أسواق رأس المال العربية والممارسات التنظيمية

  • 5/29/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

جو ماكهيل* تنفيذ قانون توجهات الأسواق المالية الأوروبي يعد عملية مستمرة وليس حدثاً منفرداً ويمثل أكبر تحول في هيكلية السوقلقد كان عام 2018 منذ بدايته وحتى الآن، عاماً حافلاً بالأحداث بالنسبة للأسواق المالية الدولية؛ حيث شهد تطبيق الاتحاد الأوروبي لقانون توجهات الأسواق المالية الأوروبي (MIFIDII) بعد طول انتظار. ورغم أن الهدف من هذا القانون كان إحداث نقلة نوعية في أسواق رأس المال الأوروبية، إلا أن أثره امتد إلى نطاق عالمي، وكان موضع نقاش في المؤتمر الأول للوسطاء الماليين العرب، الذي نظمه اتحاد هيئات الأوراق المالية العربية وهيئة الأوراق المالية والسلع في دبي في إبريل/نيسان.وساهم المؤتمر رفيع المستوى في توفير منصة للاستماع إلى كوكبة مرموقة من الخبراء المحليين والدوليين حول مجموعة واسعة من القضايا الرئيسية، مثل الإطار التنظيمي والبنية التحتية للأسواق المالية، وتأثير التطورات التكنولوجية، والاستثمارات الأجنبية في الأسواق العربية، وبناء القدرات. أدار جليل طريف، الأمين العام لاتحاد هيئات الأوراق المالية العربية، الجلسة الأولى، والتي تطرقت إلى دور الهيئات التنظيمية في تطوير أسواق رأس المال. وشاركني في جلسة نقاش متميزة ممثلون عن القطاع من بورصة دبي للذهب والسلع، إضافة إلى كل من د. عبيد الزعابي، الرئيس التنفيذي لهيئة الأوراق المالية والسلع؛ وفراس صفي الدين، نائب رئيس هيئة الأسواق المالية اللبنانية؛ وأحمد المرهون، الرئيس التنفيذي لسوق مسقط للأوراق المالية.فيما يتعلق بقانون توجهات الأسواق المالية الأوروبي، ركز المشاركون على تعزيز فهمهم لارتباط القانون بالعالم العربي. وتمحور حديثي حول أنه رغم أن تنفيذ هذا القانون يمثل أكبر تحول في هيكلية السوق في الأسواق الأوروبية خلال جيل من الزمن، إلا أنه تم بسلاسة إلى حد الآن، على الرغم من أن نتائج التأثيرات الأوسع نطاقاً لن تظهر إلا بعد سنوات عدة. وفي النهاية، يعد تنفيذ قانون توجهات الأسواق المالية الأوروبي عملية مستمرة وليس حدثاً منفرداً. وعند سؤالي حول ما يعنيه تطبيق القانون للمؤسسات المالية العربية والمستثمرين العرب، أشرت إلى أن القانون، ورغم أنه يطبق على الأسواق الأوروبية فقط بشكل مباشر، ستكون له تأثيرات غير مباشرة على الأسواق العالمية أيضاً. على سبيل المثال، ينبغي على أي مؤسسة عربية تنهي معاملاتها في أداة متداولة في الاتحاد الأوروبي أن تقدم معرفات الكيانات القانونية (LEI) لنظيراتها في الاتحاد الأوروبي، بحيث يمكن للجانب الأوروبي تعريف الشركة العربية في تقاريره الخاصة بالمعاملات للجهات التنظيمية الأوروبية. وفي الواقع، شهدت بلومبرج اهتماماً متزايداً بخدمات ومعرفات الكيانات القانونية من عدد من العملاء الذين يتخذون من منطقة الشرق الأوسط مقراً لهم، في الفترة التي سبقت إقرار قانون توجهات الأسواق المالية الأوروبي. كما أشرت أيضاً إلى أن قانون توجهات الأسواق المالية الأوروبي قد يصبح معياراً عالمياً، وأن الشركات العاملة على المستوى الدولي قد تجد أنه من الأسهل تطبيق أعلى المعايير في السوق؛ بحيث يمكنهم ضمان الإيفاء بمتطلبات الامتثال على الصعيد العالمي. كما سيحرص المستثمرون على تطبيق معايير الحماية ذاتها المدرجة في قانون توجهات الأسواق المالية الأوروبي، وقد ترغب الجهات التنظيمية بدراسة القانون؛ لمعرفة الجوانب الناجحة وتلك التي يتعذر تنفيذها؛ بحيث يمكنهم تقرير ما إذا كان بالإمكان الاستفادة من الأجزاء المناسبة منها لمصلحة الدوائر التابعة لهم. وبالنسبة للأسواق، التي تسعى إلى تشجيع الاستثمار الأجنبي، قد تساعد الممارسات التنظيمية المتينة، مثل قانون توجهات الأسواق المالية الأوروبي أو غيره، على تحقيق هذا الهدف. إطار تنظيمي يتطور باستمرار تمثل الموضوع الأبرز في أهداف الإطار التنظيمي ودور المشرعين في تطوير أسواق رأس المال، وحول ذلك، اتفقت وزملائي في حلقة النقاش على أهمية تحقيق التوازن بين الاستقرار المالي وحماية المستثمر، وكفاءة السوق. وتضمن الجزء الرئيسي من استراتيجية التعامل مع عدم قدرة الوسطاء على الدفع واحتواء المخاطر، التأكيد بشدة على كفاية رأس المال وتوفير بنية تحتية صلبة وتطبيق أعلى المعايير السلوكية. كما تم التركيز على أهمية التنسيق بين الجهات التنظيمية، والاعتراف بالدور المهم الذي يمكن أن تلعبه بعض الهيئات العالمية، مثل المنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية. وبالنظر إلى المستقبل، اتفقنا على أن المستقبل يحمل الكثير من الفرص والتحديات؛ نتيجة تطور الأسواق والتكنولوجيا، ومن المهم تطوير الإطار التنظيمي وتعديله باستمرار، بحيث يبقى صالحاً لتحقيق الهدف المنشود. *رئيس الشؤون التنظيمية للاتحاد الأوروبي  في «بلومبيرج إل بي»، في لندن

مشاركة :