واشنطن - لندن: «الشرق الأوسط» من المقرر أن تبدأ غدا (الخميس) أول تجربة لإطلاق مركبة فضاء تريد وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) أن تستخدمها في النهاية لإرسال بشر إلى كوكب المريخ، وذلك عندما يتم إطلاق المركبة الفضائية «أوريون» من مركز كيندي لأبحاث الفضاء بولاية فلوريدا. ومن المقرر أن تنطلق الكبسولة الفضائية «أوريون» الساعة 07:05 (12:05 بتوقيت غرينتش)، من المركز الفضائي في كيب كانافيرال على الساحل الشرقي من فلوريدا، وهو نفس المركز الذي استخدمه برنامج المكوك الأميركي لأكثر من 30 عاما، وكذلك برنامج أبوللو لإطلاق سفن الفضاء إلى القمر. وأوضح بيان لـ«ناسا» أنه سيتم وضع المركبة «أوريون» فوق الصاروخ «دلتا 4 الثقيل» عند الإطلاق، وعندما ينطلق في الفضاء سيحلق على ارتفاع 5900 كيلومتر فوق مستوى سطح البحر، وسيدور حول الأرض مرتين، حسب وكالة الأنباء الألمانية. ولن تحمل الكبسولة أي بشر خلال هذه الرحلة التجربة التي ستستغرق 4 ساعات ونصف الساعة، غير أن الهدف على المدى الطويل يتمثل في مشاركة 6 ركاب في الرحلة الفضائية التي ستقوم بها «أوريون» داخل أعماق الفضاء بشكل يفوق ما كان متاحا من قبل. وقال ويليام جريستنماير، المنسق المشارك في «ناسا» لعمليات البشر ورحلاتهم الاستكشافية، الشهر الماضي، عندما تم وضع الصاروخ على منصة الإطلاق، إن «هذه هي الخطوة التالية في رحلتنا إلى المريخ، وهي خطوة كبرى». وتهدف خطة «ناسا» على المدى الطويل إلى إنزال رواد فضاء أولا على كويكب، ثم في وقت لاحق على المريخ في وقت ما في منتصف الثلاثينات من القرن الحالي. وإذا سارت الأمور على ما يرام سينتهي الحال بالرحلة الفضائية التجربة إلى الهبوط في المحيط الهادي، على مسافة نحو 970 كيلومترا جنوب غربي سان دييجو بولاية كاليفورنيا. وفي الوقت الذي ركزت فيه وكالة الفضاء الأميركية على مهمة الوصول إلى المريخ، استعانت بوسائل النقل الروسية للبشر بمحطة الفضاء الدولية، وكذلك وسائل الشحن للشركات الأميركية الخاصة. وكان الفشل مصير آخر عمليتين لإطلاق مركبتين فضائيتين من جانب شركات خاصة وهما «أوروبيتال ساينسز كورب» و«فيرجن جلاكتيك»، مما زاد من المخاوف إزاء وضع رحلات الفضاء الحالية، ولقي رائد فضاء حتفه أثناء عملية إطلاق مركبة شركة «فيرجن جلاكتيك»، وكان الهدف منها التمهيد لإطلاق رحلات سياحية في الفضاء. ومن ناحية أخرى، وضعت «ناسا» المركبة «أوريون» في مرتبة مختلفة، وقالت إنه من المستبعد أن تزور محطة الفضاء الدولية، وإن السياح ليسوا جزءا من مهام السفر في الرحلات المعتزمة إلى المريخ. كما تقول «ناسا» إن تجربة السفر التي ستنفذها «أوريون» تعد خطوة مهمة ستسمح لمهندسيها باختبار عناصر تشكل الخطر الأكبر على رواد الفضاء، وتقديم معلومات تحتاج إليها لتحسين تصميم المركبة «أوريون». وتعد «أوريون» من بقايا برنامج «ناسا» الذي أعلنه الرئيس السابق جورج دبليو بوش لإعادة رائد فضاء إلى القمر، وتم إلغاء هذا البرنامج عام 2010، مما دفع «ناسا» لوضع عينيها على الجائزة الأكبر وهي المريخ. كما ستساعد الرحلة التجربة المهندسين على تقييم أنظمة العودة عالية السرعة للكبسولة التي تتحكم في الارتفاعات ومظلات الهبوط ودرع المركبة الواقية من الحرارة، ومن المقرر أن تعود «أوريون» عبر الغلاف الجوي للأرض بسرعة تقترب من 32 ألف كيلومتر في الساعة، مما يولد حرارة تقترب من 2200 درجة مئوية على درعها الواقية من الحرارة. وتفسر السرعة العالية عند العودة وكمية الحرارة السبب في أن «أوريون» تعد كبسولة تشبه مركبة الفضاء التي حملت رواد الفضاء إلى القمر أكثر من الشبه بينها وبين المكوكات المجنحة التي خرجت من الخدمة عام 2011. وعلى الرغم من أن مركبات «أبوللو» الفضائية تبدو مشابهة، فإنها أصغر حجما من «أوريون» التي يبلغ قطرها 5 أمتار مقارنة بـ«أبوللو» التي يبلغ قطرها 3.2 متر، وبينما كان حجم مركبات المكوك أكبر إلا أنها لم تتجاوز على الإطلاق مدار الأرض. وثمة نية لإعادة استخدام المركبة «أوريون». وهناك هدف آخر للرحلة التجربة وهو التأكد من أن دروع «أوريون» مناسبة بما فيه الكفاية لحماية ما تحمله من معدات إلكترونية، ويجب أن يوضع ذلك في الحسبان لأن سفن الفضاء التي تقوم برحلات في الفضاء العميق تتعرض لكمية أكبر من الإشعاع مقارنة بتلك التي تظل في مدار الأرض. واعترفت «ناسا» بالفعل بأن «أوريون» بحاجة إلى تعديلات حتى تتمكن من السفر إلى المريخ، وتتضمن هذه التعديلات تزويدها بمعدات قادرة على الهبوط على الكوكب الأحمر، إلى جانب أماكن للمعيشة لرواد لفضاء لاستخدامها على ظهر المريخ يمكن لـ«أوريون» أن تحملها على متنها.
مشاركة :