نجزم بأن الرجل الإصلاحي في هذا الزمن، يواجه تياراً عارماً من الفساد لا يستطيع مقاومته ودحره بسهولة، فقد بلغ المتنفذون الفاسدون في كل مفاصل الدولة، موقعاً راسخاً في تربتنا وفي دقائق حياتنا، وليس من اليسير كنسه من واقعنا.فالمفسدون أقوياء بشرائهم للضمائر، والرشاوى المالية والعينية، مثل الوظائف القيادية والخدمات والعطايا الجزيلة، ولجم أفواه وضمائر الآخرين، وشراء الولاءات لتزوير الحقائق، وظلم ذوي الحق والقلوب النظيفة.ولدى هؤلاء المفسدون جيش إعلامي في وسائل التواصل الاجتماعي، ولا يتورعون عن استخدام الدعاة والمتأسلمين، لتضليل الناس عن الحق باسم الدين، كما استخدم الدين عبر التاريخ لدعم الطغاة والفساد والظلم.المفسد يستخدم أمواله ومركزه ونفوذه وسلطته، لتكوين جيش الفساد الجرار، من المطبلين السياسيين، والمسؤولين الفاسدين الذين هم أيضاً يستفيدون من مواقعهم وسلطاتهم، لتنفيع غيرهم وتكوين مجموعات ولاء لا متناهية، في كل إدارات ومفاصل الدولة والمجتمع.فكيف يواجه الرجل الإصلاحي كل تلك الجيوش، التي تملك من أدوات الترغيب والترهيب والدعاية ترسانات، فالمجتمعات لا تخلو من المنافقين وضعاف النفوس، أما مَنْ يبيع ضميره فقد غاض الدم عن وجهه، فلم يعد الشرف والفضيلة والصدق تمثل قيماً في حياته.المفسدون والفاسدون يدمرون القيم الأخلاقية في المجتمع، فمن يبيع اصبعه على استعداد أن يبيع ذراعه، ثم يبيع جسده وعقله بالكامل، وكلما كان عطاء المفسد أجزل، كان الفساد أعظم وكلما أصبح الإنسان أكثر ولوغاً بالوحل.أن التاريخ يشي بأن الأمم التي فسدت انتهت وتلاشت، والأمم التي تحلت وتسربلت بلباس الفضيلة والحق والأخلاق ازدهرت ونمت، وعاش ذكرها بين الأجيال، فلا شيء يبقى على حاله، وكل ما يبقى هو الذكر إن حسناً أم سيئاً.لا نعلم كيف سيؤول مصير أبنائنا وأحفادنا، فقد انتهى زمن الحلم في العدالة والحق وبحبوحة العيش، فهذا زمن الغيلان والحيتان، زمن تكثر فيه معاول هدم التحضر، وتشتد فيه ضربات معاول هدم الثقافة والتنوير والتسامح.osbohatw@gmail.com
مشاركة :