قال محمد بن سعد الوهيبي المستشار القانوني والمحكم القضائي، لـ"سبق"، إنه "مع صدور الموافقة على نظام مكافحة التحرش والمكون من ثماني مواد، صدمنا بحجم التفسيرات الخاطئة وتجريم العلاقات بين أفراد المجتمع، وهناك من وصل به التجريم إلى قيامه باعتبار إرسال وردة أو قلب رموز تعبيرية (فيسات) من خلال برامج التواصل يعد تحرشاً، وهذا بالتأكيد غير صحيح، حيث إن لأي جريمة ركنين أساسيين وهما المادي والمعنوي، وإرسال هذه الرموز لا يوجد به تصريح برغبة جنسية". وأضاف: "وجدنا أيضاً من يستهزئ بالنظام وينشر معلومات خاطئة عن ذلك؛ لذا علينا أولاً أن نعود لقواعدنا الشرعية الأساسية والتي تقوم عليها المنظومة القضائية لدينا بالمملكة وهو أن حسن النية مقدم على سوء النية، والأصل في الإنسان براءة الذمة، الشك يفسر لصالح المتهم". وتابع: "ومن ثم لو نظرنا لنظام مكافحة التحرش لوجدناه عرف جريمة التحرش بأنها كل قول أو فعل أو إشارة ذات مدلول جنسي يصدر من شخص تجاه أي شخص آخر يمس جسده أو عرضه أو يخدش حياءه بأي وسيلة كانت بما في ذلك وسائل التقنية الحديثة". وأضاف: "مما يعني أن الفعل يجب أن يحتوي على مدلول جنسي، فليس من المعقول أنه عندما يبتسم شخص في وجه الآخر ويخجل الآخر نقوم بتفسير ذلك على أنه خدش للحياء وأنه تحرش، لذا يجب أن نحرص على تفسير ومفهوم جريمة التحرش والذي جاء الأصل به أنه أي فعل مقصود من خلاله الجنس". وأردف: "كما جاء في النظام التشديد على الجهات المعنية في القطاع الحكومي والقطاع الأهلي لوضع التدابير اللازمة لمنع التحرش ومكافحته في إطار بيئة العمل وإلزامها بمساءلة أي من منسوبيها تأديبياً في حالة مخالفة أحكام نظام مكافحة جريمة التحرش على ألا تخل المساءلة التأديبية بحق المجني عليه في التقدم بشكوى أمام الجهات المختصة نظاماً، وهذه من أهم الأمور التي تطرق لها النظام حيث إن النسبة الأكبر لجريمة التحرش تكون داخل محيط العمل من الجنسين". وبين الوهيبي: "وجاء في نظام مكافحة جريمة التحرش العقوبة لأول مرة السجن مدة سنتين، وغرامة ١٠٠ ألف ريال، مما يجعل ارتكاب الجريمة للمرة الأولى ليس من الجرائم الكبرى الموجبة للتوقيف حسب القرار رقم ٢٠٠٠ الصادر من وزير الداخلية". وأشار إلى أن عقوبة السجن لمدة لا تزيد على خمس سنوات وغرامة مالية لا تزيد على ٣٠٠ ألف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين جاءت في حالة العودة أو في حالة اقتران العقوبة بأن المجني عليه طفل أو كان المجني عليه من ذوي الاحتياجات الخاصة أو كان الجاني له سلطة مباشرة أو غير مباشرة بالمجني عليه أو إذا وقعت الجريمة في مكان عمل أو دراسة أو إيواء أو رعاية.. وبذلك هنا تعد هذه الجريمة من الجرائم الكبرى الموجبة للتوقيف بموجب قرار سمو وزير الداخلية رقم ٢٠٠٠، كما لم يغفل النظام المحرض لجريمة التحرش أو من قد يسيء استغلال النظام بتقديم بلاغات أو شكاوى كيدية، ويعاقبهم النظام هنا بنفس العقوبات المذكورة سابقاً. وأكد في حديثه لـ"سبق": "علينا أن نتبع الخطوات النظامية في تقديم البلاغ أو الشكوى حيث عدم اتباع الخطوات والإجراءات النظامية لذلك قد يعرض المبلغ أو المشتكي لعقوبة أشد من المتحرش كالقيام بالتصوير والنشر من خلال شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي أو تهديد المتحرش ومحاولة ابتزازه". وتابع: "الجهات المختصة بتلقي البلاغات وضعت قنوات رسمية واضحة ويسهل لأي شخص الوصول لها لتقديم بلاغه بكل سرية". وأضاف: "كما لم يغفل النظام تغليظ العقوبة في حال كان التحرش صادراً من شخص لنفس جنسه، وهذا الجانب سيكون ملزماً للجامعات تطبيق النظام داخلياً، ومحاسبة من يقومون بالإساءة للآخرين بالايحاءات الجنسية، وإحالتهم للجهات المختصة لاستكمال الإجراءات النظامية بحقهم ومن ثم إحالتهم للقضاء". واختتم حديثه قائلاً: "كما نتطلع بعد تفعيل النظام لصدور اللائحة التفسيرية للنظام ونأمل أن تكون بشكل يليق بنظام بهذا الحجم، وتوضيح آلية حماية المبلغين والشهود".
مشاركة :