تعرف علي حكايات طعام الأغنياء والفقراء “الكنافة_ والقطايف_ وأم علي “

  • 5/28/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

قال مجدى شاكر كبير أثاريين، لنبض العرب ، عن حكاية الكنافة والقطايف وأم علي، حظيت الكنافة والقطايف بمكانة هامة فى الثقافة المصرية، وكانت – ولا تزال – من عناصر فولكلور الطعام فى مائدة شهر رمضان، وقد بدأت الكنافة طعامًا للخلفاء، إذ تُشير الروايات إلى أن أول من قُدم له الكنافة هو معاوية بن أبى سفيان زمن ولايته للشام، كطعام للسحور لتدرأ عنه الجوع الذى كان يحس به، واتخذت الكنافة مكانتها بين أنواع الحلوى التى ابتدعها الفاطميون، ومن لا يأكلها فى الأيام العادية لابد أن تتاح له فرصة تناولها خلال شهر رمضان، وأصبحت بعد ذلك من العادات المرتبطة بالطعام فى شهر رمضان فى العصور الأيوبي والمملوكي والعثماني والحديث باعتبارها طعامًا لكل غنى وفقير مما أكسبها طابعها الشعبي وأصبحت طعام الأغنياء والفقراء ولقد تغنى بها شعراء بني أمية فى قصائدهم. ويقال أن أبن الرومي كان معروفاً بعشقه للكنافة والقطايف وتغنى بهم فى شعره. وأضاف شاكر ،أن الأمام السيوطى الف كتاب (من هل الطائف فى صنع الكنافة والقطايف)، وهناك حكاية أخرى تقول أن الكنافة ثمرة الحب قيقال أن أحد الرجال غضبت عليه زوجته وغادرت منزلها متجهه إلى بيت أهلها وظل الخصام ممتدًا حتى شهر رمضان وحاول الكثير الإصلاح بينهم ولكنهم فشلوا ولكن عند إقبال الشهر الكريم تذكر الزوج حب كنافة زوجته وتذكرت الزوجة أنه يحب كنافتها فبعثت بصينية كنافة إلى منزله فما كان من الزوج إلا أن أخذ الصينية وذهب إلى بيت أهلها ليفطرا بها هما الاثنين وعندما دخل عليها فرحت الزوجة كثيرًا ورجعا معًا إلى منزلهما بعد الإفطار فاستطاعت الكنافة أن تصنع ما لم يصنعه أحد، أمّا القطايف لم يرد أصل تاريخى لبداية ظهورها ويقال أيضًا أنها كانت من أيام الفاطميين شأنها فى ذلك شأن الكنافة وذكر انها ربما لأنها تقطف ساخنة عندما تطيب مثل الورد أن ان احد أوجهها نسبة القطيفة أم على:- يحكى أن أم المنصور وهى «أم على» زوجة الأمير عز الدين أيبك أول سلاطين المماليك الذى تزوج السلطانة شجر الدر بعد موت زوجها الملك الصالح نجم الدين أيوب والتى تزوجته بسبب رفض مماليك الشام أن تتولى حكمهم إمرأة وبعد تزوج عز الدين أيبك لأم على غضبت شجر الدر وانتقمت منه فقامت ضرتها أم على بتدبير مكيدة ضدها وقتلتها هى وحاشيتها بالقباقيب ثم نصّب ابنها علي بن عز الدين أيبك سلطانا وقد احتفلت أم على بالمناسبة وظلت تقدم لمدة شهر طبق من السكر واللبن والعيش للناس ومن هنا أطلق على الطبق أم على وبهذا الحفل الدموى الانتقامى دخل هذا الطبق الشهير إلى المطبخ المصرى ومنه إلى العربى بشكل عام وهذه الحلوى المصرية تقدم ساخنة وهى مزيج من الحليب ورقائق الخبز مع المكسرات تقدم بالصينية وفى غرب العراق تسمى بالخميعة ويفضل إضافة الزبدة أو الدهن الحيوانى لجعلها تكتسب دسما أما في السودان فتمسى بـفتة لبن واشتهرت فى السعودية وتقدم فى الحفلات الكبيرة كحفلات الزواج والبوفيهات المفتوحة. -موائد الرحمن ترجع فكرة موائد الرحمن إلى عندما أتى وفد من الطائف ليعلن إسلامه للرسول فى المدينة وكان ذلك فى رمضان فكانوا الرسول يقدم لهم الطعام بأعتبارهم ضيوف ثم أستمرت الولائم التى كان يقيمها الحكام وكبار رجال الدولة والتجار والأعيان فى أيام الفاطميين وهو ما يطلق عليها سماط الخليفة وموائد الرحمن وكان القائمين على قصر الخليفة الفاطمى يوفرون راتبًا كبيرًا من السكر والدقيق لصناعة حلوى رمضان الكنافة والقطايف وغيرها وهناك أيضا خزانة دار الفطرة التى شيدها العزيز بالله ومهمتها إعداد البسيمة والحلويات والكعك وما شابه