القضاء المتخصص في العدالة الانتقالية في تونس يباشر النظر في جرائم بن علي

  • 5/29/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

باشر القضاء المتخصص في محافظة قابس بجنوب تونس، الثلاثاء، النظر في أوّل قضية قدمتها “هيئة الحقيقة والكرامة” المكلفة العدالة الانتقالية بعد 7 سنوات عن الثورة وهي قضية قتل معارض يتهم فيها الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي وعدد من وزرائه. وأُحدثت “هيئة الحقيقة والكرامة” في 2014 لإنصاف ضحايا سنوات الاستبداد الطويلة قبل ثورة 2011 التي أطاحت بنظام بن علي، وهي تملك سلطة إحالة المسؤولين المفترضين عن حالات قتل واغتصاب وتعذيب وفساد على المحاكم. ويحاكم في هذه القضية 13 مسؤولا من بينهم الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي ووزير الداخلية السابق في عهده حكمه عبد الله القلال ومدير الامن الوطني آنذاك محمد علي القنزوعي بتهمة الإخفاء القسري وقتل الاسلامي والعضو في حركة النهضة كمال المطماطي الذي تم توقيفه في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 1991 بمحافظة قابس وعُذب حتى الموت في السجن، ولم تتمكن عائلته من استرجاع جثته. وتقول لطيفة أرملة المطماطي لفرانس برس “نريد مقاضاة كل من قتلوا وعذبوا”، وتتابع “لقد مررنا بسنوات رهيبة والأصعب من ذلك أننا لم نتحصل على رفاته لليوم”، مؤكدة “لكن هناك فرحة اليوم لأن الحقيقة ستكشف” وقررت المحكمة تأجل النظر في القضية إلى 10 يوليو/تموز القادم للتأكد من دعوة المتهمين دون توضيح ما إذا سيتم توجيه بطاقات جلب دولية أو ترحيل في حقهم، وكانت جلسة اليوم حماسية مكنت من تسليط الضوء على الانتهاكات التي قامت بها الشرطة. وانطلقت أول جلسة بعد 7 سنوات على الثورة داخل قاعة مكتظة وبغياب المتهمين، وصرح المحامي حبيب خذر “هذا يوم استثنائي”، مضيفا “من النادر في العالم أن نتوصل إلى نتائج في قضية اختفاء قسري، لنا جزء من الحقيقة ولكن يبقى الكشف عن أشياء عديدة”. وأمام مقر المحكمة نصبت خيام وتظاهر نحو 150 شخصا مرددين شعارات منها “لا للإختفاء القسري” و”قضاء عادل، بلد آمن”. ويُتهم بن علي ووزراؤه في هذه القضية بـ”المشاركة في القتل العمد” فيما وجهت إلى المسؤولين الأمنيين الآخرين تهمة “القتل العمد تحت التعذيب والإختفاء القسري”. وصدر حكم غيابي بحق بن علي بالسجن المؤبد وحكم آخر بالسجن عشرين عاما بتهم القتل والتحريض على الفوضى والقتل، في في قضايا أخرى من أجل التعذيب وهو يقيم حاليا بالسعودية. ويقيم زين العابدين بن علي في منفاه بالسعودية منذ أن فر من بلاده في مطلع 2011 حين أطاحت بنظامه “ثورة الياسمين”. وصدرت بحقه منذ ذلك الحين أحكام قضائية عديدة بحقه ولا سيما في قضايا قتل وفساد، كما حكم عليه بالسجن مدى الحياة لمسؤوليته في القمع الدموي للمتظاهرين ضده أثناء الثورة (أكثر من 300 قتيل). وفي إبريل/نيسان الفائت قالت رئيسة الهيئة سهام بن سدرين لفرانس براس “إنها جرائم ممنهجة وليست بحالات معزولة” متابعة حديثها “الهدف من اللجوء للقضاء هو مقاومة ظاهرة الإفلات من العقاب”. وأحدثت تونس 13 محكمة مختصة للنظر في الملفات التي ستقدمها هيئة الحقيقة والكرامة وفي كل البراهين والأدلة والشهادات على تجاوزات حقوق الإنسان والفساد التي تكشف تورط مسؤولين في النظام السابق وكانت انطلقت في جمعها منذ 2014. أين ابني وأين دفن؟ بالنسبة لمنظمة هيومن رايتس ووتش، فإن “تمكن القضاء الذي يعتبر في السابق أحد أسس النظام الدكتاتوري من معاقبة المسؤولين، فستكون خطوة متقدمة للديمقراطية في تونس ونموذجا في المنطقة”. وتأمل رئيسة مكتب هيومن رايتس ووتش في تونس، آمنة القلالي، في أن “تكون مناسبة ليثبت القضاء استقلاليته، وأن ينطلق على أسس جديدة” بعد محاكمات غير مرضية إنطلقت في غمار الثورة في 2011″. وخلال جلسات الاستماع العلنية التي نظّمتها الهيئة في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، روت لطيفة، أرملة المطماطي كيف تم توقيف زوجها في مكان عمله قبل إيداعه السجن وتعذيبه، وظلت تبحث عنه من سجن إلى آخر إلى أن علمت أنه قُتل. وقالت لطيفة، خلال جلسة الاستماع آنذاك، “بحثت عنه في كل مراكز الأمن وفي كل السجون، بحثت عنه في كل الأماكن وطيلة سنوات، أريد أن أعرف أين ابني وأين دفن وأن أقرأ عليه الفاتحة”. وقبلت الهيئة نحو 62 ألف ملف وحولت 32 ملفا للقضاء المتخصص في العدالة الانتقالية وكان أوّلها ملف كمال المطماطي الذي قدمته في آذار/مارس الفائت لمحكمة محافظة قابس. وأوكلت للهيئة مهام “كشف حقيقة انتهاكات حقوق الإنسان” الحاصلة منذ الأول من يوليو/ تموز 1955، أي بعد نحو شهر على حصول تونس على الحكم الذاتي من الاستعمار الفرنسي، وحتى 31 ديسمبر/كانون الأول 2013. وتشمل هذه المرحلة فترات حكم الرئيس التونسي الأول الحبيب بورقيبة والرئيس زين العابدين بن علي، وكذلك بعض الحكومات بعد ثورة 2011 التي أطاحت ببن علي. وواجهت الهيئة العديد من الانتقادات والمشاكل الداخلية التي تزامنت مع وصول مسؤولين سابقين للحكم، كما عبرت عن قلة تعاون العديد من مؤسسات الدولة معها في خصوص بعض الملفات. وبالرغم من رفض البرلمان التمديد في عمل هيئة الحقيقة والكرامة التي من المفترض ووفقا للقانون أن تنتهي في 31 مايو/آيار الجاري، غير أن مجلسها قرر التمديد في نشاطه إلى نهاية 2018. والإسبوع الفائت حصل اتفاق بين الحكومة والهيئة للتمديد في نشاطها دون تحديد تاريخ لذلك.

مشاركة :