في محاولة دولية جديدة لكسر الجمود السياسي وحل القضايا المتنازع عليها، تجمع #فرنسا غدا الثلاثاء القادة الليبيين، للتفاوض بشأن حلول سياسية تمهّد لإجراء انتخابات قبل نهاية العام الحالي تنهي فوضى أكثر من 7 سنوات في البلاد. وأكدّ حضور المحادثات كل من رئيس حكومة الوفاق #فائز_السراج، وقائد الجيش الليبي #خليفة_حفتر، ورئيس مجلس النواب في الشرق #عقيلة_صالح، إضافة إلى رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري. ورغم أهمية هذا اللقاء الذي سيحضره إضافة إلى أبرز الأطراف الليبية المتنافسة، نحو 19 دولة وأربع منظمات دولية، فإن الداخل الليبي لا يبدو متفائلا بمخرجات أو توصيات هذا الاجتماع، ويرى أن فرص نجاحها قليلة ما لم تحدث انفراجة في الأزمة الليبية المستمّرة منذ سقوط نظام الزعيم الراحل معمر القذافي. ويعزو عدد كبير من الليبيين توقعاتهم إلى وجود قوى على الأرض تتحكم في المشهد السياسي والأمني، خاصة المليشيات المسلحة في الغرب الليبي وبعضها متحالف مع حكومة الوفاق، وهي تعيق التوصل إلى أي توافق سلمي أو محاولات للصلح أو تقارب بين الفرقاء، خاصة أن المبادرة الفرنسية لحلّ الأزمة التي يرى البعض أنها لم تأت بالجديد، لا تستجيب إلى رؤيتها أو مصلحتها. واستبق 13 مجلسا عسكريا في المنطقة الغربية اجتماع باريس، وأعلن في بيان مساء الأحد رفضهم لهذا اللقاء، بحجّة أن المبادرة الفرنسية التي لا تمّثلهم تهدف إلى توطين "حكم العسكر" ولا تدعو للتداول السلمي على السلطة، وتراعي القانون العسكري الليبي في شروط تولّي المناصب العسكرية. وأكدت التشكيلات المسلّحة في البيان أن العملية الانتخابية "شأن ليبي" ويجب أن تتم بآليات دستورية وأخرى قانونية معتمدة واجبة النفاذ في كل الظروف والأحوال، مطالبة بإعطاء الأولوية القصوى إلى "وقف الحرب" داخل التراب الليبي. وتجدر الإشارة إلى أنّ المبادرة الفرنسية حول الأزمة الليبية، التي تتضمّن 13 بندا رئيسيا، تدعو إلى "توحيد البنك المركزي الليبي فورا وحل جميع المؤسسات الموازية"، وإلى ضرورة "الالتزام بدعم الحوار العسكري الجاري في القاهرة وتوحيد الجيش الوطني الليبي وتشكيل الهيكل الوطني العسكري الذي سيتم تنفيذه بعد الانتخابات تحت السلطة المدنية". وتتحدث المبادرة الفرنسية أيضا عن "فتح دورة جديدة لتسجيل الناخبين في القائمة الانتخابية لفترة إضافية مدتها 60 يوما، إضافة للاعتراف بالدستور الذي صاغته الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور"، كما تنص على "الاتفاق على إجراء الانتخابات بحلول نهاية عام 2018، وفقا لجدول زمني يحدده المبعوث الأممي بالاتفاق مع حكومة الوفاق الوطني والمفوضية العليا للانتخابات". وحذّرت المبادرة من أيّ "عرقلة أو إعاقة أو تدخل في عملية التصويت ستؤدي إلى فرض عقوبات من قبل المجتمع الدولي"، مشيرة إلى أنّ "قوات الأمن الليبية بالتنسيق مع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وجامعة الدول العربية، والاتحاد الإفريقي ستضمن أمن التحضيرات للانتخابات". ورغم أهمية النقاط التي تضمنتها المبادرة، لا يرى النائب بالبرلمان علي التكبالي في تصريح لـ"العربية.نت"، أي إمكانية لنجاح هذا اللقاء في ظل وجود مليشيات مسلّحة تعدّ هي الحاكم الفعلي في العاصمة طرابلس، وذلك بالرغم من انتظارات الليبيين الذين من "فرط لهفتهم على إنهاء محنتهم، أصبحوا يتلقفون أي مبادرة على أنها الحل لأزمتهم". وبدا الأكاديمي الليبي، عقيلة دلهوم، أيضا متشائما، وقال إن الجهود الفرنسية في توحيد رؤية أطراف الحكم الفوضوي في ليبيا بجناحيه السياسي والعسكري، "لن تؤتي ثمارها". وأضاف دلهوم في تدوينة على صفحته بموقع "فيسبوك" أنّهم "سيتفقون هناك في الفنادق الفارهة، ويتصافحون بابتسامات باهتة، وربما يوقعون على أوراق جاهزة، ثم يرجعون إلى شرنقاتهم حيث صوت الرصاص، وتبدأ التفجيرات والمكائد، ليتكرر الفشل، لأن الإفشال لأي اتفاق هو الغاية، وبقاء الحال كما هو عليه أكثر نفعاً، لمن تلذذوا النشوة مع استمرار معاناة الناس". ومن جهته، يرى النائب بالبرلمان صالح فحيمة، أن المبادرة الفرنسية "لن يكتب لها النجاح"، في ظل إهمال بعض الدول الفاعلة في المشهد السياسي الليبي وغيابها عن هذا الاجتماع مثل إيطاليا، مشيرا إلى أنّها "لم تأت بالجديد وقامت بتلخيص مطالب الليبيين في نقاط"، دون تحديد آلية وجدول زمني لتطبيقها على الأرض. وفجرّ اللقاء الدولي حول ليبيا الذي تحتضنه باريس غدا الثلاثاء، خلافا فرنسيا إيطاليا حول إدارة الملف الليبي، خرج إلى العلن عندما أكدّ السفير الإيطالي في ليبيا وزيبي بيروني، الأحد، في تصريح لجريدة "لاماتينو" الإيطالية، أن "الانقسامات والمبادرات غير المنظمة تساهم في عودة قوارب الموت"، في إشارة إلى المبادرة الفرنسية لحل الأزمة الليبية، مضيفا أنّ "الهدف ليس زيادة الالتزامات، بل تنفيذ ما جرى الالتزام عليه حول ليبيا". وفي السياق ذاته، اتهمت الصحف الإيطالية الصادرة، الأحد، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالسعي لضرب المصالح الإيطالية في ليبيا، وخاصة في حقول الغاز والنفط. وقالت صحيفة "الجورنالي" إن "فرنسا توظف حالة الشلل السياسي الحالية في إيطاليا لاستهداف روما ومراوغة مستعمرتها السابقة ليبيا ونهب ثروتها النفطية"، بينما قلّلت صحيفة "كوريري ديلا سيرا" من أهمية المبادرة التي توقعت لها الفشل كما حدث مع المبادرة التي أطلقتها باريس في يوليو الماضي. وكانت فرنسا قادت قبل نحو عام، محادثات جمعت بين رئيس حكومة الوفاق السراج والجنرال حفتر قائد الجيش الليبي، تعهّدا خلاله بالالتزام بوقف إطلاق نار مشروط والعمل نحو إجراء انتخابات، غير أنها بقيت حبرا على ورق في ظلّ تواصل القتال في ليبيا، وحالة الغموض التي تحيط بموعد إجراء الانتخابات.
مشاركة :