تمنى أن تبلعه الأرض.. قصة تحوّل السحيمي من محكوم بالقصاص لمربي أجيال عظيم

  • 5/29/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

كشف برنامج تلفزيوني ما -لا يعرفه الكثيرون- عن قصة نجاح الدكتور بدر السحيمي الأكاديمي والمستشار التربوي لذوي الإعاقة، والتي بدأت من النهاية؛ إذ كان محكوماً بالقصاص، وذاق مرارة السجن 5 سنوات خلف القضبان، قبل صدور العفو عنه من أولياء الدم قبيل التنفيذ بيوم واحد! ووجد "السحيمي" صعوبة كبيرة في وصف مشاعره التي روتها دموعه وهو يشاهد والدته بعد خروجه من السجن لصدور العفو عنه، وبصوت متقطع ومليء بالحزن يقول: "أي مشاعر يستطيع الإنسان وصفها وهو يشاهد أمه، كانوا يحاولون إيقافها لكي أحضنها وأسلم عليها، وكانت مشاعر فظيعة جداً لا توصف". وأضاف: "كانت والدتي متكئة على الجدار لأنها تنتظر هذه اللحظة التي انتظرتها سنوات طويلة؛ فكانت بداية حياة جديدة من السعادة والفرح؛ لكن خالطها إحساس وشعور بالذنب؛ إذ كنت سبباً في حدوث المعاناة التي تجرعتها أسرتي ووالدي بعد قضاء الله وقدره". وتفصيلاً؛ استعاد "السحيمي"، أمس، لحظات التهور والغضب والطيش التي أدت به إلى ارتكاب جريمة قتل في إحدى حواري غرب الرياض، ضمن حلقات برنامج "من الصفر" الذي يرأس تحريره ويقدمه مفيد النويصر على قناة mbc. وقال: "في يوم من الأيام من إجازة العيد عام 1417، كنتُ برفقة أحد الزملاء نتمشى في الشارع، وحصلت مشكلة ليس لي فيها أي دخل؛ إذ نشبت مشادة بين شابين كانت بينهما عداودة قديمة؛ فتدخلت لمحاولة فض الاشتباك والصلح، وبينما كنت أقوم بذلك بكل نية طيبة؛ تحولت العداوة ضدي من قِبَل أحد المتخاصمين، وأطلق عليّ السباب والشتم؛ فشعرت بالغضب، ولا شعورياً قمتُ بضربه فحقد عليّ، ثم انتهى الموقف وتفرقنا". واستدرك: "لكن بعد عودتي إلى المنزل خرجت مرة أخرى، وإذ بي أشاهد سيارة تترصدني، وحينها كنت شاباً غراً ولا أعرف عواقب الأمور؛ فمن باب الدفاع عن النفس أخذت سكيناً ووضعتها في جيبي، وبعد توقف السيارة نزل 3 شباب، ودخلت معهم في مضاربات، تسببت في شج في رأسي". وأضاف: "حينها لا شعورياً أخرجت السكين، وحاولت الدفاع عن نفسي؛ فجاءت الطعنة في أحد الأشخاص، ثم انتقلوا إلى المستشفى وأسعفوا أنفسهم، وأنا بدوري ذهبت وأسعفت نفسي، وبعدها عدت إلى البيت، وهناك وجدت حركة غريبة؛ دوريات أمنية وسيارات شرطة، وحينها سلّمتُ نفسي، وفُتِح تحقيق معي لمدة 7 ساعات متواصلة، ولم يدُر في خلدي إلى تلك اللحظة أن الأمور وصلت إلى حدود خطيرة وفيها جريمة قتل". وتابع "السحيمي": "بعد الحكم عليّ بالقصاص، دخلتُ في نفق طويل مظلم ورحلة طويلة من المعاناة والعذاب النفسي خلف القضبان، التي امتدت 5 سنوات، والأسوأ عندما تمنيتُ أن الأرض انشقت وبلعتني في اللحظة التي بلغني فيها كفّ بصر أمي وأنا في السجن"؛ مشيراً إلى أن وفاة والده في السجن كانت من أشد اللحظات إيلاماً على نفسه! وعن نقطة التحول في حياته؛ أشار الأكاديمي السحيمي إلى أنها بدأت في السنة الثانية من دخوله السجن بعد قضائه سنة و6 أشهر في الزنزانة الانفرادية وخروجه إلى إحدى العنابر، والتي تمثلت في القراءة واتخاذ القرارات المصيرية واختيار الصحبة وحبه للتغير ومحاولة أن يكون مؤثراً في زملائه في السجن من خلال تقديم البرامج الترفيهية وطلب مواد علمية من إدارة الشؤون الدينية بالسجن، وبعدها تم ترشيحه رئيساً للعنبر الذي كان نزيلاً به والذي كان يتواجد به 180 شخصاً. وواجه "السحيمي" إحباطات زملائه بالسجن بعدم جدوى إكمال دراسته إذا لم يتنازل أولياء الدم بقوة الأمل والإرادة والتصميم والعزم، وكان يرد عليهم: "ادرسوا وحاولوا قدر ما تستطيعون". وبرغم أن نظام السجن كان لا يسمح للمساجين في الزنزانات في قضايا قتل بالدراسة؛ إلا أن ذلك لم يثنِ من عزم وإرداة "السحيمي" في إكمال دراسته؛ فكان يحاول ويرفع طلبات لإدارة السجن والبحث عن أي وسيلة تساعده على إكمال دراسته؛ فكانت الموافقة في البداية على الدراسة فقط في فترة الاختبارات. وبرغم الصعوبات والتحديات؛ أكمل خلالها المرحلة المتوسطة والثانوية في الفترة النهارية بالقسم الأدبي، وتخرّج بمعدل 98٪ في الفصل الدراسي الأول، وحصل على نسبة 96٪ في الفصل الثاني؛ ليواصل مسيرته العلمية بالدراسة بجامعة الملك سعود في تخصص التربية الخاصة والذي حصل عليه خلال 3 أعوام ونصف، بعدها واصل رحلته في التحدي والإصرار على إكمال دراسته العليا؛ ليحصل على الماجستير والدكتوراه في بلد الابتعاث. وأكد "السحيمي" أنه لن ينسى فضل صاحب الصوت المجهول الذي كان يزرع فيه الأمل لإكمال مشواره في التحصيل العلمي والدراسي خلال سنتين من دراسته؛ بينما كان سجيناً في انتظار القصاص؛ مشيراً إلى أنها كانت لحظات مؤثرة بعد أن قابله صدفه؛ ليتعرف عليه فيما بعد وهو مسؤول شؤون الطلاب بتعليم الرياض آنذاك "إبراهيم العبدالله"؛ إذ ساعده في اختيار الثانوية المناسبة له لإكمال دراسته. يُذكر أن الدكتور بدر السحيمي -حالياً- يتقلد عدة مهام ومسؤوليات؛ فهو أستاذ مساعد بجامعة المللك سعود، ومستشار برنامج التعليم العالي للصم وضعاف السمع بالجامعة، وعضو مجلس إدارة الجمعية السعودية للتربية الخاصة، والمشرف العام على الفروع في المملكة العربية السعودية، وأيضاً هو مشرف وحدة الجودة بكلية التربية، وعضو اللجنة العليا لذوي الإعاقة بالكلية.

مشاركة :