يحافظ المسلسل اللبناني «كل الحب كل الغرام» على تفوقه في تحقيق نسب مشاهدة عالية في ظل غزارة إنتاجات رمضان الدرامية. فقد أظهرت أرقام إحصاءات نسب المشاهدة الرسمية عن شركة «إيبسوس نيلسون» تصدُّر المسلسل اللبناني المذكور الذي يعرض على شاشة «إل بي سي آي» المرتبة الأولى، محققا نسبة مشاهدة وصلت إلى 17.7 في المائة بالدقيقة الواحدة، وذلك بعد انقضاء الأسبوع الأول على انطلاق السباق الرمضاني على الشاشات المحلية من الخميس 17 مايو (أيار) لغاية الأربعاء 23 منه. هذا المسلسل الذي تكمل «المؤسسة الوطنية للإرسال» في عرض الجزء الثاني منه في موسم رمضان بعد أن أسر المشاهد اللبناني على مدى الأشهر الأربعة الماضية بات يشكل نجاحه لغزا لم يستطع لا المشاهد ولا القيمين على عرضه تفسير أسبابه. وعلى الرّغم من حبكته البسيطة والسيناريو العادي اللذين يسودان مجريات أحداثه، فإنه استطاع جذب شريحة لا يستهان بها من اللبنانيين الذين يتابعونه. فإيقاع إخراجه البطيء وأسلوب التطويل في أحداثه، إضافة إلى توجيه نقد شديد لتكرار ثلاث مفردات تحمل المعنى نفسه في الحوارات التي تتخلّله من قبل الممثلين المشاركين فيه، إلا أنه تمكن من إحداث الفرق وتميزه على الساحة الدرامية لا سيما وأنّ نسبة مشاهدته وصلت في فترة سابقة إلى 31 في المائة عندما كانت ساحة التنافس تقتصر عليه فقط في الأشهر الماضية. «ليس بإمكاننا تحديد أسباب نجاح هذا العمل فهو يتناول قصة بعيدة عن عصرنا الحالي ضمن حبكة قروية بسيطة تدور في فترة الانتداب الفرنسي على لبنان»، يقول بيار الضاهر رئيس مجلس إدارة تلفزيون «إل بي سي آي» في حديث لـ«الشرق الأوسط» ويضيف: «ولكن ما نحن على يقين منه هو أنّ بطليه كارول الحاج وباسم مغنية لديهما تناغم في الأداء ينعكس إيجابا على أي عمل يقدمانه. فهما سبق وحققا النجاح نفسه في مسلسل (ياسمينا) الذي حصد شهرة واسعة منذ نحو عامين». فكما المشاهدون العاديون وأفراد العائلة الواحدة يتابعون هذا المسلسل فسياسيون وأطباء ورجال أعمال أيضاً يتابعونه باعتراف زوجاتهم اللاتي تفاجأن برد فعل أزواجهم تجاه هذا العمل بعد أن صار محطة يومية ينتظرونها ليليا تاركين وراءهم أي نشاطات اجتماعية أخرى يدعون إليها. وتقول شيرمين حلو: «زوجي طبيب وهو لم يتابع يوما عملا دراميا لا لبنانيا ولا عربيا، إلا أنه اليوم صار يلغي نشاطاته خارج البيت ويطلب مني وأولادي بأن نلتزم الصمت خلال أوقات عرضه». أمّا زينة ملكون فتعلق: «في الحقيقة لا أدري لماذا أتابع هذا المسلسل على الرّغم من انتقادي له بشكل دائم، ولكن تريني وبشكل تلقائي أجلس على أريكة غرفة الجلوس أتابع أحداثه من دون ملل». وما يردده هؤلاء ينطبق على شريحة لا يستهان بها من المشاهدين الذين في المقابل يعللون نجاحه لأسباب معينة: «هو عمل يعود بنا إلى حقبة زمنية كانت فيها (العونة) ومشاركة أهل القرية أفراح وأحزان بعضهم البعض تشكل العنوان العريض لإيقاع حياتهم اليومي، وهو ما نفتقده حاليا في أيامنا، كوننا جميعنا منشغلين بأمور حياتية مختلفة تزيد من التباعد بيننا». تقول ريتا بو رعد معلقة على نجاح «كل الحب كل الغرام». فيما يعتبر المشاهد خليل يوسف أن «غياب الجهاز المحمول والأدوات الإلكترونية ومظاهر العصرنة الحديثة التي تجتاح