذا هو حصادها عند المحكات ، وهذا هو الدرس الذي يحفظه الآخرون دائما عن الجماعة وحساباتها ، ويدفعهم إلى الحذر والشك وغالبا الرفض لأي خطوة تقارب تحاولها تجاههم . ————————————————————– جمال سلطان المصريون [email protected]

مشاركة :