لتوزيعه فى ليالى الفطر والعيد وتعد بالقناطير لتوزع على مجموع المصريين فى القاهرة كما كان يحرص الخليفة على إقامة مائدة إفطار رمضان تسمى سماط بحضور رؤساء الدواوين والحاكم والوزراء وكانت فى هذا الوقت القاهرة مدينة خاصة للخليفة وخاصته وفرق الجيش المختلفة وتعددت الأسمطة (جمع سماط) الرسمية التى كان يحضرها الخليفة الفاطمى بنفسه فكان السماط يمد فى قاعة الذهب بالقصر الشرقى الكبير فى ليالي رمضان وفى العيدين والمولد النبوى وخمسة موالد وهى مولد سيدنا الحسين والسيدة فاطمة والإمام على والحسن والإمام الحاضر بالإضافة إلى “سماط الحزن” في يوم عاشوراء. فإذا كان اليوم الرابع من شهر رمضان رتب عمل السماط كل ليلة بقاعة الذهب إلى السادس والعشرين منه ويستدعى له قاضى القضاة ليالى الجمع توقيرًا له ويحضر الوزير فيجلس في صدر السماط فإن تأخر كان ولده أو أخوه وإن لم يحضر أحد من قبله كان صاحب الباب. ويقول المؤرخ المقريزي عن سماط رمضان بقاعة الذهب ” وكان قد تقرر أن يعمل أربعون صينية حلوى وكعك وأطلق برسم مشاهد الضرائح الشريفة لكل مشهد سكر وعسل ولوز ودقيق ويعمل خمسمائة رطل حلوى تفرق على المتصدرين والقرّاء والفقراء ثم يجلس الخليفة في منظرة القصر ويتوافد كبار رجال الدولة ويتلو المقرئون القرآن الكريم وكان الفراشون يقدمون الماء المبخر فى كيزان من الخزف ثم يتقدم خطباء الجامع الأنور وجامع الأزهر وجامع الأقمر مشيدين فى خطبتهم بمناقب الخليفة ثم ينشد المنشدون ابتهالات وقصائد عن فضائل الشهر الكريم “. وكان يسمح للضيوف بحمل مايريدونه من الطعام إلى بيوتهم بجانب كانت هناك موائد أخرى فى جامع عمرو والأزهر المترددين على أروقته وقد وصف الرحاله والشاعر الفارسى ناصر خسرو الذى زار مصر واستقر بها ثلاث سنوات ووصف العادات والتقاليد التى عاشها بنفسه فى فترة حكم الفاطميون حيث كان شعيا ووصف أن مائدة الخليفة كانت تتكلف ثلاثة آلاف دينار ذهب وكيف كان يوزع الصدقات أثناء سير موكبه فى الثلاثة جمع الأخيرة من رمضان الموائد في العصر المملوكى اشتهر العصر المملوكى فى مصر بتوسعة الحكام على الفقراء والمحتاجين في شهر رمضان ومن مظاهر هذه التوسعة صرف رواتب إضافية لأرباب الوظائف ولحملة العلم والأيتام ولا سيما من السكر الذى يتضاعف كمية المستهلك منه في هذا الشهر بسبب الإكثار من عمل الحلوى. واشتهرت فى هذا العصر الأوقاف الخيرية التى كان يخصصها الأمراء والسلاطين لإطعام الفقراء والمساكين فى شهر رمضان عن طريق موائد الرحمن وتوزيع الطعام المجهز عليهم والذى كان يشتمل على اللحم والأرز والعسل وحب الرمان فقد نصت وثيقة وقف السلطان حسن بن قلاوون على الآتى ” يصرف فى كل يوم من أيام شهر رمضان ثمن عشرة قناطير من لحم الضأن وثمن أربعين قنطارا من خبز القرصة وثمن حب الرمان وأرز وعسل وحبوب وتوابل وأجرة من يتولى طبخ ذلك وتفرقته وثمن غير ذلك مما يحتاج إليه من الآلات التى يطبخ بها فيطبخ ذلك فى كل يوم من أيام الشهر الكريم”. ولم تقتصر هذه الأوقاف الخيرية على موائد رمضان وتوفير الطعام للفقراء والمساكين بل امتدت رسالتها إلى التوسعة عليهم يوم عيد الفطر ليعيشوا فرحة هذا اليوم وبهجته فكان ينص الواقفون على شراء كميات من الكعك والتمر والبندق لتوزيعها على المستحقين والفقراء وذكرت وثيقة وقف السلطان قايتباى ” يصرف فى كل سنة تمضى من سني الأهلة فى يوم عيد الفطر توسعة لأرباب الوظائف بالجامع المذكور أعلاه ما مبلغه من الفلوس الموصوفة أعلاه ألفا درهم يوسع الناظر – أى ناظر الوقف – بذلك عليهم فى يوم عيد الفطر على حسب ما يراه”. وقد استمرت موائد الرحمن مرتبطة بشهر رمضان عبر العصور الإسلامية المختلفة وظل الأغنياء يتسابقون إليها كل عام ويعدون لها العدة.

مشاركة :