«جهاز يشبه المبرد المعروف في المنازل، يوفر المياه بانسيابية ودرجة نقاء عالية، لكن مع فارق وحيد، هو عدم احتوائه على أي عبوات، لأنه ببساطة يستخرج المياه من الهواء بكميات كبيرة كافية للشرب، سواء في البيوت أو المؤسسات المختلفة»، هذه هي فكرة مشروع «سكاي ريفر» الذي بدأ بنقاش مفتوح حول المشكلات التي يسببها الضباب لشركات الطيران، ثم تطور الأمر بناء على سؤال حول إمكانية الاستفادة من الرطوبة الموجودة في الهواء وتحويلها إلى مياه صالحة للشرب. رئيس مجلس إدارة شركة «سكاي ريفر»، ناصر المرزوقي، قال لـ«الإمارات اليوم»، إن «استخلاص المياه من الهواء فكرة قديمة، لكن استخلاص كميات كبيرة ومستدامة للشرب كان يشبه المستحيل في وقت مضى، إلى أن تمكن فريق من الطلبة في معهد مصدر لأبحاث التكنولوجيا، ومعهد أبوظبي (بولي تكنيك)، من تطوير أنظمة التنقية والتكثيف، ودعمه بما يعرف بإنترنت الأشياء، وهذا جانب بالغ الأهمية، وتم تصميم الجهاز محلياً بالكامل بدعم من مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة». عملية تنقية وتكثيف المياه من خلال الجهاز، حسب ما أوضح المرزوقي، تتم عبر مراحل عدة، أولها فلتر ينقي الهواء من الشوائب الصلبة مثل الغبار ليدخل إلى مرحلة تكثيف الهواء ليتحول إلى قطرات مياه تعالج بوساطة نظام متطور لتنقيتها من الجراثيم وجعلها صالحة للشرب، وتضاف إليها الأملاح التي يحتاج إليها الجسم، بدرجة نقاء بالغة الجودة ومفيدة للصحة العامة. ومن المزايا المهمة في الجهاز دعمه بنظام إنترنت الأشياء، الذي يوفر معلومات كاملة عن معدل إنتاج المياه واستهلاك الطاقة، وكمية المياه التي يستهلكها الفرد، ما يساعد على التخطيط للمستقبل في المدن والدول، لافتاً إلى أن هذه المعلومات شحيحة للغاية، وتمثل إشكالية كبيرة في ظل توقع حدوث أزمة مياه، وحاجة الدول إلى تأمين احتياجاتها في السنوات المقبلة. ورأى المرزوقي أن مستقبل العالم ضبابي في ما يتعلق بهذه المسألة، في ظل حديث عن حرب المياه، وهناك تقارير حول دول كبرى تقف على حافة العطش، ويتوقع أن يقف الناس في طوابير للحصول على حصتهم من المياه، وهذا ما دفعه ومجموعة العمل من الطلبة والباحثين إلى البحث عن مصدر مستدام للمياه، مؤكداً أن المياه الموجودة في الهواء أكثر استدامة وأقل تأثيراً من مياه البحار، أو المياه الجوفية، لأنها موجودة فعلياً في الهواء وستترسب بأي طريقة كانت، أو تسقط على شكل أمطار، لذا فإن استغلالها يعد نقلة حقيقية. والإشكالية التي حلتها «سكاي ريفر»، والكلام مازال على لسان المرزوقي، هي توفير هذه التقنية بسعر مناسب للمستخدم العادي، إذ كان يبلغ سعر الجيل الأول من هذا الجهاز 40 ألف درهم على الأقل، لكن صار الآن متاحاً بأقل من ربع هذا الثمن، وأسهم أحد البنوك المحلية في تمويله على أربع سنوات، حتى صار القسط الشهري للجهاز أقل من القيمة التي يدفعها المستخدم العادي شهرياً في شراء عبوات المياه التقليدية. والجهاز الذي صمم محلياً بأيادٍ إماراتية له مزايا عدة أخرى، إذ يخفض معدل الرطوبة في المنزل، ما يزيد كفاءة استخدام التكييف فيه، كما أنه يقضي على أضرار استخدام العبوات البلاستيكية على البيئة والصحة العامة. ويشار إلى أن فريق العمل من الباحثين يتولى حالياً تطوير نظام الطاقة في الجهاز حتى يعمل بالطاقة الشمسية، لافتاً إلى أن الجهاز فاز بجائزة أفضل مبتكر في ملتقى العرب للابتكار، كما أنه حصل على أول اعتماد من نوعه من بلدية دبي.
مشاركة :