يومياتنا، تدفع بنا إلى السفر مع هذا المسلسل إلى حقبة نحنّ إليها كوننا نفتقدها ونشتاق لها». ويحكي مسلسل «كل الحب كل الغرام» قصة حب تدور في إطار وطني بين ربيع ونسرين، استقطبت اهتمام المشاهد منذ حلقاته الأولى التي شارك فيها الممثل المخضرم فادي إبراهيم بدور (وجيه). ونرى في المسلسل مشاهد من القرية اللبنانية، من جرار الفخار وأزقتها العتيقة الضيقة وزراعة الأرض وحصاد مواسمها، وكذلك في حوارات بسيطة يعتمدها أهل القرية اللبنانية في تعاطيهم مع الآخر ملقين عليه تحية «سعيدة» أو «عالبركة» التي تذكرنا بأجدادنا، إضافة إلى الروح الوطنية التي تتجلّى في أحداث العمل وتتمثل في رفضهم احتلال الغريب لأراضيهم التي تشكل بحد ذاتها نقطة ضعف لدى اللبناني الذي اختبر معاناتها على مر التاريخ اللبناني. وتكمن عقدة المسلسل في إمكانية لقاء الحبيبين ببعضهما البعض بعد أن افترقا في ظل ظروف اجتماعية فُرضت عليهما. فيبحثان كل من ناحيته عن شرارات أمل يمكنها أن تؤمن لقاءهما مرة جديدة، هما المحافظان على مشاعر الحب الواحد تجاه الآخر على الرغم من المسافات الشاسعة التي تفصل بينهما. أحداث المسلسل التي شهدت تطويلات أرخت بظلّها على مجمل تطوراته، لم تثن المشاهد عن متابعة هذا العمل الذي هو من كتابة الراحل مروان العبد وإخراج إيلي المعلوف. حتى أنّ بعض اللبنانيين يستعملون أسلوب حواراته في أحاديثهم اليومية مستخدمين «المرادفات الثلاث» لكلمة واحدة إشارة منهم إلى انجذابهم لهذا العمل على الرغم من الانتقادات اللاذعة التي وجّهت له في هذا الشأن، إن على صعيد برامج تلفزيونية انتقادية أو من قبل المشاهد نفسه. وصار الأصدقاء عندما يريدون الاستفسار عن بعضهم بعضا يقولون مثلا: «وين هالغيبة يا صديق يا محب يا ودود» أو يمازح الزوج زوجته فيتوجه إليها بعبارة «يا كل الحب كل الغرام» وهو يسألها عن نوع الطبق الذي تحضره له. وبالعودة إلى أرقام الإحصاءات المتعلقة بنسب المشاهدة المرتفعة في المشهد الرمضاني، فقد حل ودائما حسب شركة «إيبسوس نيلسون» المختصة في هذا المجال مسلسل «الحب الحقيقي» (يعرض أيضا على شاشة إال بي سي آي) في المرتبة الثانية حاصداً نسبة 15.4 في المائة، فيما حل «جوليا» على القناة نفسها في المرتبة الثالثة بحيث بلغت نسبة مشاهدته 10.2 في المائة. كما جاء مسلسل «الهيبة» في المرتبة الرابعة و«تانغو» في المرتبة الخامسة مشكلين بذلك لائحة «توب فايف» للمسلسلات الخمس الأكثر مشاهدة في موسم رمضان التلفزيوني اللبناني. تجدر الإشارة إلى أن شركة الإحصاءات «أصداء» (جي إف كاي) من ناحيتها والتي تعترف بأرقامها قنوات منافسة لـ«إل بي سي آي» قد نشرت في 21 الحالي لائحة بنسب المشاهدة المرتفعة التي حصدتها مسلسلات لبنانية على شاشات محلية تصدرها أيضا «كل الحب كل الغرام» ليحل في المركز الأول بنسبة مشاهدة بلغت 21 في المائة (في تلك الفترة المحددة من قبلهم) فيما حلّ «الحب الحقيقي» (17.3 في المائة) في المركز الثاني، و«الهيبة» (يعرض على شاشة إم تي في) في المركز الثالث محققا نسبة مشاهدة بلغت 13.6 في المائة، وهي دائما حسب «أصداء» كانت قريبة من «تانغو» الذي حلّ في المرتبة الرّابعة محققا نسب مشاهدة بلغت 12.8 في المائة حسب لائحتها التي أصدرتها في 21 مايو الحالي.
مشاركة :